يوسف الشاهد يتميز بمعرفة دقيقة للأزمات لكنه يتهم بتوظيف إمكانيات الدولة في تلميع صورته.
 
 سيكون رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد مرشحا بارزا للتنافس على منصب رئيس الجمهورية في انتظار أن تتضح بصفة رسمية قائمة المرشحين اليوم الجمعة وفق موعد تقديم الترشحات الذي أعلنت عنه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
 
وفيما يتهم بأنه يوظف وجوده على رأس الحكومة في حملة انتخابية سابقة لأوانها، فإن الشاهد يترقب موقف شريكه الرئيسي في التحالف الحكومي بشأن الانتخابات الرئاسية، أي حركة النهضة التي لم يعرف بعد هل سترشح قياديا من داخلها مثل عبدالفتاح مورو أو من خارجها، وهل سيكون الشاهد أم عبدالكريم الزبيدي وزير الدفاع كما ألمح إلى ذلك منذ أيام رئيس الحركة راشد الغنوشي.
 
وتجنب الشاهد الإعلان عن موقفه من الترشح إلى حدود كلمته التلفزيونية مساء أمس لكون البلاد في حالة حداد بعد وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي الذي كان له فضل جلب الشاهد إلى المشهد السياسي في سياق خيار تجديد دماء المؤسسات الرسمية بكفاءات شبابية مختلفة.
 
وقال سليم العزابي الأمين العام لحزب “تحيا تونس”، الذي يقوده الشاهد، إن رئيس الحزب سيكون هو المرشح للانتخابات الرئاسية، في تصريح هدف إلى طمأنة جمهور الحزب الذي يضم بالأساس كفاءات إدارية عليا ومتوسطة نجح الشاهد في ضمها إلى صفه بعد الخلاف بينه وبين حافظ قائد السبسي في 2016 بشأن أزمة نداء تونس.
 
ويعتقد متابعون للشأن التونسي أن نقطة قوة الشاهد وحزبه هو المعرفة الكاملة بأوضاع البلاد والقدرة على تقديم تصورات عملية لإنقاذ الاقتصاد وإخراج تونس من أزمتها الخانقة، مشيرين إلى أن إدارة الحكومة لمدة عامين أكسبت الشاهد معرفة دقيقة بالأوضاع وبالحلول كما أكسبته علاقات خارجية مهمة خاصة لدى المؤسسات المالية الدولية.

وكثف رئيس الحكومة التونسية من أنشطته الحكومية وزياراته في الأسابيع الأخيرة، وهو ما دفع خصومه إلى اتهامه بتلميع صورته بالاعتماد على إمكانيات الحكومة، وأنه كان عليه الاستقالة منذ فترة طالما كان يضمر الترشح للرئاسية.

وتقول تقارير مقربة من الحكومة إن الشاهد طلب من وزير دفاعه الزبيدي الاستقالة من منصبه إذا كان يفكر في الترشح للانتخابات الرئاسية، وهو ما يؤشر على قلق من رئيس الحكومة تجاه منافسه المباشر والأكثر حظا في الدور الأول، خاصة بعد حملة مناشدات منظمة تطالب باختيار الزبيدي لقيادة المرحلة المقبلة لكونه كان مقربا من الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ومحل ثقته وخاصة لأنه يمثل المؤسسة العسكرية التي رعت الانتقال السياسي طيلة تسع سنوات.

وإذا كان وزير الدفاع لم يؤكد بصفة نهائية ترشحه، فإن الشاهد سيجد نفسه تحت رحمة المزاج العام الذي أنتجه رحيل قائد السبسي، وهو مزاج جرى بسرعة توظيفه لفائدة الزبيدي.

ولم تعلن الأحزاب الكبرى حتى أمس الخميس عن مرشحيها للانتخابات الرئاسية عشية فتح باب الترشح في انتخابات مبكرة هذا العام بسبب وفاة السبسي.

وتبدأ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في قبول ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية اليوم الجمعة وحتى يوم التاسع من الشهر الجاري.

ومن ضمن قواعد الترشح للانتخابات الرئاسية أن “تتم تزكية المترشّح من عشرة نواب من مجلس نواب الشعب (البرلمان)، أو من أربعين من رؤساء مجالس الجماعات المحلية المنتخبة أو من 10 آلاف من الناخبين الموزعين على الأقل على عشر دوائر انتخابية على أن لا يقلّ عددهم عن خمسمئة ناخب بكل دائرة”.‎

وقال المنجي الحرباوي المتحدث باسم حركة “نداء تونس” الفائز بالانتخابات الرئاسية والتشريعية عام 2014، إن الحزب لا يزال يبحث إمكانية ترشيح أحد الأسماء من داخل الحزب أو دعم مرشح مستقل من خارج الحزب.

ويعتقد المراقبون أن تصريحات قيادات بنداء تونس وبينها تصريحات حافظ قائد السبسي تشي بأن الزبيدي سيكون مرشح الحزب خاصة أنه كان آخر شخصية بارزة التقى بها الرئيس الراحل قبل أيام من وفاته.

ويرى مراقبون أن موقف النهضة سيكون محددا سواء ما تعلق بالدور الأول أو الثاني، وإذا قدمت مرشحا من داخلها، فهذا يعني أنها ستراهن بجدية على موقع الرئاسة، وهو أمر لن يكون في فائدة الشاهد الذي يراهن على استمرار التحالف الحكومي الحالي إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية.

لكن المراقبين يميلون إلى أن الحركة ستلازم الحياد في الدور الأول وتنحاز في الدور الثاني إلى مرشح يحقق لها شروطها.

وقالت “النهضة” إنها ستحسم موقفها من اختيار مرشحها الرئاسي للانتخابات القادمة، غدا السبت.

وأوضح الناطق باسم الحركة عماد الخميري أنّ “الحركة لم تتخذ بعد خيارها النهائي وما إذا كانت سترشح شخصية من داخل الحزب أو خارجه”.

وأضاف أنه “من شروط الحركة لاختيار مرشحها للسباق الرئاسي في حال لم يكن منتميا إليها، أن يكون ممن يتبنون خيارات النهضة في الاستمرار في الانتقال ديمقراطيا والتحلي بمبادئ الثورة”.

وأردف أن الحركة “ستحسم قرارها في هذه المسألة السبت عقب اجتماع مجلس الشورى المقرر عقده بمدينة الحمامات شرقي البلاد”.

من جانبه، أعلن حزب التيار الديمقراطي عن ترشيح رئيسه محمد عبو، فيما سيكون الرئيس السابق المنصف المرزوقي من بين المرشحين لخوض السباق الرئاسي إلى جانب رجل الأعمال نبيل القروي رئيس حزب “قلب تونس”.