بعض دول الشرق الأوسط ليس فيها قانون بل ديكتاتوريّات، مصالح وهيمنات وعصابات أمّا في تركيا وحده القانون هو الحاكم
 
 
يومًا ما قالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من يُسيطر على مدينة إسطنبول سيحكم تركيا، ومن هُنا تفّهمنا حرص الرئيس على إعادة الإنتخابات في هذه المدينة تحديدًا، لاسيّما وأنّه دخل إلى عالم السياسة من باب إسطنبول الواسع عام 1994.
 
وللوقوف عن ما يجري في الداخل التركي، أجرى موقع "لبنان الجديد"، مُقابلة خاصّة مع الكاتب الصحفي التركيّ، السيّد حمزة تكين، والذي رأى أنّ "مُرشّح حزب الشعب الجمهوري، إمام أوغلو، كان مُتسرّعًا قبل أسابيع باستلامه ومُطالبته إستلام وثيقة الفوز بالإنتخابات بسبب هذا الإصرار وعدم إنتظاره اللّجة العليا للإنتخابات القرار النهائي  قامت اللّجنة الفرعيّة في  إسطنبول بتسليمه الوثيقة وهذا أمرًا قانونيًّا يحقّ لها بذلك كون إمام أوغلو هو الفائز بالنتائج الغير رسميّة وبالتالي إستلم الوثيقة وبدأ يُمارسُ عمله بشكل كامل، إلّا أنّ القانون أيضًا يقول أنّ الوثيقة تُسحب في حال أصدرت اللّجنة العليا للإنتخابات قرارًا مُغايرًا بناءً لطعون الأحزاب وهذا ما حصل".
 
وقال:" أصدرت اللّجنة العليا للإنتخابات صاحبة القرار النهائي في هذا الشأن بعد البحث في كلّ الطعون والوثائق التي قدّمها حزب العدالة والتنمية وتأكّدت من وجود خُرقات قد حصلت بالإضافة إلى عمليّات تزوير وبالتالي أبطلت بالنتائج وقرّرت إعادة الإنتخابات في  23 من حزيران المُقبل، كلّ الخطوات التي حصلت منذُ الإنتخابات سواء كانت من حزب العدالة والتنمية أو من جانب حزب الجمهوري المُعارض كلّ الخطوات التي قام بها هذان الحزبان هي خطوات قانونيّة لا حزب التنمية والعدالة خالف القانون ولا حزب الشعب الجمهوري المُعارض خالف القانون كلّ الأحزاب مُلتزمة بالقانون وبالدستور ومُلتزمة بما تُقرّره اللّجنة العليا للإنتخابات وبالتالي اليوم، في تركيا لا يوجد خلاف حول ما  قرّرته سابقًا اللّجان الإنتخابيّة وما قرّرته اليوم اللّجنة العليا للإنتخابات اليوم الكلّ مُشيد بالنزاهة التي تتمتّعُ بها اللّجنة العليا وإستقلاليّتها وما نسمعهُ من جانب بعض الصحف العربيّة عن أوصاف غير دقيقة تجاه الرئيس أردوغان يكفي أنّ الداخل التركي بمُعارضته وبموالاته وافق على ما صدر والكلّ يتجّه إلى الإنتخابات بكلّ رحابة صدر".
 
 
ولدى سؤالنا، عن سبب إنتقاد ألمانيا إعادة الإنتخابات، أجاب تكين:" في ما يتعلّق بقرار ألمانيا، ليس ألمانيا فقط وإنّما أيضًا مسؤولين محلّيّين في الإتّحاد الأوروبي رأيناهم علّقوا على هذا الأمر عن إعادة الإنتخابات إن كان من خلال تصريحات إعلاميّة أو من خلال تغريدات أو بيانات لكنّ السؤال الذي يُطرح ما علاقة هذه الدول بأمر تُركي داخلي هي مُجرّد إنتخابات بلديّة محلّيّة فهي ليست إنتخابات برلمانيّة ولا رئاسيّة فالإنتخابات البلديّة تعني الشعب التركي فقط لا غير وبالتالي مُجرّد هذا التدخّل يؤكّد أنّ هناك توجّه عالميّ للتدخّل في شؤون تركيا الداخليّة وهذا أمرًا مرفوضًا من جانب الحكومة التركيّة أو من جانب المُعارضة وهذه التدخّلات تُشيرُ إلى سعي الدول الخارجيّة لإضعاف تركيا وزعزعة الإستقرار الداخلي، وما من تدخّل خارجي كان لمصلحة البلد".
 
