سيكون عندنا حكومة عليكم الإنتظار
 

نزل أعرابيٌ السوق قادماً من البادية، فهالهُ أمر الباعة وهم يلحنون في كلامهم، ومع ذلك تتيسّر أمور بيعهم وشرائهم فقال: يا سبحان الله يلحنون ويربحون. كأنّي به كان يتوقع أن تضطرب أمور معاشهم مع اضطراب لُغتهم العربية، فما بالُ هذا الأعرابي لو زارنا في بلاد الأرز هذه الأيام! واستمع إلى حُكامنا ورآهم وهم يسرقون ويُفسدون ويعدون ويخلفون، يُقسمون ويكذبون جهاراً نهاراً، وعند كلّ مُنعطف واستحقاق، ومع ذلك، يتربعون على مقاعدهم.


ملأوا الدنيا خلال الإنتخابات النيابية منذ أشهرٍ معدودة وعوداً وأمانٍ وآمال، وبشّروا بنعيمٍ قادمٍ على على أياديهم فور استلامهم زمام السُّلطة، فمنحهُم شعبهم المسكين المطواع أصواته وثقته، وأودع في ضمائرهم أمانيه وطموحاته ولُقمة عيشه. ومع مضيّ سبعة أشهر، لم يتمكّنوا من تأليف حكومة جديدة، مع أنّهم ملأوا الدنيا زعيقاً ونفيراً وعزماً وجبروتاً، حكومة عاديّة على شاكلتهم وشاكلة حكوماتهم السابقة.

اقرا ايضا : حفل ماجدة الرومي.. المأتم في لبنان والعرس في السعودية

 


على ماذا يختلفون؟ هم أنفسهم لا يعرفون، الوزير باسيل (صانع الحكومات منذ إسقاطه حكومة الحريري عام2011 ) يتساءل بالأمس في البقاع الشمالي: أسمعتُم قبل اليوم عن أحدٍ يُعطّل ذاته؟ لا والله لم نسمع بذلك قبل حُكمك وحكم عمّك الرئيس عون وحليفه سيّد الضاحية! الرئيس نبيه برّي يسأل الرئيس المكلّف: من يُؤلّف الحكومة؟ جنابكم أم جناب الوزير باسيل! حتى الآن لم يُقرّ الرئيس بري أنّ باسيل هو الآمر النّاهي في البلد (رغم استقباله له بعد حملة شتائم وإهانات وُجّهت لعطوفته)، الرئيس المكلف سعد الحريري صامت، في فمه ماء، ورئيس الجمهورية لم يهتد حتى الآن على من يحاول أن يبتدع أساليب جديدة في التأليف الحكومي، الرئيس المكلّف جزم من أربعة أشهر بأنّ الحكومة ستولد خلال أسبوعٍ على الأغلب، باسيل يجزم ويُطمئن اللبنانيين: ستكون عندنا حكومة، عليكم الانتظار، حتى ننال حُصّتنا العادلة، نحن لا نتعب، (لعلّه ما زال مُطمئنّاً على دعم السيد بعد معايدته الرئيس)، اللقاء التشاوري ما زال يحلم بتمثيله إحقاقاً للحقّ، وعاد مدير الأمن العام إلى مهمّة "طبخ" الحكومة العسيرة، مهمّة كان يقوم بها "المرحومان" غازي كنعان ورستم غزالي بنجاحٍ تام، ومع ذلك، لم تتألف الحكومة، لماذا؟ لأنّهم وبصراحة وأسىً، إنّهم يكذبون.
يا سبحان الله، يكذبون ويحكمون.