احتوت عطلة عيد الفطر السعيد، التصعيد المتفلّت، الذي بدأه رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، في وقت يشهد فيه العالم العربي من شرقه إلى شمال افريقيا (السودان وليبيا) أحداثاً دامية، تمعن في تمزيق الشعب والأرض والثروات، وتتعرض قضية العرب المركزية فلسطين إلى واحدة من أخطر المراحل في تاريخها، تهدف إلى نسف مرتكزات التسوية العادلة والشاملة، والتي ارستها القمم العربية وقمة بيروت عام 2002، وقمم مكة في الأيام القليلة الماضية.
 
ولئن نفت أوساط تيّار «المستقبل» بعد ظهر أمس الخبر الذي جرى تداوله من اتصال أجراه الرئيس سعد الحريري بالوزير باسيل، كاشفة ان آخر تواصل جرى بين الرجلين كان في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء في بعبدا، حيث خرجت الموازنة من مجلس الوزراء إلى ساحة النجمة، وباشرت لجنة المال النيابية في عقد أوّل جلساتها حولها، اهاب رؤساء الحكومات السابقين: نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام، بعد اجتماع عُقد في منزل سلام في المصيطبة، بالرئيس ميشال عون «الذي كرمه الدستور واولاه مسؤولية احترام الدستور، والسهر على حمايته والحفاظ عليه لوضع حدّ نهائي لتلك المواقف والممارسات المستفزة والمتمادية التي تنال من هيبة العهد ومكانته.. في إشارة إلى السجالات التي بدأها باسل، وفتحه للملفات الخلافية.
 
وتوقعت مصادر سياسية ان تتراجع السجالات في ضوء حجم الآثار السلبية للسجالات التي فجرها رئيس التيار الوطني الحر وانشغال اللبنانيين بعطلة عيد الفطر، الذي قد يمتد إلى نهاية الأسبوع الجاري، بانتظار عودة الرئيس الحريري من إجازة العيد التي يمضيها مع عائلته.
 
وحول الإجتماع الذي ركز على المواقف التي صدرت عن الوزير باسيل والامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، وعبر عنها البيان العالي السقف، وصفت مصادر المجتمعين «البيان بالمسبوك واللائق والراقي، وهوعبر عن امتعاض من وجود ارتكابات مخالفة للدستور»، وقالت المصادر لـ«اللواء»: هناك غلط كبير يحصل في البلد ولا بد من الاشارة اليه لتصويب الامور، وهذا يكون فقط بالعودة الى الدستور والقانون والنظام، لكن ما يحصل ان الدويلات اكلت ونهشت الدولة. يعني الدولة صارت مبلوعة من دويلات هنا وهناك. 
 
واضافت المصادر: البعض من السياسيين يتسلى بعبارات ومواقف تؤدي الى مشكلات كبيرة، ويخطر بباله ألاّ ينفذ هذا القانون او ذاك، مع ان تعديل القوانين او تغييرها له باب واحد هو عبرالدستور، ولذلك يجب تصحيح المسار، والعلاج لا يكون بالمراهم الخارجية بل بالعودة الى القواعد التي يحكمها الدستور.
 
ورأت مصادر الرؤساء: ان الموازنة التي اقرت على اهميتها وضرورتها لا تؤدي الغرض المطلوب، فالمطلوب استعادة الثقة بالدولة، لأن الثقة بالدولة الآن صفر.
 
في غضون ذلك، ذكرت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان الرئيس عون حريص على التسوية الرئاسية مؤكدة ان علاقته مع الرئيس الحريري قائمة على الإحترام والتعاون. الى ذلك لم تشأ مصادر رسمية إضافة اي شيء على ما ذكره الوزير سليم جريصاتي بشأن موضوع الأستراتيجية الدفاعية لكن مصادر مطلعة اوضحت ان ما من موعد محدد للبحث بهذا الموضوع وما اذا كان الأمر سيناقش من خلال طاولة حوار او اجتماع معين يحدد شكله لاحقا.
 
وقالت مصادر ديبلوماسية لـ«اللواء» ان رئيس الجمهورية لن يترك مناسبة الا وسيكرر فيها موقف لبنان من ملف النازحين السوريين والتأكيد على عودتهم الى بلادهم. وتحدثت المصادر نفسها عن عدم تسهيل اوروبي واميركي للعودة. واشارت الى ان الوضع في سوريا متأرجح ويتوقع ان يستمر كذلك الى حين اجراء الأنتخابات السورية وقالت انه في آخر إحصاء للأمم المتحدة 83% من النازحين يرغبون بالعودة انما تخوفهم يكمن في اخذهم الى القتال ولذلك هناك حديث عن ضروره الحصول على ضمانات روسية.
 
