مرت عملية تأليف الحكومة الأولى بعد الانتخابات النيابية بمرحلتين أساسيتين، مرحلة أولى كان التركيز فيها على حل ما عُرف بالعقدتين المسيحية والدرزية، ومرحلة ثانية تم خلالها حصر البحث بمخرج عما عُرف بالعقدة السنية.

وبعد نحو 5 أشهر من التصعيد بين الفرقاء الدروز وتمسك رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بالحصول على الحصة الدرزية الحكومية كاملة والمتمثلة بـ3 وزراء، مقابل إصرار رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان على التمثل بأحد الوزراء الدروز، تم التوصل إلى تسوية منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) قضت بحصول جنبلاط على مقعدين درزيين مقابل التوافق بينه وبين أرسلان ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون على اسم الوزير الثالث.

إلا أن حل العقدة الدرزية لم يرخ وقتها ظلاله على العقدة المسيحية أو ما كان يُعرف بعقدة تمثيل «القوات اللبنانية» في ظل إصرار رئيس الحزب سمير جعجع على الحصول أقله على 5 وزراء في الحكومة الجديدة. لكن التلويح بالسير بتشكيلة حكومية من دون «القوات»، دفع جعجع نهاية أكتوبر إلى إعلان موافقته على المشاركة بحكومة بحصة من 4 وزراء رغم تعرضه لما قال إنه «ظلم».

ومن دون سابق إنذار، برزت بعد حل العقدة المسيحية ما عُرف بالعقدة السنية بعد مطالبة «حزب الله» بتمثيل حلفائه السنة الذين تجمعوا في تكتل عُرف بـ«اللقاء التشاوري». ولم يرسل الحزب في وقت سابق إشارات واضحة بخصوص تمسكه بتمثيلهم، لكنه وقبل ساعات من إعلان المعنيين بعملية التشكيل أن ولادة الحكومة باتت قاب قوسين أو أدنى، خرج ليضع الكرة في ملعب النواب الـ6 حلفائه. واستمرت عملية شد الحبال في هذا الملف بعد إصرار هؤلاء على التمثل بوزير منهم ورفض الرئيس سعد الحريري تمثيلهم في المطلق على أن يقبل بعد فترة أن يتمثلوا من خارج حصته. وبرزت تسوية قبل أكثر من شهر قضت بأن يتمثلوا بوزير من خارج «اللقاء» وقد تم التفاهم وقتها على اسم رئيس «الدولية للمعلومات» جواد عدرا، قبل أن تسقط هذه التسوية قبل ساعات قليلة من إعلان الولادة الحكومية بعد الخلاف على التكتل الذي سوف ينتمي إليه عدرا.

واعتبر مصدر قيادي في «التيار الوطني الحر»، أن «أحداً لم يخرج رابحاً أو خاسراً من الكباش الحكومي»، لافتاً إلى أن «لبنان سيربح حكومة، وبالتالي كل الفرقاء يجب أن يعتبروا أنفسهم رابحين، خاصة أن أحداً لم يخرج مكسوراً». وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «التنازلات التي قدمها الرئيس عون من حصته تأتي من منطلق أنه (بي الكل)، وما يريده بالنهاية وضع حد للفراغ والمراوحة القاتلة.