وفقاً للإحصائيات الحديثة الصادرة عن المؤسسة الدولية لهشاشة العظام في العالم، فإنّ امرأة من بين كلّ 3 نساء فوق 50 عاماً تتعرّض لهذا المرض، وواحد من كلّ 5 رجال لكسور الهشاشة.
الهشاشة أو ترقق العظام مرض يتّسم بانخفاض كتلة العظام، وتدهور أنسجتها، كما يؤدي إلى تعطيل البنية الدقيقة للعظام، وبالتالي يحدث ضعفاً كبيراً ويزيد خطر الإصابة بالكسور، لدرجة أنّ السعال الحادّ والانحناء يمكن أن يسببا كسوراً.
تتمثل خطورة المرض في تسلله بشكل تدريجي وصامت، ويظهر عندما تتعرض أجزاء حيوية من العظام للكسر، مثل الفخذ والعمود الفقري، ما يسبّب اعتلالاً شديداً وتدنياً في نوعية الحياة، وزيادة عمر الإعاقة مع الأعباء المالية الكبيرة على المصابين.
 
وباء عالمي
أصبح المرض وباء عالمياً بشكل متزايد نتيجة شيخوخة السكان وزيادة معدل العمر في الوقت الحالي، وعلى الرغم من ظهوره في جميع الفئات العمرية والجنس والأعراق، إلّا أنّه أكثر شيوعاً بين القوقازيين (العرق الأبيض) وكبار السنّ والنساء.
 
 
عوامل الإصابة
وترتبط هشاشة العظام ببعض العوامل كانقطاع الطمث والشيخوخة، ونقص الكالسيوم وأمراض الغدّة الدرقية والكبد، بالإضافة إلى السمنة وتناول بعض الأدوية مثل الكورتيزون والتدخين، كما يعتبر من أكثر أمراض العظام الأيضية المزمنة شيوعاً.
وقد ربطت دراسة أميركيّة جديدة بين المواد الكيميائية الشائعة في مستحضرات التجميل ومعجون الأسنان وبين الإصابة بهشاشة العظام، وذلك بعد تحليل بيانات 1848 امرأة بين عامي 2005 و2010. ووجدت الدراسة أن النساء اللواتي لديهن مستويات أعلى من مادة كيميائية معينة في البول كنّ أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام لاحقاً، وقال الباحثون انّ هذه أوّل دراسة من نوعها تثبت هذه العلاقة.
 
عقار جديد
وعلى هامش إحياء اليوم العالمي لمكافحة مرض هشاشة العظام، والذي يصادف في الـ20 من أكتوبر من كلّ سنة، تمّ الإعلان عن نتائج دراسة أميركية حديثة حول نوع من الأدوية الجديدة الفعالة لهشاشة العظام، وخاصة في حالة تضرّر العمود الفقري. وحسب الدراسة فإنّ هذا العقار له القدرة على إطلاق أو تحرير القدرات البدنية لإنتاج خلايا العظم، وذلك بواسطة وقف نوع من الإشارات الكيميائية التي تقف وراء منع تكوين خلايا العظام بالصورة الطبيعية.
وتشير الدراسة إلى أنّ هذا العقار له فاعلية أقوى بحوالى 4 مرات من الأدوية التقليدية المستخدمة الآن في علاج الهشاشة، ومن المعروف أن غالبية علاجات الهشاشة تهدف الى وقف زيادة ترقّق العظام، ولكن غير فعالة في إعادة تقوية وبناء الهيكل العظمي، ولكن بالدواء الجديد يصبح الهيكل أكثر قدرة على تحمّل الضغوط والأوزان الثقيلة. ويحتاج هذا العقار إلى بعض التجارب فقط، فهو في الطريق إلى الاستخدام، ولكن بعد معرفة درجات الأمان والآثار الجانبية، وموافقة الجهات المختصة.
 
الوقاية ممكنة
يمكن الوقاية من هشاشة العظام عن طريق التشخيص المبكر لهذا المرض، وذلك قبل حدوث الكسور، وتقييم كثافة المعادن والعلاج المبكر، وبالتالي فإنّ زيادة الوعي من شأنها أن تحقّق نتائج فعالة في الوقاية من هذا الوباء.
وفي هذا السياق، دعا تقرير للجمعية الأميركية لأختصاصيي الغدد الصماء الذين شاركوا مع المؤسسة الدولية لهشاشة العظام في إحياء اليوم العالمي لهذه السنة، إلى وضع مسألة هشاشة العظام ضمن أولويات الأجندة العلاجية.
ولفت التقرير إلى أنّ هذا المرض يتسبب في العجز وفي آلام مبرحة للمريض ويقلل من قدرته على الاعتماد على نفسه، مما يؤثر سلباً على جودة الحياة. ونقل التقرير عن رئيس المؤسسة الدولية لهشاشة العظام والخبير بجامعة ساوثامبتون سايرس كوبر قوله: «نسبة الفحص المرتبطة بهذا المرض أقل كثيراً من المستوى المطلوب، ولذلك تتسبّب فجوة الاهتمام في ترك ملايين البالغين بدون حماية في مواجهة الكسور المهددة للحياة». ولفت إلى أنّ أكثر الفئات المعرّضة لخطر الإصابة بهشاشة العظام هم مرضى الجلوكوكورتيكويد والسكّري وكذلك المصابين بفرط نشاط الغدّة الدرقية. واستطرد: «نحثّ المنتمين إلى مجتمع الرعاية الصحية على جعل هشاشة العظام ومنع الكسور ضمن أولويات اهتماماتهم اليومية».
بدروها، قالت الخبيرة الأميركية ساندرا ويبر: «منع هشاشة العظام ممكن، إذ أنّ ممارسات مثل الحفاظ على حمية غذائية متوازنة، وممارسة الرياضة بشكل منتظم، والحدّ من التدخين والكحوليات من شأنها أن تعزز سلامة العظام على مدار حياة المرء». وتابعت: «لا يمكن أبداً القول انّ الوقت مبكر أو فات الأوان لتبنّي عادات صحيّة تساعد على منع هشاشة العظام».
وذكر خبراء أنّ الرجال والنساء في عمر الخمسين على الأقل ينبغي عليهم إجراء فحوصات دورية للتيقن من سلامتهم من هشاشة العظام بالإضافة إلى استشارة خبير غدد صماء إذا عانوا من أعراض المرض التي تتمثل في آلام مبرحة مفاجئة في الظهر. ومن جانبه، قال الخبير فيليب هالبوت: «مع زيادة أعمار السكان في أنحاء العالم، نجد أن تسونامي كسور العظام يقترب، وسيُحدث تأثيراً اجتماعياً واقتصادياً بشرياً هائلاً».