حملة إرادة النصر درس عملي عن استحالة تطبيق قرار رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي.
 
استغلت قيادات الحشد الشعبي المكوّن في غالبيته العظمى من ميليشيات شيعية، أوّل حملة عسكرية كبرى يتمّ إطلاقها ضدّ فلول تنظيم داعش بغرب العراق وشماله، بعد إعلان رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي عن إعادة هيكلة الحشد وتوحيد سلاحه تحت راية القوات النظامية، لإثبات الحفاظ على استقلالية تلك الميليشيات التي تحرّكت ضمن عملية “إرادة النصر” التي أعلنها عبدالمهدي، ككيان مواز ينسّق مع الجيش العراقي لكنه لا يتلقّى أوامره من ضبّاطه وقادته.
 
وقالت مصادر مواكبة للعملية العسكرية إنّها لم تلمس أي أثر لقرار إعادة هيكلة الحشد في أي مظهر من المظاهر سواء الأزياء التي يرتديها عناصر الميليشيات أو الرايات التي يرفعونها، أو تكتيكات التحرّك المختلفة عن تكتيكات الجيوش النظامية.
 
ولم تمض بضع ساعات على إعلان إطلاق حملة “إرادة النصر” حتّى أصدرت هيئة الحشد الشعبي أول بياناتها بشأن مشاركتها في الحملة والأهداف التي حقّقتها متجاهلة بالكامل دور الجيش والشرطة العراقيين في العملية العسكرية.
 
وورد في أوّل بيان لهيئة الحشد أنّ “أبرز النتائج المتحققة للعملية العسكرية الكبيرة إرادة النصر التي شرعت فيها قيادة عمليات الحشد الشعبي في نينوى لملاحقة فلول داعش في الجزيرة الكبرى، صباح الأحد، تدمير مضافة للعدو من قبل الحشد في منطقة المالحات جنوب البعاج”.
 
وأضاف البيان ذاته أن “هذه المضافة كانت تحتوي على أعتدة وتجهيزات عسكرية ولوجستية”، مشيرا إلى أنه “تم تدمير معسكر للعدو يحتوي على حاسبات وخيم ومواد لوجستية في منطقة الخيمة في جنوب البعاج”.

وأعلن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي الأسبوع الماضي قرارا وصف بالجريء تعلّق بإعادة تنظيم فصائل الحشد الشعبي وتوحيدها تحت راية القوات المسلّحة، لكنه لم يخل من غموض بشأن كيفية تطبيقه على أرض الواقع في ظل السلطة الكبيرة التي يتمتّع بها قادة الميليشيات المشكّلة للحشد والذين من الصعب إقناعهم بالتخلّي على الأدوات التي تمثّل مصدر قوّتهم وضمانة استمرار سلطاتهم التي كثيرا ما تفوق سلطات الدولة بحدّ ذاتها.

ورأت مصادر عراقية في العملية العسكرية التي أطلقت الأحد “درسا تطبيقيا” بشأن استحالة تطبيق ما تضمّنه الأمر الديواني لرئيس الحكومة بشأن إعادة هيكلة الحشد وتمادي قادة الميليشيات في الحفاظ على استقلالية فصائلهم.

وأعلنت وزارة الدفاع العراقية، الأحد، انطلاق عملية “إرادة النصر” لتطهير مناطق تقع بين محافظات شمال وغربي العراق وصولا إلى الحدود مع سوريا.

وقالت قيادة العمليات المشتركة التابعة لوزارة الدفاع العراقية في بيان “انطلقت صباح الأحد المرحلة الأولى من عملية إرادة النصر بعمليات واسعة لتطهير المناطق المحصورة بين محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار إلى الحدود الدولية العراقية السورية”. وأضافت أنّ “العملية انطلقت بمشاركة قطعات كبيرة من موارد الجيش لقيادة عمليات الجزيرة ونينوى وصلاح الدين”.

وأوضحت القيادة أنّه تشارك في العملية أيضا “قطعات كبيرة من الحشد الشعبي المتمثلة بقيادات محاو نينوى وصلاح الدين والجزيرة، وكذلك مشاركة الحشد العشائري”.

وأشارت إلى أن العملية تتم “بدعم جوي من القوة الجوية وطيران الجيش والتحالف الدولي وتستمر عدة أيام”.

ومن جهته، قال رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي في بيان إن عملية إرادة النصر ستضيف انتصارات جديدة إلى سجل انتصارات قواتنا، مضيفا “نشد على أيدي قواتنا البطلة وستحقق النصر الأكيد بعزيمة الأبطال على عصابات داعش الإرهابية”.

ولوحظ خلال الفترة الأخيرة تزايد نشاط تنظيم داعش في المناطق الحدودية مع سوريا وتحديدا بمحافظتي نينوى والأنبار بعد ورود أنباء عن فرار المئات من عناصر التنظيم الذي تلقّى آخر هزائمه على يد المقاتلين الأكراد المدعومين أميركيا في منطقة الباغوز بالشرق السوري إلى الأراضي العراقية.

كما ازدادت عمليات التنظيم في محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين شمالي العاصمة العراقية بغداد، حيث نفذ سلسلة عمليات استهدفت عناصر أمن ومدنيين.‎ ولا يزال داعش يحتفظ بخلايا نائمة موزعة في أرجاء العراق واتّجه تدريجيا نحو أسلوب شن هجمات خاطفة على طريقة حرب العصابات.

وتكتسي المناطق المستهدفة بعملية إرادة النصر والواقعة بشمال وغرب العراق على الحدود مع سوريا أهمية خاصّة جعلت ميليشيات الحشد الشعبي تتشبث بدور ميداني فيها وتشارك بفعالية في أي عمليات عسكرية تدور على أرضها، ذلك أنّها تمثّل نقطة الربط بين سوريا والعراق، وهي بالتالي جزء من “الطريق” الذي عملت إيران على مدّه بين أراضيها نحو ضفّة البحر المتوسّط مرورا بالأراضي العراقية فالسورية واللبنانية. ومعروف عن الميليشيات الشيعية في العراق ولاؤها لإيران وانخراطها في صراعاتها وعلى رأسها الصراع مع الولايات المتحدة التي تحتفظ بقوات محدودة العدد على الأراضي السورية والعراقية.