أسعد العيداني متهم بتسهيل سيطرة الحشد الشعبي على البصرة مقابل ضمان بقائه محافظا.
 
تتمسك القوى السياسية الشيعية العراقية الموالية لإيران بالحفاظ على جميع مكاسبها، في مواجهة غضب الشارع الثائر منذ ثلاثة شهور، وذلك باختيارها أسعد العيداني، المرشح الجدلي، وصديق قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، لمنصب رئيس الوزراء، خلفا للمستقيل عادل عبدالمهدي، الذي أسقطته احتجاجات أكتوبر المستمرة حتى الآن.
 
وبينما توقع المراقبون أن يستوعب تحالف البناء، أكبر كتلة في البرلمان العراقي، ويضم جميع الأحزاب التي تؤيد السياسات الإيرانية في العراق، ردّ الفعل الرافض لترشيح قصيّ السهيل، الذي يمثل ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، لتشكيل الحكومة الجديدة، ظهر بشكل مباغت اسم محافظ البصرة أسعد العيداني، بوصفه المرشح الرسمي للكتلة الموالية لطهران.
 
ووجد المتظاهرون المرابطون في الشوارع منذ ثلاثة شهور للتنديد بفشل أحزاب الإسلام السياسي في إدارة الدولة، في ترشيح السهيل تحديا صريحا لحركة الاحتجاج الشعبية الواسعة، لكن المفاجأة كانت أكبر عندما طرح اسم العيداني.

ويقول المحتجون إنهم يريدون استعادة القرار العراقي من إيران، لكن الأحزاب الشيعية مصرة على تسمية رئيس وزراء موال لطهران.

ويرتبط العيداني بعلاقة صداقة وثيقة مع قاسم سليماني، وهو أحد الشخصيات  القيادية في حزب المؤتمر الوطني العراقي، الذي يترأسه السياسي الموضوع على قائمة العقوبات الأميركية، آراس حبيب.

وعاقبت الولايات المتحدة حبيب، بسبب ضلوع مصرف البلاد الذي كان يديره في عمليات غسيل أموال لصالح الحرس الثوري الإيراني. وشغل العيداني شخصيا منصب مدير فرع مصرف البلاد في مدينة البصرة، مسقط رأسه، قبل أن يتولّى منصب المحافظ.

وترشح العيداني على قائمة ائتلاف النصر بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، لكنه انشق عنه بعد الفوز، والتحق بحركة عطاء رفقة رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض.

ويتهم العيداني بفتح أبواب مدينة البصرة، الغنية بالنفط، أمام قيادات الحشد الشعبي، للسيطرة على أبرز استثماراتها، لقاء الإبقاء عليه في منصب المحافظ.

وبترشيح العيداني، يجب أن يصدر مرسوم جمهوري بتوقيع الرئيس برهم صالح لتكليفه، وعليه أن يقدم كابينته الوزارية خلال شهر من تاريخ صدور كتاب التكليف.

ويجب أن ينال العيداني وحكومته، ثقة البرلمان، كي يتولى المهام التنفيذية، خلفا للحكومة الحالية.

وعلمت “العرب” أن “رئيس البرلمان محمد الحلبوسي وزعيم تحالف المشروع العربي خميس الخنجر، اللذين يستحوذان على الجزء الأكبر من التمثيل السياسي السني في مجلس النواب، دعّما ترشيح العيداني”، بانتظار معرفة موقف القوى الكردية.

ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي يملك قرار أكثر من 50 نائبا في البرلمان، هم أعضاء كتلة “سائرون”، يدعم ترشيح العيداني، وسط تسريبات غير مؤكدة عن صفقة تتعلق بمنصب محافظ البصرة.

وينظر الصدر إلى البصرة على أنها أحد معاقله التقليدية، لكن الأحزاب الموالية لإيران تمنعه من الاستحواذ على منصب المحافظ فيها.

ووفقا للمعلومات غير المؤكدة فإن الصدر وافق على تأييد العيداني، لقاء إسناد منصب محافظ البصرة لأحد أتباعه.

لكن الثابت، أن تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم وائتلاف النصر بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، يعارضان بشدة تكليف العيداني.

ووفقا للخريطة الأولية، فإن العيداني سيحظى بالأغلبية اللازمة لحيازة ثقة البرلمان، في حال طرحه للتصويت رسميا، بانتظار موقف المتظاهرين منه.

يأتي هذا وسط معلومات تقول إن برهم صالح قد يكون رفض ترشيح العيداني وإنه رفض تسليم كتاب الترشيح.

لكن رامي السكيني، النائب عن سائرون، يقول إن أيّ مرشح ترفضه ساحات الاحتجاج، لن يمرّ، في إشارة إلى العيداني. فيما قال النائب فائق الشيخ علي إن العيداني يأتمر بأمر آراس حبيب الذي يعمل في الاستطلاعات الإيرانية.

ويقول مراقبون إنه بعد سلسلة الأسماء التي تم طرحها من قبل الأحزاب الموالية لإيران صار واضحا أن تلك الأحزاب لن تطرح اسما لشخص يكون مستوفيا للشروط التي وضعها المتظاهرون وبالأخص على مستوى الموقف السياسي المستقل للمرشح وعدم مشاركته في العملية السياسية، وهو ما يعني نزاهته وعدم انخراطه في عمليات الفساد التي كانت السبب في تدهور أوضاع البلد السياسية والخدمية على حد سواء.

واعتبر مراقب سياسي عراقي أن طالما أن الأحزاب لا ترى إلا ما هو في جعبتها فإن العقدة ستظل مستحكمة ما لم يتدخل طرف أقوى منها في فرض شخصية تحظى بالقبول الشعبي، وهو أمر لا تظنه الأحزاب ممكنا على المدى المنظور.

وقال المراقب في تصريح لـ”العرب” إن الولايات المتحدة، وهي الطرف المتوقع تدخله لحل المشكلة، لديها متسع من الوقت تمارس من خلاله دور المراقب الذي ينتظر اللحظة التي يشعر فيها الإيرانيون باليأس من إمكانية أن يكون تدخلهم في الشأن العراقي ذا قيمة ومعنى.

وأضاف أن هذا يعني أن الفراغ الدستوري سيبقى قائما في ظل امتناع رئيس الجمهورية عن الموافقة على واحد من مرشحي الأحزاب ومن ضمنهم العيداني الذي لن تكون الولايات المتحدة مرتاحة لوجوده في منصب رئيس الوزراء ولو لفترة انتقالية، إضافة إلى أن ساحات التظاهر قد رفضته قبل أن يقابل رئيس الجمهورية.