في اطار سلسلة المؤتمرات واللقاءات الحوارية التي يعقدها منتدى التنمية والثقافة والحوار الذي يرأسه القس الدكتور رياض جرجور ، وبالتعاون مع مؤسسة دانميشين الدانماركية ، تشهد بعض المناطق اللبنانية ما بين الثامن عشر والواحد والعشرين من شهر ايلول الحالي نشاطات حوارية متنوعة بحضور وفود من لبنان والدانمارك والاردن وسوريا تحت عنوان : اي دور للحوار الاسلامي – المسيحي في بناء السلم الاهلي؟

 

وتأتي اهمية هذه التجربة الحوارية العربية – الدانماركية نظرا للتحديات المشتركة التي يواجهها العالم العربي والدول الاوروبية لمواجهة الاتجاهات المتشدة والعنفية المنتشرة في العالم والتي تنعكس سلبا على تجارب العيش المشترك والحوار الاسلامي – المسيحي.

 

فماهي طبيعة النشاطات التي تقام من خلال هذه التجربة الحوارية العربية – الدانماركية؟ وماذا يمكن ان تقدم هذه النشاطات من اجل بناء السلم الاهلي في لبنان والعالم العربي؟

برنامج النشاطات ودورها

 

في إطار برنامج الحوار العربي – الدانماركي يأتي هذا اللقاء بعد ستة لقاءات عقدت في بيروت، وكوبنهاغن، واسطنبول، وبيروت. واللقاء السادس كان في عمان – الاردن عام 2018 ، واللقاء الاول في بيروت عام 2012 ، والمشاركون يبحثون قضايا القيم المشتركة، والتنوعوالتعاون المتبادل، وتعزيز الشراكة بين المسلمين والمسيحيين، والمساواة والتسامح. كما أنه في ظل نمو العنف والنزعات العنصرية في العالم كان لا بد من مواجهة التحديات المشتركة.

 

ومن التحديات المشتركة : التفرقة المنتشرة في العالم بسبب الصراعات الدينية والعنصرية، أنواع النزاعات التي تسبب الهجرة وانعكاساتها على التركيبة الدينية والاجتماعية ، الخوف من الاخر والنزعة إلى التعميم الخاطئ في ظل القوميات المتعددة وانتشار التطرف في ظل الظروف القاسية والمريرة المنتشرة في العالم العربي في السنوات الاخيرة.

 

وسيتناول الحوار في نسخته الجديدة في لبنان الاهتمامات المشتركة ومواجهة التحديات التي تواجه منطقتنا بشكل خاص وهي التحديات الاجتماعية والاقتصادية والحوارية والسياسية، ودور "الحوار الاسلامي- المسيحي في تفعيل المواطنة وبناء السلم الاهلي ، وأهميته أنه يأتي في اطار التحضير للقاءات المستقبلية، وخاصة للمؤتمر الذي سيعقد في الدانمرك عام 2020.

 

لقاء بيروت سيكون في مرحلتين: الاولى برنامج زيارات الى مناطق متنوعة في لبنان شهدت أحداث الحرب الاهلية ونجحت في تجاوزها وقدمت نماذج في العيش الواحد والمصالحة، وفي مرحلة ثانية ورشة عمل تشاركية وتفاعلية في مواضيع المواطنة والشراكة من أجل تفاهم أفضل في بناء السلم الاهلي وستعقد في برمانا .

 

ماذا تقدم هذه الانشطة للسلم الاهلي؟

لكن ماذا تقدم هذه الانشطة والمؤتمرات الحوارية للسلم الاهلي في لبنان والعالم العربي؟ واي دور للدانمارك والدول الاوروبية في هذه التجارب؟

 

رغم محدودية هذه التجارب الحوارية واقتصارها على بعض النخب الثقافية والفكرية والمجتمعية ، فانها نجحت في ايجاد كتلة عربية متنوعة ومتعددة في عدد من الدول العربية تحمل هم الحوار والتعاون والمصالحة لمواجهة الحروب المنتشرة في المنطقة ، ومن اجل تفعيل هذه التجارب حرص المشاركون في هذه الدورة على عدم الاكتفاء باللقاءات المغلقة وداخل الفنادق والقاعات ، والانتقال الى عدد من المناطق اللبنانية في الجنوب وجبل لبنان والشمال للتعرف على الاوضاع الميدانية والاستماع لشهادات من الشخصيات التي واجهت الحرب والصراعات وكيفية الانتقال من الحرب الى السلم ، وان تنوع هذه الوفود من عدد من دول عربية تواجه الحروب يساهم في نقل التجارب المشتركة والتأسيس لايجاد كتلة شعبية تواجه الصراعات والازمات وتعمل من اجل نشر السلم الاهلي وثقافة التنوع وقبول الاخر ورفض العنف.

 

وتشكل مشاركة الدانمارك وغيرها من الدول الاوروبية في دعم هذه التجارب والتفاعل مع الدول العربية فرصة مهمة للتعرف على ما جرى في اوروبا من صراعات ، وما هي التحديات الجديدة التي تواجه المجتمعات الاوروبية في ظل انتشار النزعة العنصرية والمخاوف من انتشار العنف في العالم ، اضافة للتعرف على تجارب المسلمين وغيرهم من المهاجرين في هذه الدول.

 

وفي الخلاصة فان هذه المؤتمرات والانشطة نجحت في تشكيل اطر عمل مهمة لتعزيز ثقافة الحوار والتنوع وقبول الاخر ، لكن يبقى التحدي الاساسي في كيفية تعميم هذه الثقافة على المستوى العام سواء لدى القيادات او مختلف فئات المجتمع وهذه مسؤولية كبيرة ، واما وقف الصراعات والحروب والازمات في المنطقة والعالم فانها تحتاج لجهود دولية واقليمية كبرى وتلك مسؤولية اخرى برسم المؤسسات الدولية والامم المتحدة ومنظمات المؤتمر الاسلامي وجامعة الدول العربية والاتحاد الاوروبي وغيرها من الجهات المعنية بحماية الامن والسلم الاهلي في العالم.

المصدر: موقع الأمان الالكتروني