بعد تحذير ترمب لنتنياهو من {العلاقات العميقة} مع بكين
 

في إشارة إلى أن الموضوع بات مقلقاً جداً لإدارته ولأجهزته الأمنية، وجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسالة خطية إلى صديقه الحميم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يطالبه فيها بمراقبة تطور علاقات إسرائيل مع الصين، ويحذره من الاستمرار في وضعها الحالي «منعاً لتضرر التنسيق الأمني الإسرائيلي - الأميركي».

وعلى أثر هذه الرسالة، وما سبقها من إعلانات أميركية حازمة ضد التعاون الإسرائيلي - الصيني، أرسل نتنياهو مستشار الأمن القومي في ديوانه، موشيه بن شبات، إلى واشنطن، أمس (الاثنين)، لالتقاء نظيره الأميركي جون بولتون، للتداول في الموضوع، إضافة إلى بحث قضايا أخرى تتعلق بالموقف من النشاط الإيراني في سوريا، والعلاقات الثنائية.

وحسب مصادر في تل أبيب، فإن بن شبات نقل رسالة باسم نتنياهو، يبلغ فيها الإدارة الأميركية بأنه على وشك الموافقة على آلية جديدة لمراقبة الاستثمارات الصينية في إسرائيل. وسيعرض عليهم سلسلة إجراءات أقدم عليها نتنياهو في هذا السبيل، مثل عقد اجتماعات للمجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية في حكومته (الكابينيت) حول هذه القضية، وقرار تأجيل أي خطوة بشأنها حتى يتم التفاهم مع واشنطن.

ويتضح أن ترمب كان قد طرح هذا الموضوع في سياق لقاءاته الاحتفالية مع نتنياهو، في السادس والعشرين من مارس (آذار) الماضي. وقال المراسل السياسي لـ«القناة 13» بالتلفزيون الإسرائيلي، باراك رافيد، نقلاً عن اثنين من المسؤولين اطلعا على مجريات اللقاء الذي جمع ترمب بنتنياهو في البيت الأبيض آنذاك، إن ترمب كان مباشراً مع نتنياهو، وقال له: «إذا لم تعملوا على الحد من التغلغل الصيني في إسرائيل، فإن التعاون المشترك الأمني والاستخباراتي سيتضرر». كما عبّر ترمب، خلال اللقاء، عن قلق شديد من المشاريع الصينية الضخمة في إسرائيل، التي تتعلق بمجالي الاتصالات والبنى التحتية، الأمر الذي سيتيح الفرصة لنشاط تجسس صيني.

واللافت أن اللقاء المذكور عُقد بعد لحظات من المؤتمر الصحافي المشترك، الذي أعلن خلاله ترمب الاعتراف الأميركي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل. وقد حرص ترمب على جعل استقبال نتنياهو حميماً مميزاً، بل حتى مناصراً له في معركته الانتخابية الداخلية. ولكن، رغم «الأجواء الاحتفالية» الظاهرة للخارج، فقد شاب اللقاء جانب سلبي يتعلق بموضوع الاستثمارات الصينية. وكان هذا الجو متوقعاً، خصوصاً أن وزير الخارجية الأميركي مايكل بومبيو كان قد أنذر نتنياهو خلال زيارته إلى تل أبيب، التي سبقت زيارة نتنياهو للبيت الأبيض بأيام، بأن العلاقات الأميركية - الإسرائيلية ستضرر «خصوصاً التعاون المشترك في مجالي الأمن والاستخبارات، إذا لم تحد إسرائيل من علاقتها المتنامية مع الصين».

وأكد رافيد أن ترمب أبلغ نتنياهو بأنه يستغرب كيف يمكن لإسرائيل أن تسمح بتغلغل الصين فيها، وتتيح لها أن تقيم كثيراً من مشاريع البنية التحتية الضخمة، مثل ميناء حيفا الجديد، وفوز شركات اتصالات صينية في مناقصات لبناء شبكات خليوية في إسرائيل (خصوصاً هواتف شركتي «هواوي» و«ZTE»). ومع ذلك، فإن ترمب لم يقدم إنذاراً نهائياً لنتنياهو، ولم يحدثه بلهجة تهديد، وطلب منه الاطلاع على ما يجري، وأبلغه بشكل واضح بأن التعاون الأمني قد يتضرر، في حال لم يتم الحد من العلاقات مع الصين.

وفي السياق ذاته، كشفت صحيفة «هآرتس» أن باحثين أميركيين أوصوا الإدارة الأميركية بمساعدة إسرائيل في إنشاء آلية لمراقبة التكنولوجيا والاستثمارات الصينية في إسرائيل، بالإضافة إلى أن تضاعف الولايات المتحدة من دورها في مراقبة الاستثمارات الصينية لمنع الإضرار أمنياً بمصالحها. وحذر هؤلاء الخبراء في معهد «راند» من أن ضرر الاستثمارات الصينية في البنى التحتية الإسرائيلية لن يقتصر على إسرائيل، إنما قد يطال الولايات المتحدة الأميركية. وخلص التقرير إلى أن العلاقات الإسرائيلية - الصينية الآخذة بالتوطد ستؤدي إلى تضارب مصالح بين إسرائيل والولايات المتحدة.

وتثير الاستثمارات الصينية في إسرائيل، خصوصاً في ميناء حيفا، قلقاً أميركياً استدعى زيارة من مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون إلى إسرائيل في السابع من يناير (كانون الثاني) الماضي. وذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» حينها أن موضوع الاستثمارات الصينية شكل «الوجبة الرئيسية» خلال اللقاء الذي جمع بولتون بنتنياهو، وهو في صلب الاهتمام الأميركي.