الكاتب: جان لويس سماحة
 
تكاثرت في السّاعات الأخيرة الردود والردود المضادة بين روّاد مواقع التواصل الإجتماعي حول هويّة صاحب الإقتراحات الأساسية في الموازنة المرتقبة. لا شكَّ، أنَّ هذا التجاذب المستجد نتج إثر نشر الوزير جبران باسيل ورقة تضمّنت سلسلة اقتراحات دخلت في صلب الموازنة واضعاً نفسه في خانة مَن أنقذ الحكومة من الفشل أمام التحدّيات. فما هي حقيقة الأمر؟
 
في تفنيدٍ مبسَّط يتبيّن أنَّ سلسلة الإقتراحات التي طالع بها باسيل مجلس الوزراء والرأي العام هي إقتراحات قد سبق وتقدّم بها طرفين أساسيين لعبا الدور الأساس في إنجاز الموازنة وهما: وزارة المالية وحزب القوّات اللبنانيّة.
 
فقد تقدّم "القوّات" في شهر آذار المنصرم بهذه المقترحات: "إصلاح أنظمة التقاعد في القطاع العام، تعديل آلية تعويضات نهاية الخدمة وإقرار برامج أنظمة تقاعدية عادلة، إيجاد آلية واضحة تُحقّق عدالة التقديمات الحكومية وتُساهم في تخفيض النفاقات التي تشمل الطبابة والنقل والتعليم، حصر تطبيق الرقم ٣ بمن يستحقّه، توحيد الصناديق الضامنة، إلتزام الحكومة في قرار وقف التوظيف بناءً على القانون رقم ٤٦، رفع الإيرادات وترشيد المصاريف في الاتصالات والمرفأ والمطار..."، ليقوم الوزير باسيل بالإعلان عن ذات الطروحات مع تعديل شكليّ في صياغة بعض عناوينها في الخامس عشر من شهر أيار أيّ بعد مرور أكثر من شهرين.
 
الإقتراحات التي قدّمها باسيل في التاريخ نفسه وقد سبق وطرحها غيره تطول ومنها أيضاً: مطالبة الدكتور سمير جعجع في الخامس من أيار بوجوب إقفال المعابر غير الشرعية، إلتزام وزيريّ القوات في "الشؤون الإجتماعية" منذ العام ٢٠١٧ بوضع حدّ للجمعيات الوهميّة وإلغاء العقود مع تلك المُخلّة بالشروط، مطالبة "القوات" بإلغاء المجلس الأعلى اللبناني السوري في الثالث عشر من أيار؛ كما إدراج وزارة المالية في شهر نيسان الماضي (أيّ قبل شهر من طرحها من قبل باسيل) هذه البنود: حصر معاشات التقاعد بالمتقاعدين أنفسهم، إلغاء تقديمات البنزين، منع إزدواجية الراتب، وضع حدّ لمجموع التعويضات، تخفيض الإجازة السنوية، خفض كلفة خدمة الدين، زيادة الضريبة على ربح الفوائد.
 
بناءً على ما تقدّم، أسئلة عديدة تطرح نفسها، ربّما لا يملك الإجابة الشافية عليها سوى الوزير باسيل نفسه وعلى أبعد حدّ فريقه الإستشاري: لماذا جازف الوزير باسيل في تقديم ورقة إقتصادية قد سبق وتمّ مناقشة جميع بنودها دون إستثناء أفرقاء آخرين في مؤتمرات وعلى طاولة مجلس الوزراء؟ هل فاتَ معاليه ومستشاريه أنَّ التدقيق والتفنيد وتفحّص مصدرها سيطال أجزاءها وسيطغى على محاولة تسويقها في إطار الإنقاذ من قبل "التيار"؟ هل صدّق المُحيطين بالوزير باسيل أنّهم يستطيعون بهكذا "زلّة قدم" كبيرة أن يُعدّلوا في قائمة مُنجزي الموازنة ويضعوا إسم "جبران" على رأس اللائحة في اللحظات الأخيرة وببساطة؟ هل هي صدفة أن تتطابق الطروحات أم أنّها سرقة موصوفة بإمتياز؟