إذا كان الشخص يدخّن طوال حياته وأُصيب بسرطان الرئة، فهذا ليس بالأمر المُفاجئ! آثار التدخين المُضرّة قد تمّ بحثها وتوثيقها بشكل جيّد، وتدخين السجائر هو عامل الخطر الأول للمرض، مُتسبِّباً بـ80 إلى 90 في المئة من سرطان الرئة، إستناداً إلى مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. لا بل أكثر من ذلك، فإنّ سرطان الرئة الناتج من التدخين السلبي يؤدّي إلى موت 7300 شخص لم يدخّنوا إطلاقاً كل سنة!
 

يعني ذلك أنه يمكن التعرّض لسرطان الرئة من دون تدخين ولو حتى سيجارة واحدة. في الواقع، يمكن للإنسان أن يتقيّد بعادات صحّية تشمل عدم التدخين، وممارسة الرياضة بانتظام، وتناول غذاء صحّي، ولكنه يتعرّض لسرطان الرئة على رغم أنّ الخطر يكون أدنى. ما هي إذاً المُسبّبات الأخرى لهذا المرض القاتل؟

التعرّض لغاز الرادون

يسبّب الرادون نحو 20 ألف حالة سرطان الرئة سنوياً، ما يجعل السبب الرئيسي لظهور هذا المرض لدى غير المدخنين في الولايات المتحدة. يُفرز هذا الغاز المُشعّ عندما يتحلّل اليورانيوم في التربة، والصخور، والمياه. بعدها ينتقل الغاز إلى الأرض وأيضاً الهواء. مستوياته في الهواء الطلق هي آمنة عادةً، ولكن عندما يصبح الرادون مُحاصراً في المنازل أو البنايات، فإنه قد يبلغ معدلات خطرة. ووفق «National Cancer Institute»، يفرز الرادون جُسيمات مُشِعّة تستطيع تدمير الخلايا التي تُبطّن الرئتين. وفي المقابل، فإنّ استنشاق هذه الجُزيئات لوقت طويل قد يؤدّي إلى طفرات خلوية مرتبطة بسرطان الرئة. وبما أنّ الرادون عديم اللون، والطعم، والرائحة، من المهمّ اختبار مستواه في المنزل. إشارة إلى أنّ «The Environmental Protection Agency» قدّرت أنّ منزلاً من بين كل 15 منزلاً لديه نسبة عالية من هذا الغاز.

الاحتكاك بمُسرطنات أخرى

هناك مواد أخرى مؤذية يمكن أن تتوافر في مكان العمل وقد رُبطت بزيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة مثل الزرنيخ، والديزل، وبعض أشكال السيليكا، والكروميوم، والنيكل، والبريليوم، والكادميوم، والقطران. توصي «American Cancer Society» الأشخاص الذين يعملون في الأماكن التي تحتوي هذه المنتجات بوضع حدّ لتعرّضهم لها قدر الإمكان.

الهواءُ الملوّث

العيش في مناطق تملك مستويات أعلى من الهواء الملوّث، كالمُدن وبالقرب من الطرقات المُزدحمة بالسيارات، قد يرفع خطر سرطان الرئة. إستناداً إلى «International Agency for Research on Cancer»، فإنّ 223 ألف شخص عالمياً ماتوا من سرطان الرئة بسبب تلوّث الهواء عام 2010. وأوضحت «American Lung Association» أنّ أنواعاً عدّة مختلفة من الجُزيئات، سواءٌ كانت صلبة أو سائلة وكبيرة أو صغيرة، تدخل الهواء الذي يتمّ استنشاقُه. إنها تشمل الأحماض، والكيماويات، والمعادن، والتربة، والغبار. يستطيع الجسم محاربة الجُزيئات الأكبر بسهولة أكثر عن طريق السعال أو العطس. غير أنّ الجُسيمات الصغيرة جداً في الهواء هي الأخطر، بما أنها يمكن أن تصل إلى أعماق الرئتين أو حتى الدم، الأمر الذي قد يؤدّي إلى السرطان.

فيروس نقص المناعة البشرية

بحسب «National Cancer Institute»، فإنّ المُصابين بالـ»HIV» قد يكونون أكثر عرضة لسرطان الرئة بمعدل يتخطّى الضعف مقارنةً بنظرائهم الذين لا يشكون من هذا المرض. لكن ليس من الواضح حتى الآن إذا كان ذلك يرجع إلى مستويات التدخين الأعلى لدى مرضى الـ»HIV»، أو إلى العدوى بحدّ ذاتها. يعتقد بعض العلماء أنّ ضعف الجهاز المناعي نتيجة المرض والالتهاب قد يلعب دوراً في هذا المجال، لكنّ ذلك يحتاج إلى دراسات إضافية للتأكد من صحّته.

التاريخ العائلي

تعرّض أحد الوالدين أو الإخوة لسرطان الرئة يعني أنّ الشخص سيكون أكثر مَيلاً بمرّتين لمعاناة هذا المرض مقارنةً بنظيره الذي ليس لديه أيّ تاريخ عائلي، كما أنّ الخطر يصبح أعلى إذا شُخِّص هذا القريب في عمر مُبكر، وفق «National Cancer Institute». لكن ليس من المعلوم بعد إذا كان الخطر المرتفع ناتج من الجينات المشترَكة أو التعرّض للدخان السلبي، بما أنّ تدخين السجائر يكون شائعاً في الأسر. وبحسب مُراجعة لبحث عام 2017 نُشرت في «Oncology Letters»، يُرجّح أن يكون السببُ مزيجاً من الجينات والعوامل البيئية المشترَكة، مثل تلوّث الهواء الداخلي في المنزل، ولكن لم يتمّ التعرّف سوى على عدد قليل جداً من الجينات المرتبطة تحديداً بسرطان الرئة.