أسباب كثيرة تقف خلف صعوبة النطق لدى الأطفال، والتي يمكن أن تستمر معهم لمراحل عمرية متقدمة مما يتسبب لهم بأذى نفسي واجتماعي إذا لم يتم العلاج مبكرًا.
 
تعرّف أخصائية النطق والسمع الدكتوره سميرة أحمد الزيود اضطرابات النطق بأنها: «خلل أو تأخر أو قصور في الإنتاج الحركي للكلام، أي عدم القدرة على إنتاج الأصوات، سواء كانت بحذف بعض الأصوات كأن يحذف الطفل صوت حرف «س» في كلمة «سيارة» فينطقها «يارة»، أو أن يضيف الطفل صوتًا جديدًا إلى الكلمة المنطوقة (لعبات بدلا من لعبة)».
 
وتلفت إلى أنه: «من اضطرابات النطق أيضا «الإبدال» بحيث يبدّل الطفل صوتًا من أصوات الكلمة المنطوقة مثل (بتك بدل كتب)، مما يترتب على ذلك ظهور مشكلات في التواصل مع الأقران ومهارات التفاعل الإجتماعي ».
 
وتضيف أن: «عسر الكلام يعتبر من الاضطرابات التي تؤدي إلى تغيرات في النطق والصوت والإيقاع».
 
وتشير د. الزيود إلى أن: «تشويه الأصوات أثناء الكلام مظهر آخر من مظاهر الاضطرابات النطقية، يتعلق بدرجة الصوت من حيث شدته، أو ارتفاعه، أو انخفاضه، أو نوعيته مثل الخنف والصوت الخشن أو الغليظ أو اختفاء الصوت أو بحة الصوت والهمس».
 
وتلفت إلى أنه: «من اضطرابات النطق الأخرى، السرعة الزائدة في نطق الكلمات، وربط الجمل مما يؤدي إلى صعوبة فهمه، وينتج عنها مشكلات في التواصل الإجتماعي مع الآخرين»..
 
وتذكر الاخصائية الاجتماعية سوزان خير إحصائيات عالمية تشير إلى أن: «حوالي ١% من سكان العالم يعاني من التأتأة، أي ما يقارب 70 مليون شخص 5% منهم أطفال، ولكن في أغلب الحالات يتخطى ما يقارب 95% من الأطفال الأمر بعد سن الخامسة، بينما يعاني البقية لفترة أطول تعتمد على كيفية التعامل معها».
 
وتابعت أن: «التلعثم عند الأطفال ينتشر عند الذكور أكثر منه في الإناث، فمن بين كل 3-4 ذكور مصابين بالتأتأة، هناك أنثى واحدة مصابة».
 
وحول السلوكيات الجسدية المصاحبة للتأتاة تشير د. الزيود إلى أن: «الطفل يفتح ويغلق عينيه بشكل لا إرادي أثناء لحظة التأتأة، أو ارتجاف وشد عضلات الفك عند الكلام».
 
وتقول إن: «بعض الأطفال يظهر عليهم نوع من الأرجحة، كأرجحة القدمين أثناء استمرارهم بالحديث، وبعضهم يظهر تعبيرات على الوجه كأن يشيح بوجهه عن محدثة أثناء الكلام ويتحاشى التواصل البصري أثناء لحظة التأتأة».
 
وتشير د. الزيود إلى أن: «التأتأة تظهر على الطفل في مواقف كثيرة، كأن يطلب منه أن يتحدث عن شيء ما أمام مجموعة من الناس أو أثناء الحديث مع الغرباء أو إذا قام أحد بتوبيخه أو عقابه، أوعندما يكون في حالة الفرح أو الغضب».
 
وتضيف: «وقد تظهر التأتأة خلال توقف الطفل أثناء الكلام، بعد كلمة أو جملة ما لفترة غير عادية مما يشعر السامع بأنه قد أنهى كلامه مع أنه ليس كذلك».
 
وحول أسباب اضطرابات النطق لدى الأطفال تقول د. الزيود إنه:«يعود أحياناً إلى ضعف السمع، فالسمع أساسي لتعلم إنتاج الأصوات بشكل صحيح وأي مشكلة في السمع (قبل اكتساب اللغة) سوف تؤدي إلى مشكلة نطقية».
 
وتنوه إلى أن: «هناك عوامل أخرى تطورية و انمائية، مثل الإصابة باضطراب طيف التوحد أو أسباب عصبية، مثل الإصابة بالشلل الدماغي، والإعاقة العقلية بدرجاتها».
 
وتشير د.الزيود إلى المسببات العضوية المرتبطةٌ بالاضطرابات أو الأمراض التي تصيب أعضاء النطق مثل: «شق الشفاه وسقف الحلق، ومشكلات اللسان، وتشوه الأسنان، وزيادة حجم الفك العلوي أو السفلي أو كسر أحدهما أو عدم تطابقهما بشكل جيد، أو عدم القدرة على التحكم بالفك السفلي بشكل جيد».
 
وتضيف إلى أن: «العوامل البيئية والتي تتمثل بالنفسية أو التنشئة الاجتماعية أو التقليد والتعليم الخاطئ للكلام في سنوات النمو المبكرة تؤثر على النطق لدى الأطفال».
 
وتشير إلى أن: «الخوف الشديد أو الانفعال لدى الطفل أو عامل التقليد والتعلم الخاطئ، سواء في البيت أو المدرسة أو البيئة، ومنها: عدم تشجيعه على النطق السليم، وتكوين الجمل، ونطق الأصوات بطريقة صحيحة،و القلق والإحباط خلال عملية الحديث، بالأضافة الى تقبل الأسرة لكلامه الخاطئ يؤدي الى تأخر النطق الصحيح لديه».
 
وتشير الزيود الى: «أهمية التدخل المبكر في علاج عيوب النطق لدى الأطفال وتحسين المهارات اللغوية والنطقية لديهم كونهم في مرحلة تطور الدماغ مما يجعلهم اكثر قدره على اكتساب اللغة بسهولة».
 
وتؤكد على أن: «التدخل المبكر والعلاج المكثف والمتابعة من قبل الأسرة والمركز المتخصص بتلك الحالات أو المدرسة، يحقق نتائج مذهلة في التدريب على المهارات اللغوية بشكل أفضل وأسرع».
 
وتنوه د. الزيود إلى: «أهمية دور الأمهات والآباء في معرفتهم وإطلاعهم على التطور اللغوي لأبنائهم».
 
وحول الطرق النفسية التي تحفز الطفل على النطق السليم من قبل الأسرة، يقول المرشد النفسي خالد الطوالبة إن: «هناك أساليب عملية يمكن أن يلجأ إليها الوالدان تجذب ابنهما للكلام بشكل سليم من خلال منحه الاهتمام الزائد وتشجيعه على القراءة بصوت عال، وتكرار الكلمات، والتحدث معه كثيراً خلال اليوم وتجنب الاستهزاء به، ومساعدته على تعزيز ثقته بنفسه بالإضافة الى مراجعة أصحاب الاختصاص».
 
ويؤكد أن «الأطفال الذين يعانون من تأخر الكلام يجدون صعوبة في التواصل والترابط مع أقرانهم، مما يكون له آثار سلبية على صحتهم النفسية في وقت لاحق في الحياة كما تشير الدراسات».