ومن الواضح أن المؤسسة الدينية تملك خطابا بوجهين. وجه يصدم الفقراء بعقاب الجحيم ووجه يقابل الأثرياء بثواب الجنة. وهي في الحالين إنما تقوم بدورها التاريخي الذي ينطوي على الكثير من النصب والاحتيال.
 

الجهل حصتكم من الدين أيها الفقراء، تلك معادلة لا يستقيم عمل المؤسسة الدينية إلا من خلالها. وإلا لماذا تتمسك تلك المؤسسة بآية الخمس التي يمكن اعتبارها آية وقف العمل بها لارتباطها بزمن الغزوات؟ وهو ما يصح تماما على آية زواج المتعة تماما.

لم يكن هناك فقه للفقراء ينجيهم من سلطة الأغنياء الذين يدفعون الصدقات وما من نظام ضريبي يلاحقهم.

ذلك لأن الزكاة بالرغم من كونها فريضة، غير أن العمل بها يكاد يكون طوعيا. فلا أحد يحاسب أحدا لأنه لم يدفع الزكاة، حتى في ظل الأنظمة الدينية كما هو حال النظام الإيراني أو الأنظمة شبه دينية مثلما هو الحال في السودان والعراق.

أما الخمس الذي انفردت به المؤسسة الدينية الشيعية فيمكن النظر إليه بطريقة تُغلب الريبة على الثقة للأسباب التالية.

يطارد رجال الدين عامة الناس من الفقراء البسطاء بخمس الإمام والسادة من أحفاده. وكما يبدو فإن هناك مَن يصدق أن أموال الخمس تذهب إلى الإمام المهدي بسبب تمكن آلة الجهل التي يعمل عليها رجال الدين من عقله.

إن لم يدفع الفقراء الخمس فإنهم يقدمون الأضاحي نذورا من أجل ألا يشعروا بالذنب. تلك النذور لها هدف واحد تصل إليه.

أما الأغنياء فإنهم يعرفون ما يفعلون.البعض يدفع من أجل الحصول على حماية من قبل المؤسسة الدينية، فهي خير غطاء لعمليات الفساد وهذا ما يجري علنا في العراق. فمن غير فتوى صارت تلك المؤسسة تتقاسم السرقات مع اللصوص والمهربين.

البعض الآخر يدفع لشعوره بضرورة أن يقوم كيان طائفي مسلح يحميه فيما إذا اضطر إلى مغادرة المكان الذي يمارس فيه تجارته القائمة أصلا على مخالفة القوانين وهو ما يحدث في لبنان، حيث يجبي حزب الله ضريبة الخمس من الأثرياء اللبنانيين الشيعة المنتشرين حول العالم في وعد منه بإقامة دولة الشيعة المنتظرة على كامل التراب اللبناني.

وإذا دققنا في الأمر جيدا فإن الفقراء يدفعون وهم خائفون أما الأغنياء فإنهم يدفعون وهم على دراية بأسرار اللعبة. ما خفي منها بالأخص.

المطلوب من الفقراء أن يخافوا. ذلك يكفي.

من شأن خوف الفقراء أن يدفع بالأغنياء إلى الشعور بالقلق. وهو قلق مؤقت. ذلك لأنه ينتهي ما أن تفصح المؤسسة الدينية عن رضاها.

ومن الواضح أن المؤسسة الدينية تملك خطابا بوجهين. وجه يصدم الفقراء بعقاب الجحيم ووجه يقابل الأثرياء بثواب الجنة. وهي في الحالين إنما تقوم بدورها التاريخي الذي ينطوي على الكثير من النصب والاحتيال.

أما إذا عدنا إلى مقاييس الزكاة والخمس التي تعتمدها المؤسسة الدينية فإن شيئا ما لن يتغير بتأثير الأموال التي يتم الحصول عليها.

ذلك لأن تلك الأموال ستذهب إلى حسابات السادة الذين يمثلون الإمام الغائب والذين سيستثمرونها بالطريقة التي تعجبهم فهي أموالهم.

الخوئي ومن بعده السيستاني يملكان المليارات من غير أن يعملا. لذلك فإن اسميهما لا يظهران في قائمة الرجال الأكثر ثراء في العالم.

هل يدفع السيستاني زكاة عن أمواله؟ أشك في ذلك. هي أموال الإمام الغائب. هل يدفع “نواب” المهدي زكاة وهم الذين يعملون كل وقتهم للتمهيد لقيام الساعة؟

طبعا لا أحد في لبنان يمكنه أن يطالب حزب الله بدفع الضريبة لقاء الأموال التي تصل إليه من كل مكان. لا أحد في إمكانه أيضا أن يسائل حزب الله فهو معفى من السؤال مثلما هو حال السيستاني الذي قيل إنه خط أحمر.

علينا أن نكون دقيقين في تلك المسألة. فما أن يصل المال إلى ممثلي الله في الأرض حتى ينتقل إلى عالم الغيب.

لقد استغلت الدول الراعية للإرهاب ذلك المبدأ فظنت أن لا أحد يراقب مجرى أموالها.

قال مقتدى الصدر وهو رجل دين عراقي مزج الدين بالسياسة في وصف أتباعه الفقراء وهو يخاطبهم مباشرة “أنتم جهلة، جهلة، جهلة” قالها بالثلاثة وهو يقصد ذلك. ما لم يقله “إن الفقر والجهل هما حصتكم من الدين أما العلم والثراء فإنهما حصة السادة”.