تمثل المدن الكبرى في تركيا ثقلا جغرافيا وديمغرافيا هائلا، وهو ما يجعلها دوما الهدف الأول في أي سباق سياسي، بحيث يستطيع من يفوز بمفاتيحها أن يبني لنفسه زخما سياسيا كبيرا، بينما تشكل خسارتها نهاية غير سعيدة.
 
ولقي حزب العدالة والتنمية الحاكم هزيمة موجعة في أكبر 3 مدن تضم أكثر من ربع عدد سكان البلاد البالغ 82 مليون نسمة، وهي العاصمة أنقرة وإزمير، بالإضافة إلى إسطنبول التي لم يحسم أمرها بعد.
 
وفي حين كانت هزيمة العدالة والتنمية مطلقة في أنقرة وإزمير، فإن الحزب الحاكم والمعارضة إلى الآن يعلنان فوزهما ببلدية إسطنبول.
 
ويقول حزب العدالة والتنمية أنه فاز بفارق 0.07 بالمئة من الأصوات، في حين يقول مرشح المعارضة (تحالف حزب الشعب الجمهوري وحزب الخير) إنه فاز بفارق نحو 28 ألف صوت.
 
وحتى لو أعلن فوز حزب العدالة والتنمية ببلدية إسطنبول، فإن الفارق الضئيل الذي حصل عليه يشكل بحد ذاته صفعة لأردوغان في البلدية التي بدأ منها مساره السياسي.
 
وتمثل خسارة العاصمة صفعة من العيار الثقيل للحزب الحاكم والرئيس أردوغان، فرمزية المدينة سياسيا تجعلها الأهم على الأطلاق في كل الاستحقاقات الانتخابية.
 
ولا يمكن تصور المدينة التي يتركز فيها النشاط السياسي والدبلوماسي ورمز تركيا الحديثة، وهي خارجة عن سيطرة الحزب الحاكم، مما يشير إلى تراجع كبير في معقله.
 
وتتوسط أنقرة البلاد إقليم الأناضول، وقد جعلها مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك عاصمة للبلاد منذ عام 1932، وهي أكبر مدينة من حيث عدد السكان بعد إسطنبول بتعداد بلغ 5 ملايين و400 ألف نسمة وفق إحصاء عام 2017.
 
وتتميز المدينة بخليط ديمغرافي متنوع، فهي وجهة أساسية للباحثين عن العمل من المدن التركية الأخرى خاصة في الدوائر الحكومية.
 
وإضافة إلى الوزارات والسفارات، تضم أنقرة القصر الرئاسي "شان قايا" الذي كان مقر 11 رئيسا منذ عهد أتاتورك، بالإضافة إلى القصر الأبيض الذي بناه أردوغان عام 2014 ، ليصبح بمثابة رمز النظام الرئاسي الجديد.

إسطنبول.. صانعة الحكام

وتمثل إسطنبول الرئة الاقتصادية وأكبر مدينة من حيث عدد السكان، بتعداد يصل إلى أكثر من 15 مليون نسمة.

وينظر إلى إسطنبول على أنها مركز تركيا الثقافي والاقتصادي والمالي، ورمزها الحضاري، وهي الجسر الذي يربط آسيا مع أوروبا.

وتعد خسارة الحزب الحاكم في هذه المدينة، في حال أعلنت بشكل رسمي، أكبر علامة على تراجعه شعبيا بعدما اعتبرها المعقل الطبيعي له على مدار نحو ربع قرن.

وكانت إسطنبول المحطة الرئيسية التي فتحت الباب لأردوغان للصعود بسرعة الصاروخ بعدما فاز في الانتخابات البلدية عام 1994 وتولى رئاستها حتى 1998.

ويعني ذلك أن المدينة "صانعة الحكام" قد تقلب الموازين في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.

إزمير

تعد إزمير التي لقي فيها الحزب الحاكم هزيمة كبيرة لصالح حزب الشعب الجمهوري، المدينة الثالثة الأكثر اكتظاظا بالسكان في تركيا بعد إسطنبول وأنقرة، وهي ميناء التصدير الرئيسي والمدينة الصناعية الثانية بعد إسطنبول.

وتعد إزمير معقل حزب الشعب الجمهوري، والمدينة المتمردة دائما على حزب العدالة والتنمية، علما أن عدد سكانها يبلغ عدد سكانها يبلغ نحو  مليوني و800 ألف نسمة.

وتمتلك المدينة العديد من مناطق الجذب السياحي والترفيهي، إضافة إلى الشواطئ والمراكز الثقافية المختلفة.