بات الاستعجال في تشكيل الحكومة سمة المرحلة الحالية بعدما بات تأخير تشكيلها يُشكّل خطراً على مُجمل الوضع اللبناني السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ويهدّد التفاهمات السياسية التي قامت عليها التسوية السياسية الكبرى بانتخاب الرئيس ميشال عون، وما تلاها من تفاهمات أسفرت عن تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل حكومة العهد الثانية. وقد عبّر عن هذا الاستعجال الرئيس الحريري بعد لقائه الرئيس عون قبل يومين، وعضو المجلس السياسي لـ "حزب الله" محمود قماطي بعد لقائه أمس البطريرك بشارة الراعي، وهو مؤشر على إطلاق دينامية جديدة في عملية التشكيل قد تستغرق أياماً قليلة ولا تتعدّى الأسبوع المقبل لمعالجة العقدة، والأفضل أن يأتي الحلّ قبل انعقاد القمة الاقتصادية العربية في بيروت في العشرين من الشهر الحالي.

ومعلوم أن وزراء الخارجية العرب سيعقدون اجتماعهم قبل القمة بيومين، ما يعني أن التحضيرات اللوجستية يُفترض أن تكون جاهزة كلياً قبل الخامس عشر من الشهر الحالي، وبناء على مسار تشكيل الحكومة تتمثّل الوفود العربية، فإما على مستوى عالٍ إذا تشكّلت وإما على مستوى وزراء إذا تأخّر تشكيلها.

لكن سِمة الاستعجال لا تعني بالضرورة التمكّن من معالجة العقدة الوحيدة الباقية التي تحدّث عنها الرئيس المكلّف من بعبدا، وهي تمثيل "اللقاء التشاوري للنواب السنّة المستقلين" بين ليلة وضحاه، بعدما أظهرت الوقائع أن مسألة تبادل الحقائب بين بعض القوى السياسية باتت من الماضي، وكذلك طرح تشكيل حكومة من 32 وزيراً.

وبناء على اجتماع الرئيسين عون والحريري يوم الثلاثاء الماضي، تسرّبت معلومات عن أجواء إيجابية لحلحلة عقدة تمثيل "اللقاء التشاوري" تقوم على اختيار إسم من الأسماء الثلاثة التي اقترحها اللقاء أو إسم رابع مقرّب من الأطراف ومقبول منها، لكن بقيت مسألة معالجة تموضع هذا الوزير، هل سيكون من حصّة الرئيس عون أم من حصة "اللقاء التشاوري" ويلتزم قراراته، وهو الأمر الذي لا يزال يصرّ عليه "التشاوري" ويتمسّك به، وفق ما عبّر عنه عضو اللقاء النائب الدكتور قاسم هاشم بتصريح علني، وعبّرت عنه مصادر اللقاء بالقول لموقعنا إن بتّ مسألة تموضع الوزير بالنسبة لنا أهم من الإسم.

وبحسب السيناريو الجديد لمساعي الحلّ التي يُفترض أن يتولاها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ستجري اتصالات مع أعضاء "اللقاء التشاوري" لطرح الحلول الممكنة والاتفاق على إسم مقبول خلال أيام قليلة، ويتمّ إقراره نهائياً بعد عودة عضو اللقاء فيصل كرامي من الخارج يوم غد الجمعة.

ولكن هذا الأمر واكبه بحسب المصادر المتابعة اللقاء بين الرئيس الحريري ورئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل، من أجل التفاهم على الحلّ النهائي.