كتبت جنى جبور في "الجمهورية": هو ثالث أكثر السرطانات المنتشرة حول العالم، ورغم ذلك من غير المسموح في يومنا هذا أن يغلب سرطان القولون المصاب ويسبّب الموت. ولتحقيق هذا الهدف يلعب كل فرد فينا دوراً اساساً في حماية نفسه أو الحصول على علاج فعّال وشافٍ. فما هي واجباتكم الطبية التي تنقذ حياتكم؟
 
بعد سرطان البروستات والرئة يصاب الرجال بسرطان القولون، أمّا عند النساء، فيأتي بعد سرطان الرحم والثدي والرئة. وفي الفترة الاخيرة، ارتفع عدد الاصابات بهذا السرطان لا سيما في لبنان، واذا امكننا القول إنّ "الجهل" هو السبب الاول والاساسي للاصابة.
في هذا السياق، قال اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي وتنظير وكبد وبنكرياس الدكتور خليل شدياق لـ "الجمهورية": "حرام بالـ2019 يموت حدا بسبب سرطان القولون"!
 
وتابع: "صحيح، أنّه توجد عادات يمكن السيطرة عليها لمنع الاصابة، ولكن توجد امور اخرى لا يمكننا التحكّم بها. وفي التفاصيل، يستطيع كل انسان الحفاظ على وزن صحي والابتعاد عن البدانة، التحكّم بنوع الاكل والابتعاد عن اللحم الاحمر (يمكن تناوله مرّة أو مرتين في الاسبوع)، الابتعاد عن التدخين واحتساء الكحول بشكل مفرط، ممارسة الرياضة بشكل دائم والابتعاد عن الخمول الذي يتميّز به الشعب اللبناني. في المقابل، لا يمكن مواجهة او السيطرة على التقدّم في السن، التاريخ العائلي مع سرطان القولون والامراض الوراثية، والالتهابات المزمنة على مستوى القولون".
 
التحكم والسيطرة على طريقة عيشنا، يؤمنان لنا نسبة وقاية تراوح بين 30 و40 في المئة، ولكن قد نفشل بمنع الاصابة عند وجود اسباب وراثية مثلاً. لذلك، يمكن التكلم عن "الوقاية" و"الاكتشاف المبكر"، اللذين يحققان النتيجة نفسها.
 
ويوضح د. شدياق أنّ "سرطان القولون هو صامت، وبالتالي لا يسبّب غالباً ايّ عوارض قد تؤشر للمريض عن اصابته. ويتمثل الاكتشاف المبكر، بالخضوع لنوعين من الفحوصات: الاول، فحص البراز والثاني عبر التنظير (اثبتت الدراسات العلمية أنّ المنظار أدق في هذه الحالة). الكثير من الاشخاص لا يحبذون الخضوع للتنظير، لذلك نعمد الى أخذ عيّنات من برازهم لفحصها ومعرفة اذا كانت تحتوي على الدماء، أو على نوع من الخلايا السرطانية، واذا كانت النتيجة ايجابية عندها نضطر لإخضاع المصاب الى الفحص عبر المنظار.
 
هاتان الوسيلتين، على الجميع دون ايّ استثناء الخضوع الى احدهما في عمر الـ50 "وعلى صحة السلامة"، اي حتّى لو لم يوجد في عائلته ايّ تاريخ مرضي مع سرطان القولون.
 
أمّا في حال وجوده في العائلة (الاب والام أو الاقرباء كالخال او العم) فننصح أفراد العائلة بالتوجه للكشف الروتيني قبل 10 سنوات من عمر اصابة المريض. وبشكل أوضح، نقصد أنّ اذا اصيب الوالد بسرطان القولون في عمر الـ50، على أولاده كافة اجراء الفحص التشخيصي قبل 10 سنوات من هذا العمر، أي عند بلوغ الـ40 عاماً، وذلك لأنه في 90 في المئة من الحالات يبدأ السرطان من خلال ثالولة صغيرة تتطوّر مع مرور الوقت الى سرطان، وبمجرد القيام بالفحوصات اللازمة واكتشاف المشكلة، يمكننا التخلص منها سريعاً، وتكون نسبة الشفاء ممتازة.
 
وتجدر الاشارة، الى أنّ الثالولة تشكل خطراً اذا كانت من النوع الذي يتحول بوقت سريع الى سرطان. وعند استخراجها وبعد زرعها وبحسب نوعها يحدد الاختصاصي متى يجب معاودة الخضوع الى المنظار مرّة ثانية. أمّا في حال عدم وجود ايّ مشكلة فننصحه بالعودة بعد 10 سنوات للكشف من جديد".
 
يتطوّر سرطان القولون بطيئاً، ما يؤكد أهمية الكشف المبكر الذي يؤمن النتائج الفعالة. ويشير د. شدياق الى أنّ "80 في المئة من الثآليل يمكن التخلص منها بواسطة المنظار. ولكن لا يمكن التخلص من التي يفوق كبرها الـ3 سنتيمترات، والتي توجد فيها التقرّحات، أو التي يمكن أن تكون قد تحوّلت الى سرطان، وهنا من المهم تحديد المرحلة التي وصل اليها المرض، واذا كان قد انتقل الى اعضاء اخرى او لا، عندها نقرّر العلاج حسب حالة المريض، فيمكن إخضاعه للجراحة أو العلاج الكيماوي، أو الى الاثنين معاً"، مؤكداً أنّ "الثآليل، تحتاج من 7 الى 10 سنوات كي تتحوّل الى سرطان، كذلك فإنّ علاج المرض في مرحلته الاولى يؤمن نسبة شفاء بنسبة 100 في المئة. لذلك، إنّني فعلاً اتعجب وأحزن عند معاينتي أشخاصاً مصابين بسرطان القولون في ايامنا هذه. وفي هذا الصدد، أطلب من الجميع التحلّي بالوعي الكافي والابتعاد عن الاهمال لحماية أنفسهم أو عائلتهم عبر نقل هذه المعلومات لهم والالتزام بها، لمنع الإصابة غير المبرّرة في الـ2019 بسرطان القولون".