إنها آخر صيحة في علاج آلام الظهر المزمنة الذي تشكو منه نسبة عالية من البشر في كل مكان، خصوصاً سكان المدن. إنها علاج يقدمه التطوّر في الكومبيوتر إلى الجسم البشري وأمراضه. من كان يتصوّر ان رقاقة إلكترونية كتلك الموجودة في هاتفك الذكي مثلاً، تستطيع أن تكون علاجاً شافياً لآلام الظهر؟

ومع تقدّم البحوث عن الجهاز العصبي للبشر والرقاقات الإلكترونية للكومبيوتر، تعمّق العلماء في تقنية التحفيز الكهربائي للعمود الفقري، خصوصاً لجهة قدرتها في التأثير على المسارات العصبيّة للآلام [وكذلك إعادة الحركة إلى الأطراف المشلولة، لكن ذلك بحث آخر].

ووفق أرقام موثقة اعتمدتها "الأكاديمية الوطنية (الأميركية) للطب"، يعاني 1.5 مليار شخص [قرابة خُمس البشر كلهم] آلاماً مزمنة في الظهر. وكذلك أظهر تقرير أشرفت عليه "مختبرات آبوت" Abbott Laboratories العالمية ونُشِر في مجلة عالمية مختصة بالألم "باين ميد" Pain Med، أنّ مجموع من يعانون آلاماً مزمنة في الظهر يفوق مجموع المصابين بالسكري والسرطانات بأنواعها وأمراض القلب والجهاز الدوري!

آلام أشبه بالنشاز

وشبّه البروفسور آلان برتون، وهو المشرف الطبي على بحوث التحكّم بالأعصاب في مختبرات "آبوت"، الآلام المزمنة بحدوث نشاز في عزف سمفونيّة ضخمة. وبيّن أن الحال الطبيعيّة للظهر تترافق مع تناغم في الإشارات العصبيّة التي تسري في الأعصاب المتجمعة في العمود الفقري. ولسبب أو آخر [أحياناً، بسبب عنصر في الجينات] تحدث "خربطة" في تلك الموسيقى، فتصبح نشازاً لا يطاق، وبالأحرى آلاماً لا يعرفها إلا من يكابدها.

وفي أحدث تطوّر في علاج ذلك "النشاز" المؤلم، تبرّعَت شابة أميركية بأن تكون من بين أوائل البشر الذين تزرع لهم رقاقة إلكترونيّة ذكيّة، تكون مهمّتها إعادة الانسجام المفقود إلى الإشارات الكهربائية - العصبيّة التي تحمل إشارات الألم في العمود الفقري. وتسمّى تلك الرقاقة "مُحفِّز العمود الفقري" Spinal Cord Stimulator، واختصاراً "إس سي إس" (SCS). ووفق مقال في مجلة "بابيولار ساينس"، نجح المُحفِّز "إس سي إس" في إزالة الآلام المزمنة من ظهر الأميركيّة جانيت جاي ومن دون التسبب بآثار جانبيّة لها، مما فتح آفاقاً واسعة أمام التوسّع في استخدام أسلوب الـ"إس سي إس" في علاج ملايين البشر.