وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة دعت إلى «تجنب التصعيد» بعد القرار الأميركي
 

أكدت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، أن موقف المنظمة الدولية حيال الجولان السوري الذي تحتله إسرائيل منذ عام 1967 «يستند إلى قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة» في إشارة خصوصاً إلى القرار 497، مشددة على دعم سيادة سوريا وسلامة أراضيها، غير أنها دعت إلى تلافي «أي سوء تفاهم أو أفعال من شأنها تصعيد الأوضاع».

وعبّرت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام عن «القلق البالغ» لدى الأمين العام من تدهور الوضع في إدلب خلال الأسابيع الأخيرة؛ إذ إن ذلك يؤدي إلى «ضغط هذا التصعيد على مذكرة التفاهم بين روسيا وتركيا»، آملة في أن تساعد الدوريات المنسقة بين روسيا وتركيا على تجنب المزيد من التصعيد في شمال غربي البلاد. ودعت الدول الضامنة إلى «العمل معاً لمعالجة موضوع المجموعات الإرهابية المدرجة في قائمة مجلس الأمن بامتثال تام للقانون الإنساني الدولي»، معتبرة أن «هذا ضروري لتجنب النزوح الجماعي، وكارثة إنسانية أخرى». وأشارت إلى أن «(قوات سوريا الديمقراطية) أعلنت الأسبوع الماضي أنها بدعم من الولايات المتحدة والتحالف الدولي، استعادت السيطرة على الباغوز، آخر ما تبقى من الأراضي التي تسيطر عليها (داعش) في سوريا»، مؤكدة أن «هذا تقدم مهم في مكافحة الجماعات الإرهابية، التي تسببت في بؤس لا حصر له لعدد لا يحصى من الضحايا». ونبهت إلى أن «الكثير من العمل لا يزال مطلوباً لمعالجة تهديد (داعش) بشكل كامل». وذكّرت المجتمع الدولي بأن «عمليات مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تتجاوز مسؤوليات حماية المدنيين». وإذ أشارت إلى الأهداف الخمسة التي حددها المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن للتسوية المرجوة في سوريا، قالت ديكارلو: إنه بالنسبة إلى الهدف الأول عقدت اجتماعات «في العمق حول القضايا التي يغطيها القرار 2254»، موضحة أن الحكومة والمعارضة «ترحبان بحوار واسع النطاق». ودعت إلى «تحديد خطوات ملموسة لبناء الثقة نحو بيئة آمنة وهادئة ومحايدة». أما بالنسبة إلى الهدف الثاني فطالبت بـ«عمل ملموس لإطلاق المحتجزين والمختطفين وتوضيح مصير المفقودين»، مؤكدة أن مكتب المبعوث الخاص قدم عدداً من الاقتراحات الملموسة لمجموعة العمل الخاصة بالمحتجزين والمختطفين والمفقودين». وأفادت بأن «الأمم المتحدة تريد إطلاق أكبر عدد ممكن من الأشخاص المحتجزين وتوضيح مصير المفقودين». وقالت: إن الهدف الثالث يركز على «مشاركة أصوات طائفة واسعة من السوريين - داخل سوريا وعبر الشتات - في العملية السياسية». واعتبرت أن هذه المشاركة «تساعد المجتمع السوري في تعزيز الملكية السورية (للعملية السياسية) وفي تشكيل مستقبله». أما بالنسبة إلى اللجنة الدستورية، وهي الهدف الرابع، فيمكن أن تعمل - وفقاً لديكارلو - على «فتح الباب أمام عملية سياسية أوسع». وأكدت، أن «الهدف الخامس هو تحسين الحوار والتعاون الدوليين بشأن سوريا»، ملاحظة أن «الأوضاع في إدلب والركبان والحول تقود إلى عدم يقين حيال (...) احتمال التصعيد الإقليمي»؛ مما يؤكد «الحاجة إلى استمرار هذا التعاون».

وأكدت ديكارلو، ختاماً، أن موقف الأمم المتحدة في شأن الجولان السوري المحتل يستند إلى قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة بهذا الخصوص. وهي قالت: إنه «يتعين أن نتلافى أي سوء تفاهم أو أفعال من شأنها تصعيد الأوضاع»، مشددة على أن «جهود الأمم المتحدة لتيسير العملية السياسية في سوريا، بما يتوافق مع القرار 2254 ستتواصل لدعم مبادئ سيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها».

