يُعتبر موضوع الجنس في مجتمعاتنا العربية، وحتى في لبنان - على الرغم من أنّه من أكثر الدول العربية المنفتحة - موضوع «تابو»، أي من المحرّمات. ويسبّب الغموض وعدم الوعي حول هذا الموضوع أحياناً مشكلات اجتماعية، وعائلية، وزوجية، وحتى صحية. ويفرض المجتمع على كل فتاة عربية أن تبقى «عذراء» حتى الزواج، فيما يسود الكثير من المعتقدات الخاطئة حول مفهوم العذرية، وحتى حول موضوع الجنس.
سعياً الى نشر الوعي حول مفهوم العذرية في المجتمع اللبناني، أجرت جريدة «الجمهورية» مقابلة مع الدكتورة سندرين عطالله، أخصائية علاج جنسي ونفسي وطبيبة اختصاصية في برنامج WISH.
 
في هذا السياق، قالت د. عطالله، «على عكس ما يظن كثيرون، ليست «العذرية» مفهوماً طبياً أو علمياً. بل هو مفهوم يحدّده المجتمع والفرد. بشكل عام، العذراء هي التي لم تمارس الجنس، ولكن يختلف تحديد ممارسة الجنس من مجتمع إلى آخر، ومن شخص إلى آخر. فيقول البعض إنّ أي ممارسة جنسية تُفقدهم عذريتهم، فيما يعتبر البعض الآخر أنّ الممارسة المهبلية فقط تُفقدهم عذريتهم، وليس أي ممارسة جنسية أخرى. هو إذاً مفهوم اجتماعي، ثقافي وشخصي، للشابات كما للشبان».
 
المعتقدات الخاطئة
1 - غشاء البكارة برهان العذرية
وفقاً لد. ساندرين: «غشاء البكارة هي قطعة جلد رقيقة على فتحة المهبل لدى الفتاة. ويحتوي غشاء البكارة في مركزه بالتحديد على فتحة تسمح بخروج دم الحيض من خلالها إلى خارج الجسم، بالتالي لا يغلق هذا الغشاء منطقة المهبل كلياً. في الواقع، لا تلد جميع النساء مع غشاء بكارة في مهبلهن، وتختلف أشكال وأنواع غشاء البكارة. منها تنزف، وأخرى مطاطة، منها تزول بعد بعض الممارسات الرياضية، ومنها لا تزول إلا خلال الولادة... إذاً، عندما يفحص الطبيب النسائي المرأة (الفحص الطبي)، يمكنه وصف الغشاء، ولكن لا يمكنه معرفة إذا كانت قد قامت بممارسات جنسية أم لا، لأنه لا يعلم إن كان الغشاء بهذا الشكل لدى ولادتها، أو تغيّر نتيجة ممارسات جنسية. أما حالات الاغتصاب، أو العلاقات الجنسية العنيفة، فهي حالات استثنائية. إذ إن فحص الطبيب للمرأة فوراً بعد العلاقة، سيستخلص النتيجة من جراء الجروح في المهبل».
على ذلك، تقول د. عطالله: «لا يثبّت الفحص الطبي أية وقائع. في البلدان الغربية، لا يجرون هذه الفحوصات الطبية، لأنّ نتيجتها لا تُظهر أي وقائع طبية. إذاً، الفحص الطبي المُعتَمَد من قِبَل المحاكم في لبنان ليس علمياً، ولكن من الناحية الإيجابية، هو يساعد أحياناً الأزواج، ولا سيما النساء، في تسريع معاملات الطلاق، أو إبطال الزواج من خلال إثبات عدم إتمام الزواج. ولكن من ناحية أخرى، قد يتمّ الاعتماد على هذا الفحص لتطليق بعض الرجال زوجاتهن أو اتهامهن بممارسة الجنس قبل الزواج، فيما في الحقيقة، المرأة تكون قد ولدت مع هذا الشكل للغشاء، أو تأثر شكل الغشاء من خلال بعض الممارسات الرياضية».
2 - تأثير ممارسة الجنس على فزيولوجية المرأة
من المعتقدات الخاطئة السائدة أيضاً في مجتمعاتنا، أنّ فيزيولوجية المرأة أو الفتاة تتغيّر بعد أول ممارسة للجنس. ولكن علمياً، وبحسب عطالله، «هذا غير صحيح، إذ لا يؤثر الجنس على الدورة الشهرية، ولا على الشعر أو البشرة أو مزاج المرأة أو حتى حاجاتها».
3 - ركوب الخيل، الرياضة القاسية، فتح الحوض (splits) وفقدان العذرية
تقول ساندرين: «من الممكن أن تؤثر بعض النشاطات على غشاء البكارة، ولكن لا يعني ذلك فقدان العذرية. فيفقد الفرد عذريته لدى ممارسة الجنس، وكما ذكرنا سابقاً، هذا مفهوم شخصي غير علمي وغير ثابت. إذ لا علاقة بين غشاء البكارة وفقدان العذرية».
 