واشارت الى ان المنظمات الدولية ستقدم مساعدات حيث يتواجد السوريون. وكررت المصادر التأكيد على موقف لبنان المتفق عليه في البيان الوزاري لجهة ان الحل الوحيد هو بعودة النازحين الآمنة ورفض توطينهم في المجتمعات المضيفة.
 
تطوران
 
في هذا الوقت، بقي المشهد السياسي الداخلي متأرجحاً على حبال التوتر الحاصل بين ركني التسوية الرئاسية، أي «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل» من دون ان تبدو في الأفق ملامح وقف أو تسوية التصعيد بين الطرفين، بما يؤشر بأن الأزمة أبعد من كونها خلاف على حكم محكمة، أو على ضابط أمني أو على مشروع تعيينات في الادراج، إلى ما يتصل بأسس التسوية التي جاءت بالرئيس ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، مهما حاول التيار البرتقالي تبسيطها واعتبارها مجرّد تفاهم بسيط لا أساس لها سوى الاعتراف بالآخر».
 
ولكن، وعلى الرغم من خفوت حدة التساجل بين التيارين، فقد برز على هذا الخط تطوران:
 
الاول: نفي مصدر قيادي في تيّار «المستقبل» ما نشر في بعض الصحف في شأن اتصال الرئيس سعد الحريري بالوزير جبران باسيل مجدداً تمسكه بالتسوية الرئاسية وقوله بأنه لن يدخل في الحملة التي يقودها صقور تيّار «المستقبل»، وأكّد المصدر ان رئيس الحكومة لم يتصل بوزير الخارجية والمغتربين، وانهما لم يتواصلا منذ انتهاء مناقشة مشروع الموازنة، الا ان المصدر استدرك قائلاً: بأن هذا النفي لا يعني ان الأمور ذاهبة في اتجاه التصعيد، خاصة بعد الإعلان بأن الرئيس الحريري سيمضي عيد الفطر خارج لبنان.
 
والتطور الثاني، تمثل باللقاء الذي جمع رؤساء الحكومة السابقين: نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام في دارة الأخير، واصدارهم في أعقابه بياناً أعاد إلى الأذهان البيان الذي صدر عنهم في عز أزمة الصلاحيات الرئاسية خلال عملية تشكيل الحكومة، مما أعطى رئيس الحكومة المكلف يومذاك دفعاً تضامنياً قوياً في وجه محاولات سلب صلاحياته، الا ان بيان الرؤساء الثلاثة صوب هذه المرة على ما وصفه «ببعض المواقف والممارسات التي تتقصد فتح سجالات وملفات خلافية، والتي أطلقها بعض الوزراء والسياسيين»، في إشارة إلى الوزير باسيل من دون ان يسميه، مشدداً على انه «ليس من المفيد العودة إلى فتح هذه الملفات الخلافية واثارتها، لا سيما وانه قد جرى حسمها في اتفاق الطائف وفي الدستور، ولما تعنيه اثارتها من جديد من تداعيات خطيرة على الوفاق الوطني والسلم الأهلي.
 
هيبة العهد
 
وأهاب الرؤساء الثلاثة في بيانهم برئيس الجمهورية العماد ميشال عون «الذي كرسه الدستور واولاه مسؤولية احترام الدستور والسهر على حمايته والحفاظ عليه، وضع حدّ نهائي للمواقف والممارسات المستفزة والمتمادية التي تنال من هيبة العهد ومكانته. وشددوا على أهمية التمسك بصيغة العيش المشترك الإسلامي- المسيحي، كما أكّدوا على أهمية التمسك باتفاق الطائف وبالدستور اللبناني والحفاظ على حيادية ومهنية إدارات الدولة ومؤسساتها الرسمية في تعاملها مع كافة الفرقاء دون تحيّز وافتئات.
 
وفي ردّ مباشر على الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، والذي سماه البيان بالاسم، أبدى الرؤساء ميقاتي والسنيورة وسلام، استغرابهم واسفهم للمواقف التي عبر عنها الأمين العام للحزب المعترضة والنازعة عن رئيس الحكومة اللبنانية حقه في الإعلان عن موقف لبنان في مؤتمري القمتين العربية والإسلامية، لجهة التضامن مع الأشقاء العرب، لا سيما وان رئيس الحكومة هو الذي اولاه الدستور الصلاحية في تمثيل الحكومة والتكلم باسمها، وذلك وفقاً لما هو مبين في المادة 64 من الدستور».
 
