الكلام على محاربة الفساد، ليس صادقا ولا مسؤولا، ولن يجعل من لبنان جمهورية فاضلة. فخلاصة محاضرة “حزب الله” في العفة المالية، كما قدمها نائبه حسن فضل الله، ان الفساد وجهة نظر، وان التهمة تليق بطرف دون غيره، بحسب موقعه من الحزب، فاذا كان حليفا فمغفورة له خطاياه، وما أكثرها، وإلا كان سهلا حْبك “رواية” عن فساد ينسب اليه. والطريقة التي افتتح بها النائب ملف الفساد، تشي برغبة في اختلاق مماحكة سياسية مع خصومه، وليس محاربة الفساد، بدليل نصه، الذي كما تقول الأغنية، “سمّى الجيرة وسمّى الحي” ولولا شوي سمى الرئيس السنيورة، لكنه تجنب كي يزعم، لاحقا، ان رئيس الحكومة السابق تعرف الى نفسه، في النص، فدافع عنها.

الخلاصة الثانية، أن الحزب يستأنف حربه على مشروع رفيق الحريري وسعد الحريري لإنهاض البلاد، وان ما يمثله المشروع ومرجعيته هو نقيض ما يريده الحزب ولن يرضى به.

الخلاصة الثالثة هي استسهال استغباء الرأي العام بشعارات مضللة، كـ”أشرف الناس” بمعنوياته الزائفة، وكاحتكار مقاومة الاحتلال، بتصفية رجال “المقاومة الوطنية”، فيما زعم “اليوم المجيد” رفع من شأن الفساد في الوطنية، واستُكمل بـ”اقتطاع” “بيئة حاضنة”، لمصلحة مشروع اقليمي توسعي، بعنوان مذهبي قومي لا يمت بأي قرابة الى هوية لبنان ومحيطه، ويستعدي العرب جميعا على حساب اعمال اللبنانيين ووظائفهم في دول مجلس التعاون الخليجي. والمشروع نفسه عطّل خلال الحرب كل محاولة لوقفها خدمة لإيران الباحثة عن موطئ دور في لبنان.

الخلاصة الرابعة، ان هذه الحرب المزعومة على الفساد ليست أكثر من قنبلة دخانية لتعمية اللبنانيين، عموما، عن دور الحزب في إيصال الوضع الاقتصادي الاجتماعي الى ما هو عليه من تردٍ وسقوط، وتاريخه الداخلي منذ 1982 الى اليوم لا يبرئه.

يقتضي الاصلاح أن تبدأ بنفسك ثم بأخيك، على ما تربينا عليه من قيم. والحزب الذي يزعم نفسه راعيا لها، يقفز فوق نفسه، وفوق أخيه، ويسدّ أنفه عن رائحة الفساد حوله ومنه. فكل اللبنانيين، مؤيدين وخصوما، يقصّون الروايات عن “فضائله” في هذا المجال، من البناء في المشاعات وأراضي البلديات والناس، الى نقل البضائع من مرفأ اللاذقية الى البقاع، مقابل جعالات تسرق من درب الدولة “مونته” في القضاء والمخافر. وفي معزوفته عن الـ11 مليار دولار، يتناسى مسؤوليته والحلفاء عن اقفال مجلس النواب وتعطيل الحياة في وسط بيروت لما يقارب السنتين، ورفض رئيس السلطة التشريعية تسلم مشاريع موازنة الدولة، خلال أعوام الهدر المالي المزعوم.

الحرب على الفساد اولها الانصياع للقانون والدستور، وألف بائه الخضوع لاحتكار الدولة قرار السلم والحرب، وليس تطبيق منطق “الكيبوتز” الصهيوني، بحجة انتظار اعتداء اسرائيلي، في يوم ما، وتاليا تأبيد الفساد الاساسي المسكوت عنه: جعل الدولة في كنف الدويلة.