ولعلّ أفضل هديّة يُقدّمها معاليه للمدينة والشمال خصوصاً، ولبنان عموماً هي إلغاء الزيارة
 
مع التأكيد على الحقّ الطبيعي والمشروع لأي رئيس حزب لبناني أو وزير أو مسؤول أو مواطن عادي في زيارة كلّ بقعة ومنطقة ومدينة وبلدة في لبنان، فضلاً عن الإقامة والسّكن والاستثمار، إلاّ أنّ الظروف الحالية والتي باتت تُحيط وترافق زيارات رئيس التيار الوطني الحرّ الوزير جبران باسيل لعددٍ من المناطق اللبنانية، تُحتّم الوقوف مليّاً في اختيار المنطقة المنوي زيارتها، وطبيعة التدابير الأمنيّة والإداريّة التي يجب أن تتوافر لحمايته، وأخيراً، ولعلّه قبل كل شيء، التفكير مليّاً، وبتعقُّلٍ كبير، بمحتوى الخطاب السياسي والتّعبوي والوطني الذي يُزمع معاليه إيصاله لمناصريه ومستمعيه وسائر اللبنانيّين، الذين يكتوون هذه الأيام بنيران الأوضاع السياسيّة والإقتصاديّة الحرجة، قبل نيران الخُطب الاستفزازيّة والطائفيّة.
 
 
مناسبة هذا القول الزيارة المرتقبة للوزير جبران باسيل لمدينة طرابلس، ولعلّ أفضل هديّة يُقدّمها معاليه للمدينة والشمال خصوصاً، ولبنان عموماً هي إلغاء الزيارة، والاتعاظ من حوادث الجبل المؤسفة التي رافقت زيارته الأخيرة الاسبوع الماضي، إلغاء الزيارة والاستعاضة عنها بكلمة طيبة تُوجّه لأبناء طرابلس واللبنانيّين عموماً، وحبّذا لو يقوم في هذه الفترة "العصيبة" من تاريخ لبنان بمراجعة جادّة ومسؤولة لمواقفه السابقة، خاصةً المتطرّفة منها، والتي لم يشتمّ اللبنانيون منها سوى تنامي الخطاب العنصري ضد النازحين السوريّين واللاجئين الفلسطينيّين، والطائفي ضد شركائه المسلمين في الوطن الذي لا ينهض إلاّ بجناحيه المسيحي والإسلامي.
 
زيارة يمكن تفاديها، لأنّ التّنبؤ بفداحة ملابساتها من الصعب تقديره، ودرهم وقاية خير من قنطار علاج، وعلى حدّ علمنا وعلم الجميع، فإنّ وزارة الخارجية فيها ما يكفي من المهام الأساسية والمتاعب التي يمكن للوزير جبران باسيل أن يشغل بها  وقته وجهده وطاقته "الزائدة عن اللزوم"، والتي يبدو طوال الوقت محتاراً في كيفية تصريفها وتبديدها.
قيل لقيس بن عاصم المنقري: بِمَ سُدتَ قومك؟ قال: ببذل النّدى، وكفِّ الأذى، ونصر المولى.