توقع اختراق الشريط الحدودي في يوم الأرض
 

في الوقت الذي كان فيه وفد المخابرات المصرية يجري محادثاته مع قادة الأجهزة الأمنية في تل أبيب، بغرض إنجاز اتفاق التهدئة مع حركة «حماس» وبقية الفضائل الفلسطينية المسلحة، وصل رئيس الوزراء ووزير الدفاع الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، صباح أمس الخميس، إلى الحدود مع قطاع غزة، وتفقد قواته المحتشدة في حالة تأهب، وراح يطلق تهديداته بـ«معركة واسعة النطاق».

وقال نتنياهو، بعد أن استمع لإيجاز من قائد القوات البرية ومن قادة الفرق والألوية التي تعمل على هذه الجبهة: «إننا نشدد الطوق الأمني حول قطاع غزة. فقد أوعزت في الأيام الأخيرة بتعزيز القوات المنتشرة هنا، وبإرسال مزيد من الآليات، وبالاستعداد لخوض معركة واسعة النطاق. فليعلم جميع المواطنين الإسرائيليين بأنه لو اضطررنا لخوض معركة واسعة النطاق، فسندخل إليها أقوياء، وبعد أن نكون قد استنفدنا جميع الخيارات الأخرى».

وكانت قيادة الجيش الإسرائيلي قد بدأت حشودها منذ عدة أيام؛ لكنها في الأول من أمس، تلقت تقديرات تقول إن مجموعات من الفلسطينيين الذين سيشاركون في المسيرة المليونية التي ستقام بذكرى يوم الأرض، يوم غد السبت، سيحاولون تنفيذ عمليات اختراق جماعي للشريط الحدودي مع القطاع. وقد أبلغت وفد المخابرات المصرية تحذيراً من تطور كهذا، مؤكدة أنها سترد عليه بكل قوة، إلا أنها لم تكتف بهذا التحذير، ولم تركن إلى جهود الوفد المصري، وقررت زيادة الحشود ووضع قوة قناصين مقابل كل نقطة تماس مع مسيرات العودة، وهي خمس نقاط من شمال القطاع حتى جنوبه. 

وقالت مصادر عسكرية، إن أفيف كوخافي، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، ضاعف عدد الجنود المرابطين في محيط القطاع ثلاث مرات، بما في ذلك الآليات العسكرية والدبابات، وتعزيز معدات المراقبة في حالات التأهب القصوى، والطائرات الحربية بطيار ومن دون طيار، وهليوكوبترات إسعاف لنقل الجرحى من الجنود. 

وجاء قراره، بعد جلسة مشاورات حضرها نتنياهو بوصفه وزيراً للدفاع، ليلة الأربعاء – الخميس، وشارك فيها بالإضافة إلى كوخافي أيضاً، ورئيس جهاز المخابرات (الشاباك)، ناداف أرغمان، ورئيس مجلس الأمن القومي، مئير بن شبات، وكبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية. وقد اتفقوا على إعلان «حالة تأهب قصوى»، لجملة من السيناريوهات قد تحصل السبت، وضمن ذلك إلقاء عبوات ناسفة وقنابل صوتية وإشعال إطارات، ومحاولات لاقتحام السياج الحدودي.

وجرى كل ذلك في الوقت الذي كانت فيه المفاوضات في أوجها بين إسرائيل و«حماس» وبقية الفصائل بوساطة المخابرات المصرية. وحسب مصادر إسرائيلية كثيرة، وافقت إسرائيل على تقديم تسهيلات كثيرة للفلسطينيين مقابل التهدئة الموقتة، وتسهيلات أكبر بعد الانتخابات البرلمانية للكنيست، المقررة يوم التاسع من شهر أبريل (نيسان) المقبل. وضمن التسهيلات المقترحة للمرحلة القريبة: زيادة عدد الشاحنات التي تدخل قطاع غزة عن طريق معبر كرم أبو سالم، وزيادة مشروع التشغيل المؤقت التابع للأمم المتحدة، من 25 ألف عامل حالياً إلى 40 ألفاً، وتوسيع مساحة الصيد قبالة شواطئ غزة لتصل إلى 12 ميلاً، وتطوير خطوط الكهرباء من إسرائيل إلى قطاع غزة، وتسهيلات في التصدير والاستيراد، والمصادقة على إدخال جزء من المواد التي كانت تعتبر مزدوجة الاستعمال، ويمنع إدخالها في السابق. 

وفي المقابل، طلبت إسرائيل وقف المواجهات الليلية، ووقف المسيرات البحرية في شمال القطاع قبالة بلدة «زيكيم»، التي تتم حالياً في كل يوم اثنين، والتعهد بألا تكون «مليونية العودة» يوم السبت، في ذكرى يوم الأرض وذكرى مرور عام على مسيرات العودة، عنيفة، ويتوقف فيها تماماً إطلاق بالونات حارقة أو أي مواد متفجرة.

وبناء على هذه التطورات، قالت مصادر في تل أبيب، إن «الجولة القتالية الحالية بين إسرائيل وقطاع غزة تتراجع قليلاً إلى الوراء، بيد أن ذلك لا يمنع الجولة القتالية التالية القريبة». وحسب الخبير العسكري، عاموس هرئيل، فإنه «من الصعب التوصل إلى اتفاق شامل عشية الانتخابات في إسرائيل. فنتنياهو - الذي قطع زيارته إلى الولايات المتحدة بسبب إطلاق الصاروخ باتجاه موشاف مشميرت شمالي تل أبيب - يجد صعوبة في تقديم تنازلات جدية تبني عليها حركة (حماس)، وذلك لأن خصومه السياسيين سوف يعرضون ذلك على أنه (تنازل وخنوع للإرهاب). وبالمقابل، تواجه حركة (حماس) ظروفاً ليست سهلة، فهي بحاجة إلى إنجاز حقيقي لتقديمه إلى الغزيين، خصوصاً في أعقاب مظاهرات الاحتجاج على الأوضاع المعيشية في القطاع، والتي نظمت في الأسابيع الأخيرة». وتابع هرئيل: «بصراحة، يجب القول إن المعركة الانتخابية تؤثر على أداء نتنياهو بشأن قطاع غزة؛ حيث إنه عاد من واشنطن وبدأ المشاورات الأمنية بدافع الخشية من النظر إليه كمنعزل عن مشكلة مستوطني غلاف غزة».