وشدّد تكين:" من الواضح أنّ هناك إنزعاج من حزب العدالة والتنمية وما قام به من خدمات عديدة على الصعيد العسكريّ، المحلّي، الإقتصاديّ، الأمنيّ والقوّة التي وصلت إليها تركيا اليوم وبالتالي بعض القوّة الدوليّة تُحاول وتُصفّق عندما يخسر حزب العدالة والتنمية. وعلى هذه الدول أن تعلم أنّها على سكّة جديدة مع حزب التنمية أو مع غيره، تركيا لن تعود كما كانت في السابق أيّ منذُ نحو 20 عامًا، دولة ضعيفة سواء مع ذلك الحزب أو ذاك".
 
وعن سبب إصرار إعادة الإنتخابات في إسطنبول، ردّ تكين:"الإنتخابات لن تُعاد فقط في إسطنبول هناك قرارين آخرين قد صدرا من جانب الّلجنة العليا للإنتخابات في منطقتين آخرييتين في تركيا ومن قدّم الطعون في هاتين المنطقتين هما الحزب الجمهوري المعارض وبالتالي اللّجنة العليا للإنتخابات هي التي وافقت على الطعون حزب الشعب الجمهوري وستُعاد أيضًا في حزيران، وهذا ما يؤكّد أنّها اللّجنة مُستقلّة لا تخضع لأيّ جهّة إنّها اللّعبة الديمقراطيّة فلا أحد يستطيع أن يفرض رأيه على اللّجنة على الإطلاق".
 
وإن كانت الإنتخابات البلديّة هي صورة مُصغرّة عن الإنتخابات الرئاسيّة، شدّد "على أنّ هذه الصورة هي مُبالغ بها فهذه الإنتخابات هي محلّيّة ليس إلّا ولكنّ أخذت ضجّة عالميّة فلا أحد مُمكن أن يهتمّ بانتخابات بلديّة بهذا الشكل الذي إتّخذته الإنتخابات البلديّة في تركيا، وهذا ما يؤكّد أنّ تركيا لم تَعُد دولة عاديّة والجميع يودّ التدخّل بها، والإنتخابات البلديّة غايتها إنمائيّة تقدّمها البلديّة والنتائج البلديّة هي ليست صورة عن الإنتخابات الرئاسيّة سواء إن كانت لصالح الرئيس أردوغان أو غيره، ولا يوجد أيّ إرتباك  أبدًا ولن يسكت أحد إن كان هناك تزوير وحزب العدالة والتنميّة لن يسكت عن حقّه".
 
وتسأل تكين:"لماذا يُريد البعض أن يسكُت عن حقّه فهو لم يُسيّر أيّ إنقلاب ولم يتخطّى الشرعيّة ولم يُهدّد الشرعيّة بل على العكس لجاء إلى القانون وحصل على حقّ الطعن، وعن أيّ هيمنة وديكتاتوريّة يتحدّث البعض إذًا؟ "
وأضاف:"القانون هو الوحيد الذي يحكم أردوغان، تركيا وحزب العدالة والتنمية هذه النقطة صعب أن تُفهم في بعض دول الشرق الأوسط فهناك دول ليس فيها قانون بل ديكتاتوريّات، بل مصالح وهيمنات وعصابات أمّا في تركيا وحده القانون هو الحاكم ولا أحد يتجاوزه".
 
من جانبٍ آخر، وصف تكين الوضع الإقتصادي في تركيا بالمُمتاز، قائلاً:"صحيح أنّ اللّيرة ترتفع وتهبط وفق التطوّرات السياسيّة في منطقة الشرق الأوسط، خصوصًا وأنّ تركيا لم تعُد دولة منطوية على نفسها ولها رأي في كلّ صغيرة وكبيرة في المنطقة وأي ملف سيؤثّر عليها في كافّة الأصعدة واللّيرة التركيّة منذ آب الماضي تتعرّض لحرب من جانب الأسواق الدوليّة بدعم أميركي وبعض أنظمة الشرق الأوسط ولكنّ حتى اللّحظة التركيّة صامدة وبقوّة رغم كلّ ما تتعرّض له من حرب كونيّة والإقتصاد التركيّ لا تهزّه إنتخابات ولا تهزّه تطوّرات عسكريّة في سوريا في الفنرة المُقبلة، ووضعت تركيا هدفًا لها في 2023 بأنّ تكون ضمن أقوى الدول إقتصاديًّا أي ضمن 10 دول عالميًّا".