وفي المقابل، اعتبر الوزير باسيل، ان هناك من يسعى إلى تخريب التفاهم الرئاسي، مشددا على ان هؤلاء لن ينجحوا في ذلك، من دون ان يعترف بمسؤوليته الشخصية عن هذا التخريب، لكنه جدد خلال مؤتمر صحفي عقده وزراء تكتل «لبنان القوي» في مقر التيار في ميرنا الشالوحي للحديث عمّا انجزوه في المائة يوم الأولى من عمر الحكومة، هجومه المبطن على المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، مشددا على ان لا غطاء فوق رأس أحد، ولا لما وصفه «مد اليد الأمنية على القضاء من قِبل الامن».
 
الى ذلك، لفتت مصادر مطلعة إلى ترقب مضامين خطب عيد الفطر اليوم والتي يلقيها عادة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ومفتو المناطق لتلمس الاتجاهات التي ستشكلها الأمور على مستوى الشارع السنّي المحتقن بفعل المس المتكرر بصلاحيات أعلى مراكزه في الدولة.
 
لجنة المال والموازنة
 
عقدت لجنة المال والموازنة اجتماعها الاول امس، لمناقشة فذلكة الموازنة العامة للعام 2019، التي عرضها وزير المال علي حسن خليل، كما بحثت بداية مشروع القانون المحال من الحكومة لتمديد مهلة تطبيق القاعدة الاثني عشرية، وجرى اقراره معدلا وبدل ان تكون المهلة حتى نهاية حزيران، باتت المهلة تنتهي بعد التعديل في 15 تموز، «لعدم ترك المجلس النيابي ولجنة المال تحت الضغط، او الاضطرار لعقد جلسة عامة ثانية لتتمكن الدولة من الانفاق بحسب القانون. كما الغيت الاشارة الى اضافة او اسقاط اعتمادات جديدة، تأكيدا على حرص لجنة المال والموازنة على عدم تجاوز الارقام التي أجازها المجلس النيابي سابقا».
 
ووصفت مصادر نيابية شاركت في الجلسة جو النقاش بالعلمي والموضوعي والحيوي، وقالت: ان وزير المال قدم شرحا للفذلكة في عرض استمر نحو خمسين دقيقة وكان كافيا ووافيا، ثم قدم نحو 15 نائبا مداخلات واستفسارات من دون طرح اية تعديلات او الغاءات بانتظار البدء بنقاش مواد الموازنة حيث تركز الحديث على الاتجاه العام للفذلكة وللسياسة المالية والاقتصادية.
 
 واوضحت المصادر ان عددا من النواب من مختلف الكتل ابرز اهمية مقاربة الموازنة للمرة الاولى للقطاعات الانتاجية والاستثمارية كالصناعة والزراعة والسياحة وتكنولوجيا المعلومات، لكنهم دعوا الى ترجمة هذه التوجهات في قوانين تحفز على الانتاج عبر التسهيلات والاعفاءات. 
 
 ورجحت المصادر ازدياد عدد النواب في الجلسة المقبلة الاثنين المقبل، لغياب العديد منهم امس لانتقالهم الى مناطقهم بسبب احتمال ثبوت عيد الفطر المبارك اليوم.
 
وكانت لجنة المال والموازنة التي التأمت برئاسة النائب إبراهيم كنعان وحضور وزير المال علي حسن خليل و53 نائباً، بما يشبه اجتماع الهيئة العامة، وفي أوّل جلسة خصصت لمناقصة فذلكة الموازنة تمديد قانون الصرف على القاعدة الاثني عشرية إلى الخامس عشر من تموز بدل آخر حزيران، بما يعني احتمال تمديد مهلة إقرار الموازنة إلى تموز بدلاً من آخر حزيران، لكن انتهاء رئيس اللجنة ليلاً من اعداد جدول الجلسات الصباحية والمسائية المخصصة لمواد مشروع الموازنة واعتماداتها، والتي آخرها، بحسب الجدول في 28 حزيران، أعطى انطباعاً بأنه في الإمكان إقرار الموازنة في الهيئة العامة بداية تموز.
 
ووصف كنعان النقاشات بالصريحة والجدية، وقال انه حصلت مكاشفة تامة بين وزير المال والنواب.
 
واشار الى «اننا سجّلنا ملاحظاتنا في مسألة التوظيف على عدم اجراء الحكومة المسح الشامل للقطاع العام كما سبق وتعهدت»، واوضح «ان ٣٥٪ من تركيبة الموازنة هي للرواتب والأجور ولدينا ملاحظات على ذلك سندلي بها عند البحث في الموضوع».
 