 
عملية ترقيع غشاء البكارة
ما من دراسات حول نسبة الشابات اللواتي يخضعن لعملية ترقيع غشاء البكارة. ولكن، من المعروف أنَّ الكثير من الشابات في الدول العربية يخضعن لهذه العملية لإخفاء عن أزواجهن ممارساتهن الجنسية السابقة، نظراً لدقة هذا الموضوع واحتمال تأثيره السلبي على فرصهن في إيجاد زوج والحفاظ على زواجهن، وخوفاً من الطلاق عندما يكتشف أنّها ليست عذراء. عملية ترقيع غشاء البكارة، وفقاً لعطالله «عبارة عن قطب بين الشفتين لتضييق فتحة المهبل، هدفها نزف الفتاة قليلاً عند ممارسة الجنس، ما يؤكّد للشاب أنّها عذراء».
 
المنافع الصحية لحياة المرأة الجنسية
ذكرت د. ساندرين بعض منافع ممارسة الجنس للمرأة (وللرجل أيضاً):
• تعزيز الثقة بالنفس والشعور بالأنوثة،
• الوصول إلى النشوة يساعد على الاسترخاء، وتحسين المزاج والنوم بشكل أفضل،
• تحسين صحة القلب،
• تقوية المناعة،
• تحسين العلاقة بين الشريكين، لأنّ العلاقة الجنسية الصحية تقرّبهما من بعض.
وتماماً كالرياضة، عدم ممارسة الجنس لا يضرّ الصحة، ولكنه يحرم الشخص من منافعه. فضلاً عن ذلك، في حال كانت للمرأة أو للرجل حاجات جنسية، والشريك غير متجاوب، يؤدي الأمر إلى نتائج نفسية سلبية، ويؤثر سلباً على العلاقة. ولكن تجدر الإشارة، أنّ بعض النساء - أو الأشخاص - لا يحببن ممارسة الجنس، لذا عدم ممارسته مع الشريك لا يزعجهن».
 
الوعي الجنسي قبل ممارسة الجنس
شدّدت د. عطالله على أهمية الوعي والنضج النفسي والعقلي لدى الفرد، ولا سيما المرأة أو الشابة، قبل ممارسة الجنس للمرة الأولى، إن كان قبل أو بعد الزواج:
«المعرفة الجنسية أساسية للمرأة لتفادي الألم، فيسبّب الخوف تشنجاً لاإرادياً لعضلات المهبل، ما يمنع عنها اللذة، ويسبب لها عدم الاكتفاء الجنسي، وحتى الألم أثناء وبعد ممارسة الجنس. والتشنج اللاإرادي لعضلات المهبل سببه الأفكار الخاطئة حول العذرية والجنس. وفي بعض الحالات، قد يحول الجهل الجنسي دون ممارسة الجنس لدى الأزواج الجدد، لأنهما «ما بيعرفوا». وفي حال ممارسة الجنس من دون غاية الحمل، يجب أن تعي المرأة ضرورة تناول حبوب منع الحمل، أو الطلب من الشريك استعمال الواقي الذكري، ولا سيما إن لم يجريا الفحوصات الطبية اللازمة من قبل».
 
وختمت د. عطالله بالقول، إنَّ «الصحة الجنسية جزء من الصحة العامة، ومن حق كل إنسان الحصول على الرعاية الطبية الجنسية اللازمة في حال لزم الأمر».