الخزانة الأميركية ترفض تسليم 20 طائرة سوخوي تجارية لطهران، وإلغاء الصفقة يبدد حلم طهران بتحديث أسطولها المتهالك.
 
تبخرت طموحات إيران في شراء طائرات مدنية روسية كآخر ملاذ لتحديث أسطول النقل الجوي المتهالك بعد إلغاء صفقات مع عملاقي صناعة الطيران بوينغ وأيرباص بسبب العقوبات الأميركية التي دخلت حيز التنفيذ قبل شهرين.
 
وذكرت تقارير إعلامية إيرانية أن الحكومة الروسية ألغت تسليم صفقة لبيع 20 طائرة مدنية من طراز سوخوي سوبر جيت 100 إلى طهران بسبب عدم موافقة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية.
 
ونسبت وكالة الأنباء العمالية الإيرانية (إيلنا) لأمين رابطة شركات الطيران الإيرانية مقصود أسعدي ساماني قوله إن “روسيا رفضت تسليم إيران 20 طائرة سوخوي رغم إبرام اتفاقية بشأن ذلك”، مشيرا إلى أن مصير العقد أصبح مجهولا.
 
وأضاف أن “روسيا قالت إن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، رفض منحها رخصة لتسليم الطائرات لنا بسبب الحظر الأميركي”. ورجح أن تتجه شركات الطيران الإيرانية إلى شراء طائرات مستعملة.
 
وكان أمين جمعية شركات الطيران الإيرانية قد قال في نوفمبر الماضي، إن موسكو وضعت شرطا لبيع الطائرات وهو موافقة الإدارة الأميركية على ذلك.

وأعلن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك  في شهر مارس الماضي عن وجود اتفاق وتنسيق بين موسكو وطهران لاتمام صفقة بيع طائرات من طراز سوخوي سوبر جيت 100، لتحديث أسطول النقل الجوي الإيراني.

ووفق المواصفات الفنية، تم تصميم الطائرات المدنية الروسية سوخوي سوبر جيت لتحمل ما يصل إلى 98 راكبا ويمكن أن تقطع مسافة تبلغ حوالي 4400 كلم.

ويعاني قطاع الطيران الإيراني من مشكلات مزمنة من بينها نقص حاد في قطع غيار الطائرات وعدم القدرة على شراء طائرات جديدة، ليتفاقم مع العقوبات التي أعلن عنها الرئيس دونالد ترامب للمرة الأولى في مايو الماضي.

وبعد أيام من إعلان الخطوة، ألغت وزارة الخزانة الأميركية تراخيص لشركتي بوينغ الأميركية وأيرباص الأوروبية لبيع طائرات ركاب لإيران بشكل نهائي في صفقات قدرت قيمتها بحوالي 30 مليار دولار.

وتحتوي معظم الطائرات التجارية الحديثة على أجزاء أميركية بما يزيد عن 10 بالمئة، وهو المستوى الذي يتطلب موافقة وزارة الخزانة الأميركية.

لكن مسؤولين من روسيا قالوا إن سوخوي تعمل على خفض عدد المكونات الأميركية في طائراتها أملا في الفوز بطلبية من إيران لشراء ما يصل إلى 100 طائرة.

ومن الواضح أن طهران اضطرت لهذا الخيار كملاذ أخير بسبب حاجتها الماسة لتحديث أسطول طائراتها القديم، وكانت تمني نفسها بموافقة روسيا على تجاهل العقوبات الأميركية المفروضة عليها.

وهناك شكوك حتى قبل القرار الأميركي في إمكانية ترتيب الإجراءات المالية حيث توقع محللون أن تبحث طهران عن تمويل روسي للصفقة في ظل أزمتها المالية الخانقة وترجيح تراجع عوائدها من صادرات النفط في الأشهر المقبلة مع تقليص الإعفاءات الأميركية لشراء نفطها.

وقالت منظمة الطيران المدني الإيرانية الشهر الماضي إن الحكومة ستؤيد على الأرجح شراء طائرات سوخوي 100 العملاقة إذا كانت روسيا ترغب في بيعها لشركات الطيران الإيرانية.

ونقلت وكالات أنباء إيرانية عن علي عابد زادة، رئيس المنظمة وهو أكبر مسؤول بقطاع الطيران المدني في البلاد، قوله حينها إن شركات الطيران التجاري الإيرانية بحاجة إلى شراء نحو 500 طائرة جديدة

وكانت الناقلة الوطنية “إيران اير” قد طلبت شراء 200 طائرة ركاب موزعة بين 100 طائرة من أيرباص ونحو 80 طائرة من بوينغ، إضافة إلى 20 طائرة من شركة أي.تي.آر الفرنسية الإيطالية، قبل إلغاء الرخص الأميركية.

وقال رئيس منظمة الطيران المدني الإيرانية إن “شركات الطيران لديها مقترحات بشأن مشتريات الطائرات، ونحاول استحداث قواعد تنظيمية من أجل تسهيل استيراد الطائرات. نظرا لأن إيران لديها سوق كبيرة جدا، وتحتاج إلى نحو 500 طائرة حاليا”.

واستبعدت شركة صينية في نوفمبر الماضي بيع طائرات ركاب لإيران لمساعدة طهران على إحياء خططها تحديث أسطول طائراتها، في الوقت الذي أشار فيه مسؤول روسي إلى أن بلاده ستحذر تعريض برامجها لخطر استهدافها بإجراء انتقامي أميركي.

وردا على سؤال عما إذا كانت إيران أبدت اهتماما بشراء طائرات صينية، قال تشاو يو رانغ المدير العام لشركة الطائرات التجارية الصينية (كوماك) لوكالة رويترز حينها “لا، لا يمكننا البيع لإيران حاليا... إيران خارج الحسابات”.

ويقول الخبراء إن شركات الطيران الإيرانية تمكنت بالخداع والحيل من الاستمرار بالتحليق خلال سنوات العقوبات قبل الاتفاق النووي، وإنها استخدمت شركات مشبوهة لشراء قطع غيار الطائرات بل وطائرات كاملة.

ويتوقع أن يضع إعادة فرض العقوبات الأميركية الاقتصاد الإيراني في زاوية حرجة، لأن الأمر لا يرتبط بصفقات الحصول على طائرات تجارية فقط، بل يمتد إلى استثمارات شركات النفط وشركات صناعة السيارات وغيرها.