اضاف «ننتظر إحالة قطوعات الحسابات المتكاملة عن السنوات الماضية لا العام ٢٠١٧ فقط وهو ما لن نتساهل فيه»، مؤكداً «اننا سندخل في كل مكامن الهدر واي نقاش سيتم بخلفية إيجابية لا تعطيلية».
 
إعادة المحاكمة
 
وليس بعيداً عن هذين التطورين، طرأ ما يُشير إلى احتمال تهدئة نسبية في ملف المحكمة العسكرية، حيث وضعت محكمة التمييز العسكرية بالتنسيق مع النيابة العامة التمييزية يدها على ملف المقدم سوزان الحاج والمقرصن ايلي غبش، اثر تقدّم مفوض الحكومة لدى محكمة التمييز العسكرية القاضي غسّان الخوري بطعن بالحكم الصادر في حق الحاج وغبش، على ان تتم إعادة المحكمة واعتبار الحكم الصادر وكأنه لم يكن. وطلب إدانة المقدم الحاج وبطلان الأسباب التخفيفية فيه للمتهم غبش.
 
وكان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس احال إلى القاضي خوري، بناء لطلبه، ملف الحاج لينكب على دراسته، تمهيداً لطلب النقض وفقاً للصلاحية الممنوحة له في القانون.
 
طعن جزئي بقانون الكهرباء
 
وعلى صعيد آخر، ردّ المجلس الدستوري الطعن المقدم من عشرة نواب، وبينهم نواب حزب الكتائب، حول قانون الكهرباء الذي اقره مجلس النواب في 30 نيسان الماضي، لكنه أبطل الاستثناء الغامض في القانون، والذي جاء في المقطع الأخير من الفقرة «ب» من المادة الثانية في هذا القانون، والتي نصت على الآتي: «باستثناء تلك التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها في مراحل إتمام المناقصات لجهة عقود شراء الطاقة (PPA) بسبب الغموض الذي يكتنفه».
 
وفيما اعتبر باسيل في تعليقه على الطعن بالقانون بأنه لم يكن اساساً مع صدور هذا القانون، وانه كان يفضل حسم مسألة المناقصات في مجلس الوزراء، رأى رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل بأنه يصب في خانة تعزيز مؤسسات الدولة، مشيرا إلى ان هذا القرار يجب ان يكون حافزاً للجميع للالتزام بالقونين المرعية الاجراء.
 
وشدّد على ان المعارضة أثبتت انه بمعزل عن منطق الحجم والعدد في امكانها ان تعطي نتيجة إذا كانت النيّات صافية والعمل جدياً.
 
وغرد نائب رئيس الحكومة غسّان حاصباني، على موقعه على «تويتر» معتبراً بأن المادة التي ابطلت من قانون الكهرباء لزوم ما لا يلزم، مشيرا إلى انه لا يرى ان ابطالها سيعرقل خطة الكهرباء، متمنياً ان يكون العمل بدفتر الشروط قد أنجز لتبقى ضمن مهل تطبيق الخطة المحددة.
 
تأكيد لبناني لأنباء إيرانية نزار زكا سيطلق سريعاً
 
أكدت مصادر رسمية لبنانية، الأنباء التي تناقلتها وسائل اعلام إيرانية عن احتمال إطلاق اللبناني نزار زكا سريعاً من معتقله في إيران.
 
وذكر موقع «تابناك» الإيراني القريب من الحرس الثوري، أن نزار زكا سيُطلق سريعاً من معتقله. ولفت الى أن «إطلاق نزار سيتم استجابة الى طلب الرئيس اللبناني ميشال عون، الذي سبق أن دعا السلطات الإيرانية إلى الإفراج عنه».
 
وقال الموقع إن «طلب الرئيس عون تمت مقاربته بشكل إيجابي نظراً إلى دوره المؤثر، ومن المرجح أن يتم تنفيذ قرار الإفراج عن نزار سريعاً وفي أي وقت».
 
وذكرت وكالة «مهر» الإيرانية، ان السلطات الإيرانية تدرس إطلاق زكا بناء على طلب الرئيس عون.
 
ووفقاً للمصادر فإن «طلب الرئيس عون إطلاق سراح زكا، درس بشكل إيجابي في إيران نظراً إلى مواقف الرئيس عون الداعمة للمقاومة، ومن الممكن أن يطلق سراحه قريباً».
 
وكذلك نقل الخبر نفسه كل من موقع «نور نيوز» ووكالة «ايلنا» وغيرهما من وسائل الإعلام الإيرانية.