ثمة سؤال يفرض نفسه على اللبنانيين، أية معادلة ستنتصر في نهاية المطاف، معادلة ″لا حكومة مع سنة 8 آذار″ التي يرفعها الرئيس المكلف سعد الحريري، أم معادلة ″لا حكومة من دون سنة 8 آذار″ التي يرفعها حزب الله وحلفاؤه؟، وبانتظار نتيجة هذه المنازلة السياسية يدخل التكليف يومه الـ 169 والحكومة ما تزال في مهب الصراعات، بينما يتمسك الحريري باعتكافه الذي يدخل يومه العاشر إحتجاجا على ما يعتبره عرقلة التشكيل في أمتاره الأخيرة بحجة العقدة السنية التي يرفض الاعتراف بأصحابها.

تتجه الأنظار غدا الى خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عله يحمل حلا للأزمة الحكومية، لكن كل المعلومات تشير أن لا تبديل في موقف حزب الله، خصوصا أن نصرالله في الخطاب السابق نصح المعنيين بعدم الالتزام بأية مهلة لتشكيل الحكومة قبل أن يصار الى تمثيل المعارضة السنية، وربما جاء موقف نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أمس مقدمة لما سيقوله السيد نصرالله، حيث أكد أن ″حزب الله مستمر في دعم سنة 8 آذار لتمثيلهم في الحكومة، وأن الكرة في ملعب الرئيس سعد الحريري″.

هذا الموقف إستدعى موقفا مضادا من مصادر تيار المستقبل التي تعبر عن توجهات الرئيس الحريري حيث أكدت أن ″الكرة في ملعب المعطلين، وأن الرئيس المكلف أنجز مهمته في تدوير الزوايا وعلى الآخرين أن يوقفوا تدوير العقد″.

هذا الواقع يؤكد بما لا يقبل الشك أن كل الطرقات الى تشكيل الحكومة ما تزال مقطوعة، خصوصا أن حزب الله يسعى جاهدا الى تحييد رئيس الجمهورية ميشال عون الذي أعلن دعمه لموقف الرئيس المكلف في عدم توزير سنة المعارضة ثم إنكفأ بشكل شبه كامل وكأنه لم يعد معنيا بهذه العقدة أو أنه يراد له ذلك، والى تحميل المسؤولية الكاملة الى الحريري بمفرده الأمر الذي قد يكون له تداعيات في الشارع بدأت بوادرها تظهر في التحريض ورفع الصور واليافطات والشعارات التي من شأنها أن تسمم الأجواء.

في غضون ذلك بدا واضحا أن زيارة وفد من اللقاء التشاوري الى دار الفتوى ولقاء مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، لم تجد نفعا، بل على العكس فقد خرج الوفد من الدار خالي الوفاض، وهو أمر ليس مستغربا في ظل تبني المفتي دريان لموقف الرئيس الحريري بكل مندرجاته، وهذا ما عبر عنه خلال اللقاء ومن خلال البيان الذي أصدره، حيث حاول دريان إقناع نواب اللقاء بعدم الدخول الى الحكومة والاتجاه الى المعارضة في مجلس النواب لمحاسبة الحكومة ومراقبة أعمالها، معتبرا أن في ذلك خدمة للبلد.

وفي الوقت الذي حاول فيه الطرفان إشاعة أجواء إيجابية حول لقاء دار الفتوى، فإن ما تم التداول به خلال الجلسة لم يكن مرضيا بالنسبة لأعضاء الوفد حيث شعروا بأن المفتي لن يمنحهم أي فتوى تبيح تمثيلهم في الحكومة، وما لم يقله المفتي دريان عبر عنه الوزير نهاد المشنوق الذي حضر بعد مغادرة وفد اللقاء التشاوري ليؤكد أنهم ″دخلوا من الباب الخاطئ، حيث لم يدخلوا من دار الفتوى أو من خلال كتلة أو تجمع، بل دخلوا من خلال طرف سياسي هو ليس المرجع الصالح لتوزيرهم″، مشددا على أن ″الحريري مستمر في تكليفه وسيعود قريبا من فرنسا ولن يعتذر″.

من الواضح أن وفد اللقاء التشاوري خرج غير مرتاح من دار الفتوى، حيث تقول مصادره: ″إن الزيارة هي فقط لنقول لسماحة المفتي أننا نمثل شريحة من الطائفة السنية أعطتنا أصواتها في الانتخابات وأوصلتنا الى المجلس النيابي، وأن شرعيتنا الشعبية هي التي تفرض تمثيلنا في الحكومة وليس أي شيء آخر، وأن التنوع موجود وقائم في كل الطوائف باستثناء الطائفة السنية التي يحاول تيار المستقبل الهيمنة عليها، بالرغم من نجاح عشرة نواب في الانتخابات من خارج مظلته، وأن على المفتي أن يشدد على ضرورة هذا التنوع الذي يعتبر غنى للطائفة بدل أن يساير من يريدون إختزال الطائفة بأشخاصهم وتيارهم″.

وردا على ما قاله المشنوق، تؤكد مصادر اللقاء أن ″المشنوق يبحث عن دور، وهو يفتش عنه في كل مكان، وقد بات مثل أي منتج إنتهت صلاحيته″.