..دلالات زيارة ترامب المفاجئة للقوات الأميركيّة في العراق
 

إستغرقت زيارة رئيس الولايات المتحدة الأميركيّة دونالد ترامب، للعراق ثلاث ساعات فقط، حيثُ لم يلتقِ فيها أيًّا من المسؤولين العراقيّين، توضعُ هذه الزيارة الرئاسيّة ضمن خانة تعزيز معنويّات الجنود الذي يعتبر تقليدًا في سنوات الحرب في أعقاب هجمات 11 أيلول 2001.

هذه الزيارة المُفاجئة حملت في باطنها الكثير من الإستفزاز لاسيّما في الداخل العراقيّ، حيث بدا واضحًا أنّ أيّاً من المسؤولين لم يُكن على دارية  بخطوة  الرئيس ترامب، لاسيّما وأنّ معلوماتٍ تحدّثت عن نيّة واشنطن بناء قاعدتين عسكريتين جديدتين غربي العراق، الأولى في بلدة الرمانة التابعة لمدينة القائم، والثانية شرقي مدينة الرطب.

إنشاء قاعدتين عسكريتين في العراق، أيّ البقاء في العراق، إن قرأنا على الخريطة فالعراق يقعُ في الوسط ما بين أفغانستان التي إنسحبت منها القوات الأميركيّة وبين سوريا وبين تركيا، فالعراق يُعدُّ القلب وموقعه يُسهّل إنطلاقة أيّ عمليّات عسكريّة في أيّ من الإتجاهين سواء في الإتجاه الشرقي من ناحية أفغانستان أو في الإتجاه الغربي من ناحية سوريا كما أيضًا هذه الخطوة تأتي كما قال الرئيس ترامب من ناحية تقليل النفقات.

إقرأ أيضًا: "هل تنكسر الجرّة بين التيّار والحزب؟؟"

ويرى بعض المراقبين للسياسة الأميركيّة، أنّ الرئيس ترامب لن ينسحب من العراق بصورةٍ تامّة خصوصًا وأنه كان يُعاير الرئيس السابق براك أوباما في مسألة الإنسحاب وإنّ ذلك سيؤدّي إلى فراغ في القوات الأميركيّة على الأرض، أمّا من جهّةٍ أخرى هناك إحتمالية توجيه ضربة عسكريّة لإيران والإنسحاب من الإتفاق النووي المبرم عام 2015، ومن ثم كان لا بدّ من سحب القوات الأميركيّة من سوريا لئلا يكونوا هدفًا سهلاً أمام الميليشيات الإيرانيّة.

هذه الزيارة تؤكّد أنّ الولايات المتحدّة، ستُبقي قواتها على جهوزيّة تامّة لتنفيذ أيّ مهمّة عسكريّة جوّيّة أو برّيّة داخل الأراضي السوريّة سواء إن كانت ضدّ تنظيم داعش الإرهابيّ أوّ أيّ جهات أخرى فتضطر الولايات المتحدة تحريك قواتها ضدّها من داخل الأراضي العراقيّة.من المُمكن الحديث هنا أيضًا أنّ هناك بعض التفاهمات التي حدثت مع الجانب التركيّ لإفساح المجال نوعًا ما للرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتحريك جنوده داخل الأراضي السوريّة وتحديدًا شرقي الفرات-منبج.

يُعدُّ هذا التحرّك تكتيكي جديد لا أكثر، فالإنسحاب من الداخل السوريّ يُشبّه بـِ قطعة الشطرنج على الرقعة تُنقل من مكان إلى مكان، لاسيّما و أنّ القوات الأميركيّة هي على إستعداد كامل لتنفيذ أيّ عمليّة عسكريّة، وفي البداية المستفيد الأوّل والأكبر من هذا التحرّك بدايةً هما الرئيس أردوغان والقوات التركيّة خصوصًا أنه ستكون بالنسبة إليها قوات قصد وقوات حماية الشعب الكرديّة لقمة سائغة في هذا المجال والمستفيد الثاني طبعًا هو تنظيم داعش فإذا تُرِكَ وأُفسِحَ له المجال في هذه الأماكن فربما يستعيد شوكته ويكون مرّة جديدة تنظيمًا إرهابيًّا قوّيًّا في هذا المجال.

وفي اليوم الثاني من إعلان الرئيس ترامب إنسحاب القوات الأميركيّة من سوريا، قال البيت الأبيض في هذا التوقيت نحن ننتقل إلى مرحلة ثانية من محاربة داعش، أمّا فيما يتعلّق بالقوات الأميركيّة وعملياتها العسكريّة فهي موجودة منطقة الشرق الأوسط وفي هذه المنطقة تحديدًا سوريا والعراق .