خطة أميركية تراهن على دعم كردي سني في مواجهة النفوذ الإيراني.
 
قالت مصادر دبلوماسية رفيعة في بغداد إن الزيارة المفاجئة التي قام بها القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي في “البنتاغون”، باتريك شاناهان، إلى العراق، تركز على بحث الترتيبات المرافقة لعملية الانتشار الجديدة، التي بدأت القوات الأميركية في تنفيذها، مع الإعلان عن بدء انسحابها من سوريا.
 
وتحمل الزيارة رسائل متعددة إلى الحكومة العراقية وإلى الميليشيات الشيعية وإلى طهران مفادها أن واشنطن جادة في مواجهة النفوذ الإيراني في العراق.
 
وقال شاناهان للصحافيين المرافقين له، حيث حطت طائرته بشكل مفاجئ في بغداد، الثلاثاء، “نحن في العراق بدعوة من الحكومة ومن مصلحتنا بناء قدرات الأمن العراقية”.
 
وأضاف “أريد أن أسمع منهم بنفسي عن مخاوفهم والعوامل السياسية التي تواجههم ثم سنأخذ ذلك بوضوح في الاعتبار في تخطيطنا”.
 
وأبلغت المصادر العراقية “العرب” بأن المسؤول الأميركي الرفيع “جاء ليشرح للزعماء العراقيين أسباب الحاجة الفعلية لتعزيز مستوى الوجود العسكري الأميركي في البلاد خلال الأشهر القليلة القادمة”، تطبيقا لاستراتيجية الرئيس الأميركي، الرامية إلى مراقبة الأنشطة الإيرانية انطلاقا من الأراضي العراقية.
 
وأكدت المصادر أن “هدف الزيارة الرئيسي هو شرح خطة عمل القوات الأميركية في العراق خلال المرحلة المقبلة”.
 
وأشارت إلى أن الخطة الأميركية الجديدة في العراق تستهدف تعزيز نفوذ واشنطن العسكري في مناطق شمال وغرب العراق، في محاولة لعزل السكان الأكراد والعرب السنة عن تأثير النفوذ الإيراني المهيمن في وسط وجنوب البلاد.
 
وتدفقت قوات أميركية جديدة على قواعد عسكرية في أربيل ونينوى شمالا، وصلاح الدين شمال غرب العراق، والأنبار غربا.
 
ونقلت الولايات المتحدة جزءا من جيشها في سوريا إلى موقعين عسكريين في أربيل، كما عززت وجودها العسكري في قاعدتي “القيارة” جنوب مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، و”بلد” قرب مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين.
 
وقالت المصادر إن القوات الأميركية أكملت عملية نقل جنودها ومعداتها إلى قاعدة “عين الأسد” في غرب الأنبار، وبدأت تتحرك بشكل عكسي نحو الحدود السورية، لتمشيط المناطق الواقعة بين القاعدة والحدود مع سوريا، وكشف مناطق انتشار فصائل مسلحة موالية لإيران في المنطقة.
 
وبحسب مراقبين، فإن الخطة الأميركية الجديدة تستند إلى ترحيب كردي سني، في محاولة للحد من النفوذ الإيراني الذي يحاول أن يتمدد في مناطق شمال وغرب العراق.

وتقول المصادر إن الاستراتيجية الأميركية التي تتجه نحو توفير “حماية عسكرية للمناطق السنية بالذات، تستجيب لمخاوف ناشئة، بشأن إمكانية نشوء تمرد جديد في هذه المناطق، في ظل الهيمنة الشيعية على القرارين السياسي والعسكري، وعجز الساسة السنة عن انتزاع حدود هذا المكون”.

وردا على ذلك، تدفع فصائل مسلحة موالية لإيران لديها تمثيل في مجلس النواب العراقي، إلى تشريع برلماني لإخراج القوات الأميركية من العراق.

وتسببت زيارة القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي إلى العراق في إثارة مواقف مناهضة.

ويقول هاشم الموسوي، المتحدث باسم حركة النجباء العراقية القريبة من إيران، “تصريحات وزير الدفاع الأميركي محاولة لشرعنة بقاء قوات بلاده في العراق”.

وطالب الموسوي “الحكومة بكشف عدد القوات الأميركية ومهامها في البلاد وإظهار حقيقة ما يدعيه الجانب الأميركي حول الاتفاق المزعوم”، بين الولايات المتحدة والعراق.

ويرى عضو المكتب السياسي لحركة النجباء فراس الياسر أن “النوايا الأميركية بدأت تتضح شيئا فشيئا بعد زيارة شاناهان”، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة “أمام أبواب مغلقة وتحاول إعادة تصدير نفسها بأي طريقة بعد خروجها من سوريا، الذي يعتبر انتكاسة كبيرة بالنسبة لها”.

وأكد أن “البرلمان يعمل على إقرار قانون لإخراج القوات الأميركية من البلاد”.

وصارت الولايات المتحدة تنظر بعين الاعتبار إلى مناورات الأحزاب والميليشيات العراقية الموالية لإيران، سواء من خلال مجلس النواب أو من خلال الضغط المباشر على الحكومة للكشف عن موقفها من الانتشار الأميركي في العراق بعد الانسحاب من سوريا.

ولم يستبعد مراقب سياسي عراقي أن تكون زيارة شاناهان محاولة للعمل في اتجاهين، أولهما يتمثل بطمأنة حكومة عادل عبدالمهدي بأن العراق لن يكون قاعدة لضربة متوقعة لإيران، وثانيهما هو الضغط على الميليشيات لوقف تحركاتها لدفع الحكومة إلى مراجعة بنود الاتفاقية المبرمة مع الولايات المتحدة.

واعتبر المراقب في تصريح لـ”العرب” أن زيارة مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى إلى بغداد، تأكيد على أن الولايات المتحدة ماضية في تنفيذ خطتها لمراقبة إيران من الأراضي العراقية وهي الخطة التي أعلن عنها الرئيس ترامب في وقت سابق.

وتبدو الزيارة المفاجئة للقائم بأعمال البنتاغون رسالة إلى إيران كما أنها في وجهها الآخر رسالة إلى القوى العراقية المناهضة للهيمنة الإيرانية على العراق، والتي سترحب بالخطوة الأميركية وستكسب المزيد من التأييد الشعبي حين يتسع نشاطها مع شعورها بأن الولايات المتحدة جادة في إنجاز مشروعها في احتواء الدور الإيراني في المنطقة.