عزز الجيش اللبناني، أمس (الثلاثاء)، وجوده في محيط مخيم «المية ومية» للاجئين الفلسطينيين الواقع على مقربة من مخيم «عين الحلوة» جنوب البلاد، وذلك بعد نحو أسبوع على اشتباكات مسلحة بين حركتي «فتح» و«أنصار الله»، ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى. ولا يزال الفصيلان المسلحان في حالة من الاستنفار العسكري داخل المخيم ما يؤدي إلى شلل الحركة فيه وإغلاق كل المرافق العامة أبوابها.

وشهد محيط «المية ومية» الواقع على تلة مطلة على مدينة صيدا اللبنانية، في الساعات الماضية، حركة لافتة من قبل الجيش اللبناني، بعدما تمركزت عناصره عند حاجز الكفاح المسلح التابع لقوات الأمن الوطني الفلسطيني في الجهة الغربية من المخيم. وأوضحت مصادر ميدانية أن عشرات العناصر تسلموا الحاجز التابع لحركة «فتح»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه تم رصد وصول دبابات إلى محيط المخيم.

وقالت مصادر عسكرية لبنانية لـ«الشرق الأوسط»، إن مخابرات الجيش تسلمت أحد المواقع التي كانت بالأصل تحت سيطرة حركة «أنصار الله» قبل أن تسيطر عليه «فتح» الأسبوع الماضي، لافتة إلى أن تمركز عناصر من الجيش فيه يأتي تمهيداً لخطوات وإجراءات أخرى مقبلة. وأضافت: «كذلك عزز الجيش أمس انتشاره في محيط المخيم وحصّن مراكزه تحسباً لأي تطورات».

وفي وقت لاحق، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن القوة العسكرية اللبنانية انسحبت وردّت ذلك لأسباب «لوجيستية». إلا أن مصادر فلسطينية أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن «انسحاب الجيش جاء بعد طلب ضباطه إخلاء (فتح) موقعين آخرين قريبين من الحاجز الأساسي الذي تم التمركز فيه، إلا أن عناصر الفصيل الفلسطيني رفضوا وطلبوا التريث للعودة إلى القيادة للبتّ في الأمر الذي لم يكن متفقاً عليه، ما أدى إلى تراجع الجيش إلى نقاط خلفية».

وجاءت تحركات الجيش بعد سلسلة دعوات من نواب لبنانيين، لـ«دخول الجيش اللبناني إلى المخيم ليتمركز في داخله ومحيطه ويضع حداً للاشتباكات، وللخلافات بين الأطراف الفلسطينية المتقاتلة، ويبسط الأمن، ويمنع انفلات الأمور نحو الأسوأ». وقالت وكالة «المركزية» إن انتشار الجيش يأتي في أعقاب النداء الذي أطلقه مطران صيدا ودير القمر للروم الكاثوليك يوحنا حداد، الذي دعا فيه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى حماية بلدة المية ومية المجاورة للمخيم من الصواريخ التي تُطلق من داخله.

إلا أن المستجدات التي شهدها محيط المخيم لم تؤثر على المشهد من الداخل، بحيث بقي على ما هو عليه لجهة استمرار الاستنفار العسكري بين عناصر «فتح» و«أنصار الله»، وإنْ كان بمستويات أقل من التي شهدها «المية ومية» الأسبوع الماضي. وقالت مصادر ميدانية من داخل المخيم لـ«الشرق الأوسط»: «الحياة لم تعد إلى طبيعتها في الداخل، فرغم الاتفاق الذي تم التوصل إليه لوقف إطلاق النار، فإن الأمور لا تزال متوترة والوضع حذر، وهو ما يؤدي إلى استمرار المدارس في إقفال أبوابها».