كأن شبحاً يُخيّم فوق التعبير وحريّاته في لبنان، بالرغم أن حريّة التعبير لا تتمتع دوماً بقدرةٍ منهجيّةٍ على التأثير والتغييّر، تراها وُضِعَت قيد التقنين كحالنا مع الطاقة والماء.
 
يلعبُ الإنقسام الطائفي والسياسيّ، دورًا بارزًا في إضعاف الإعلام اللّبنانيّ، خصوصًا وأنّ الإنشراخ هذا، يُصيبُ صميم مؤسّسات المجتمع، ممّا ينعكسُ بقوّة على الوسائل الإعلاميّة المحلّيّة. 
 
وتُصنّفُ التجربة الإعلاميّة في لبنان ضمن خانة "اللّيبراليّة"، إلّا أنّ الإعلام لا يزال أسير عوامل عدّة داخل المُجتمع تضعه مباشرةً أمام تناقضاته فتحدّ من تقدّمه وتضعُ له الكثير من القيود وأحيانًا يكون ضحيّة مواقفه.
 
وما أجّج الإنقسام العمودي للمجتمع عندما أصبحت الوسائل الإعلاميّة إمتدادًا مُباشرًا للأحزاب السياسيّة والطائفية، حيثُ هيمنت السياسة والخطابات التحريضيّة، لاسيّما وأنّ قانون الإعلام المرئيّ والمسموع، لم يكن له دورًا أساسيًّا سواء من حيث مضمونه أوّ من خلال طريقة العمل عليه. 
 
وفي ظلّ هذا الوضع، يُخيّم شبح الإعتداء فوق حرّيّة التعبير، بينما معركة الحريّات ليست في أوجها، لاسيّما وأنّ الصحافة تمرُّ بأزمةٍ ماليةٍ غير مسبوقة أصبحت محور إهتمامها هو الإستمراريّة في ظلّ إقفال مؤسّساتٍ صحافيّة. 
 
وتعرّضت قناة "الجديد"، لإعتداء فجر اليوم حيث رمى مجهولون قنبلة يدويّة على المبنى وقد إقتصرت الأضرار على المادّيّات.
 
وفي التفاصيل، فإنّه قرابة الساعة 3:45 فجر اليوم أقدم مجهولون على متن سيارة مرّت بسرعة من أمام المبنى على رمي القنبلة قبل أن يكملوا طريقهم إلى جهة مجهولة.
 
وحضرت فورًا الأجهزة الأمنيّة لمعاينة مكان الإعتداء وباشرت تحقيقاتها بالحادث.
 
وأكّد مدير العلاقات العامّة في قناة "الجديد"، إبراهيم الحلبي، أنّ السيارة توجّهت من كورنيش المزرعة باتجاه مبنى "الجديد" حيث تم رمي القنبلة التي إستهدفت القناة فجر اليوم وهي قنبلة دفاعيّة وليست صوتيّة.
 
وواجهت القناة مشكلات عدّة مع الأحزاب اللّبنانيّة من كافّة الإنتماءات، بدايةً من تيّار المستقبل إلى حزب الله، ثمّ حركة أمل في عام 2017، ممّا أدى إلى تعرّضها لإعتداءات على مبنى القناة وتطويقها، علمًا أنّ معظم مشكلاتها سببها كشف الجديد لوثائق متعلّقة بتهم أو قضايا فساد.
 
 ورفعت العديد من الدعاوى القضائيّة، على قناة الجديد وبعض العاملين فيها على سبيل المثال الدعوى المقامة من المحكمة الدّوليّة الخاصّة بلبنان على كرمى خياط بتهمة "تحقير" المحكمة وتعريض حياة الشهود للخطر.
 
كما وجهت إدارة الجمارك ضربة قوية للجديد حيثُ قام عناصر الجمارك بالاعتداء بالضرب المبرح على ستة أشخاص أثناء تصويرهم تحقيقا لبرنامج "تحت طائلة المسؤولية" المختص بفضح الفساد في الدولة اللّبنانيّة.
 
وتوالت المواقف المندّدة بالإعتداء الذي طال مبنى القناة، حيثُ إستنكرت الدائرة الإعلاميّة في حزب "القوات اللّبنانيّة" الإعتداء الذي استهدف محطة الجديد فجر اليوم، واكدت أن "محاولات ترهيب الإعلام اللبناني لم ولن تنجح، وتطالب الأجهزة القضائية والأمنية المعنية باجراء تحقيقات جدية فعلية تؤدي الى اكتشاف الفاعلين وسوقهم الى العدالة".
 
أما رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب فغرد عبر حسابه على "تويتر" بالقول: " لأن "الجديد" في طليعة فاضحي الفساد فإنها في طليعة المستهدفين لإسكاتها لكنهم أخطأوا العنوان "الجديد" صوت لن يسكت".
وكأن شبحاً يُخيّم فوق التعبير وحريّاته في لبنان، بالرغم أن حريّة التعبير لا تتمتع دوماً بقدرةٍ منهجيّةٍ على التأثير والتغييّر، تراها وُضِعَت قيد التقنين كحالنا مع الطاقة والماء.