وقال مدير دائرة التنسيق لدى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية، راميش راجاسينغام: إنه بعد ثماني سنوات من الحرب، فإن «نهاية الأزمة الإنسانية في سوريا لا تزال بعيدة المنال»، موضحاً أن «تقييمات الأمم المتحدة تشير إلى أن 11.7 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية داخل البلاد في 2019». وكذلك «يعيش أكثر من 5.6 مليون من السوريين لاجئين في كل أنحاء المنطقة». وأضاف: إنه «بينما انخفض العنف في الكثير من المواقع، فإن أماكن أخرى شهدت في الأسابيع الأخيرة عدداً متزايداً من القتلى والجرحى المدنيين»، لافتاً إلى أن «الوضع في إدلب والمناطق المحيطة في شمال غربي سوريا لا يزال مبعث قلق بالغ». وأفاد بأن «عشرات الآلاف من النازحين، وغالبيتهم العظمى من النساء والأطفال، لا يزالون يصلون إلى مخيم ألف1 هوي في محافظة الحسكة من محافظة دير الزور في جنوب شرقي البلاد». وأشار إلى الوضع في حاجين والباغوز وغيرهما من المناطق الأكثر تضرراً مباشرة من عمليات مكافحة «داعش»، ملاحظاً أن «ارتفاع مستويات المخاطر من المتفجرات سيمثل عقبة خطيرة أخرى أمام العودة الآمنة لعشرات الآلاف من المدنيين النازحين من المنطقة».

ورحب بالجهود المبذولة لدعم الحلول الدائمة لأكثر من 41 ألف شخص لا يزالون عالقين في مخيم الركبان، موضحاً أن «نحو 95 في المائة من الذين أخضعوا لمسح أجرته الأمم المتحدة وفرق الهلال الأحمر العربي السوري الشهر الماضي، عبّروا عن رغبتهم في مغادرة المخيم، على رغم أن معظمهم سلط الضوء أيضاً على هواجس الحماية».

وكان مقرراً أن يعقد مجلس الأمن جلسة طارئة دعت إليها دمشق ليناقش خلالها مسألة هضبة الجولان.

وقال السفير الفرنسي فرنسوا دولاتر، إن بلاده التي تترأس مجلس الأمن في الشهر الحالي اقترحت على شركائها الـ14 في المجلس تحويل الجلسة المغلقة التي كانت مقررة مسبقاً للبحث بشأن قوّة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اندوف) في الجولان، إلى جلسة طارئة عامة استجابة للطلب السوري.

واحتلت إسرائيل الجولان عام 1967 وضمتها عام 1981، ووقّع ترمب الاثنين على الاعتراف بسيادة إسرائيل على الهضبة، مثيراً موجة من الاحتجاجات في العالم ضد هذا القرار الذي يأتي في أعقاب قراره عام 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وأوضح دولاتر أمام الإعلاميين، أنه ليس متوقعاً في هذا الوقت صدور قرار عن الجلسة الطارئة. وقال في تلميح ضمني إلى معارضة الولايات المتحدة المرجحة ضد أي قرار يدين تغيّر السياسة الأميركية، أن «تحضير وثيقة شيء، وتبنيها أمر آخر».

وخلال اجتماع شهري الثلاثاء كان مخصصاً للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، أظهر عدد من أعضاء مجلس الأمن (أوروبيون، جنوب أفريقيا، إندونيسيا، الصين...) استياءهم حيال القرار الأميركي الخروج عن الإجماع الدولي بشأن الجولان الذي تعتبره الأمم المتحدة بموجب قرارات أصدرتها «أرضاً محتلة». وقالت الدول الأوروبية الخمس الأعضاء في مجلس الأمن (ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وبلجيكا، وبولندا) في بيان رسمي: «لا نعترف بسيادة إسرائيل على المناطق التي تحتلها منذ يونيو (حزيران) 1967، بما في ذلك هضبة الجولان».

وشددت هذه الدول على أن «ضم الأراضي بالقوة يحظره القانون الدولي». وقالت: إن «أي إعلان بشأن تغيير الحدود من جانب واحد يتعارض مع قواعد النظام الدولي وميثاق الأمم المتحدة». وندد السفير الفرنسي بشدة خلال المحادثة مع الصحافيين بموقف واشنطن. وقال: إن الأسس التي اتفقت عليها الأسرة الدولية من أجل سلام دائم في الشرق الأوسط «ليست خيارات أو قائمة يمكن الاختيار منها كما نشاء».

وتابع: «الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان مخالف للقانون الدولي، وخصوصاً واجب عدم اعتراف الدول بوضع غير قانوني».

من جانبه، قال السفير الأميركي جوناثان كوهين: إن «السماح للنظامين السوري والإيراني بالسيطرة على مرتفعات الجولان سيكون بمثابة غضّ الطرف عن الفظائع التي يرتكبها نظام (الرئيس بشار) الأسد، وعن وجود إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة».

بدوره، قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة، داني دانون، في بيان الأربعاء: «طوال 19 عاماً، استخدمت سوريا الجولان موقعاً متقدماً ضد إسرائيل». وأضاف الدبلوماسي «اليوم، إنها إيران التي تريد وضع جنودها عند حدود بحيرة الجليل (طبرية). إسرائيل لن تقبل أبداً أن يتحقق هذا الأمر، ولقد حان الوقت لكي يعترف المجتمع الدولي بأن الجولان سيبقى تحت سيادة إسرائيل إلى الأبد».