التمرد في الحزب الحاكم من شأنه على الأرجح أن يوفر فرصة لانطلاق حزب جديد يضم قيادات منشقة عن أردوغان.
 
على وقع الهزيمة المدوية التي شهدها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية الأخيرة، وتدهور الوضع الاقتصادي في تركيا، تصاعدت أصوات من داخل الحزب الحاكم رافضة لسياسات الرئيس التركي رجب أردوغان وتحمله مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلاد.
 
وبدأت معارضة داخل الحزب الحاكم في التشكل لإجبار أردوغان على مراجعة سياساته في معالجة قضايا جوهرية في البلاد كالحريات الأساسية وانهيار الليرة.
 
وأكدت انتقادات رئيس الحكومة السابق أحمد داود أوغلو لأردوغان وجود أزمة داخلية في الحزب الحاكم، بسبب غياب تعطيل مؤسسات الحزب وغياب الحوار داخله، وهو ما يؤشر إلى انتفاضة بين "الحرس القديم" الذين عملوا مع أردوغان في فترة رئاسته للوزراء قبل أن يتم تهميشهم بسبب تضخم الأنا والرغبة في تجميع السلطات لدى الرئيس التركي.
 
وفي السياق ذاته، كشف تقارير صحافية عن وجود تمرد ضد الرئيس التركي داخل الحزب، في ظل التدهور الحاد الذي تشهده تركيا منذ الانتخابات المحلية الأخيرة.
 
ووجه أحمد داود أوغلو انتقادات حادّة لحزب العدالة والتنمية، وألقى باللوم في أداء الحزب الضعيف في الانتخابات المحلية الشهر الماضي على تغيير السياسات والتحالف مع القوميين.
 
وفي أول انتقاد علني شديد يوجهه أوغلو إلى أردوغان منذ ترك منصبه قبل ثلاثة أعوام، ندد رئيس الوزراء السابق أيضا بسياسات الحزب الاقتصادية والقيود التي يفرضها على وسائل الإعلام والضرر الذي قال إنه لحق بالفصل بين السلطات وبالمؤسسات، وهو في ذلك يلتقي بشكل أوضح مع موقف المعارضة التي باتت تصف حكم أردوغان بالدكتاتوري.
 
ويسعى أردوغان إلى السيطرة على الأزمة السياسية وتضييق الخناق على المعارضة، لكن بعد عقدين تقريباً من الاستحواذ على السلطة، بات مصير الرئيس وحزبه مجهولاً بسبب الخسائر غير المسبوقة في الانتخابات البلدية، فضلاً عن أن الاقتصاد على حافة الهاوية نتيجة هبوط الليرة إلى أدنى مستوياتها والتهديد الذي يلوح في الأفق بفرض المزيد من العقوبات الأميركية على خلفية صفقة الصواريخ الروسية.

ويرى المحلل الاستراتيجي بمؤسسة السياسة الاقتصادية التركية في أنقرة نهاد علي أوزكان، أن هذا التمرد في الحزب الحاكم من شأنه على الأرجح أن يوفر فرصة لانطلاق حزب جديد يضم الذين يشعرون بالقلق المتزايد إزاء الاقتصاد والتحالف مع حزب "الحركة القومية".

 وحذر من أنه في صورة تجاهل أردوغان اقتراحات منتقديه للإصلاح واختار مواجهتهم بدلاً من مخاطبتهم، فإن المعارضة الداخلية قد تجد نفسها مجبرة على تشكيل حزب سياسي بديل.

ويرجح مراقبون أن أوغلو يعمل الآن على تشكيل حزب جديد يضم قيادات من داخل العدالة والتنمية، بعد لقاءه نحو 50 من أعضاء الحزب وبحث معهم المشروع السياسي المحتمل بشكل فعلي، فأوغلو سياسي مخضرم معروف بـ"حنكته" وثقله في الحزب.

ويتصاعد دخان الخلافات بين أردوغان ورفيق دربه منذ مدة، رغم مساعي نفي وجود هذه الخلافات، إلا أن كافة الدلائل كانت تشير إلى وجود برودة ملحوظة في علاقاتهما.

وأشارت تقارير صحافية في فبراير الماضي، إلى وجود أنباء عن اتفاق بين قيادات سابقة في حزب العدالة والتنمية على تأسيس حزب جديد، وعلى رأس تلك القيادات الرئيس التركي السابق عبدالله غول، وأوغلو، وسلجوق أوزداغ، وغيرهم من قيادات بارزة كانت ابتعدت عن الحزب الحاكم، وهي حركة أثارت غضب أردوغان الذي اتهمهم بالخيانة.

ورأى بركات قار، وهو باحث سياسي وعضو حزب الشعوب الديمقراطي، أن نية أوغلو كانت متوقعة، لأن أزمة العدالة والتنمية ليست وليدة اليوم، وعدد من قادة الحزب الكبار انسحبوا قبل سنوات.

وأكد أن الانشقاق تزايد في الحزب منذ تحويل نظام البلاد السياسي من برلماني إلى رئاسي، عن طريق استفتاء شعبي، حتى يظل أردوغان في السلطة بعدما استوفى الولايات الثلاث المسموح بها في رئاسة الوزراء.