قبل مائة عام على وجه الضبط، وقفت هدى شعراوي في مصر تؤيد دعوة قاسم أمين إلى تحرير المرأة: لقد جعلنا لبناتنا دوراً واحداً منذ ألف عام هو خدمة الرجل، إما زوجة أو جارية! وقف الكثيرون ضد قاسم أمين وضد حركة هدى شعراوي. علماء الأزهر وزعماء وطنيون مثل مصطفى كامل، وأيضاً الخديوي عباس حلمي.

 


ووقف رجل واحد معها، أب الحرية والاستقلال ومصر الحديثة، سعد زغلول. ووقفت إلى جانبه في تحرير المرأة وتحرير مصر، السيدة صفية، التي سوف تُعرف بـ«أم المصريين»، جميعاً. لم يكن مصطفى كامل أقل وطنية من سعد زغلول، لكنه كان أقل شجاعة في الإقرار بقول قاسم أمين إنه لا يستقيم أن نناضل في سبيل الحرية لمصر ونحن نعامل نصف أهلها كالأسرى.

 


قرار التنوير يتخذه المتنورون. في أربع سنين أعطيت المرأة في السعودية ما حُجب عنها منذ قرون. وقد تبدو هذه القرارات عادية في أي مكان آخر في العالم، لكنها في المملكة متغير جوهري في تاريخ الدولة وحياة المجتمع. وأهم سمة في هذا المتغير، هي سمة الأبدية. فلا يتخذ هذا القرار الصعب إلا من كان واثقاً، كأب، من مدى حرصه على شعبه. تذكرنا المناخات الجميلة، هذه الأيام، بيوم قيل إن أكبر مناصر للمرأة المصرية رجل يعتمر طربوشاً.

 


لا بد في مثل هذه القرارات من أمرين أساسيين: الأول، ثقة القائد بمدى محبته للناس، والثاني مدى محبة الناس له. عاش الملك سلمان حياته بين الناس، في خدمة يومية لا شبيه لها في العالم. علاقة مباشرة، وحوار دائم، وثقة متبادلة بلا حدود. والثقة الكبرى لم تكن في حكمه، بل في حِكمته. وهي لم تخذل الناس مرة.

 


هذه الحكمة ترعى الآن ضرورات الحياة وأماني الأجيال. والعالم بأجمعه يرقب ويترقب المرحلة الإصلاحية الكبرى وتنفيذ الرؤية التي قدمت للداخل والخارج على السواء. ما يجري منذ أربع سنين، ليس مجموعة برامج حكومية متلاحقة، بل هو برنامج حكم قائم على خبرة عميقة لا حدود لها، ورؤية طموحة لا حدود لها أيضاً.

 


المرأة، على أهميتها، ليست سوى جزء من المتغير الكبير. لكن بسبب وضعها السابق، تثير الاهتمام أكثر من الخطوات الأخرى. وتهتم صحف العالم بحرية السفر، من دون أن تنتبه إلى أن أهم سفارة سعودية في الغرب، أصبحت مقاليدها في يد سيدة.