أعادت أزمات مطار بيروت الدولي المستنسخة بوجهها القبيح قضية إعادة تشغيل مطار القليعات للواجهة من جديد، ورأى العاملون على هذا الملف منذ سنوات في هذه الفضائح أسباباً موجبة لتشغيل مرفق حيوي اتخذ منه زعماء الشمال مسودةً إنمائية يتزامن التلويح بها لأهالي عكار في مواسم الحج الانتخابي.

إلا أن وعود أصحاب الشأن السياسي لم تكسر من عزيمة أهالي المنطقة الطامحين بإعادة الحياة لمطارهم منذ أن توقفت الطائرات عن الاقلاع منه في العام 1991، بل زادتهم عزيمة يعترفون أنها لن تهدأ قبل إقلاع أول طائرةٍ مدنية من مطار القليعات أو "مطار رينيه معوض".

وبينما يروّج أصحاب الصفقات لكلفة خيالية (18 مليون دولار) لحل أزمة مطار رفيق الحريري الدولي، تنام في الأدراج دراسة أعدها المدير العام السابق للطيران المدني حمدي عن وضع مطار القليعات وقدمها منذ أكثر من سنة لمجلس الوزراء، عبر وزير الدفاع يعقوب الصرّاف. وكشفت الدراسة أن كلفة تجهيزه وتأهيله لا تتجاوز مليون دولار أميركي، وهذه الكلفة تشمل، مهبط الطيران وعوّامات النفط ضمن المطار ومحطات الرادار والإضاءة والخزانات، وترميم المباني الحالية للإدارات الجوية، وتأهيل صالات الوصول والمغادرة، بالإضافة إلى تأهيل المباني الحالية، وهي الكلفة التي لا تتجاوز 5,5 في المئة من الكلفة الباهظة التي تطالب بها الوزارات المعنية لتوسعة مطار بيروت.

يؤكد رئيس "لجنة متابعة تشغيل مطار القليعات" حامد زكريا أن الطبقة السياسية تؤخّر تأليف الهيئة الناظمة للطيران المدني، رغم صدور قانون إدارة منذ عام 2002، الذي نص في مادته الثانية على إنشاء هذه الهيئة كمؤسسة تنظيمية ورقابية، تشرف على إدارة واستثمار جميع القطاعات المتعلقة بالطيران المدني. ذلك لأن منصب رئيس هذه الهيئة خاضع للتجاذبات، فهناك خلاف بشأن تحديد طائفة المدير وهويّته.

ويشدد زكريا في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" على أنّ تشغيل مطار القليعات في توقيت التحضير لإعادة إعمار سوريا بمثابة تحول اقتصادي مهم للبنان، علماً أن تشغيلة ضرورة تنسجم مع قانون الطيران الدولي، التي تنص على وجوب وجود مطارين في كل دولة.


ويلفت إلى أن مساحة مطار القليعات تساوي 5 مليون و500 الف متر مربع، الجزء الأكبر منه (2 مليون ونص) منطقة حرة يمكن الاستفادة منها في الشحن كتجارة، تنعش الحركة الاقتصادية في الشمال، ويبلغ طول المدرج 3200 متر قابل للتوسعة إلى 3600 لشراء الأرض المخصصة لذلك، والاجواء الايجابية للاقلاع والهبوط في "القليعات" بحسب المركز اللبناني للدراسات، افضل من مطار بيروت في "السكور" الدولي، ولا يكلف تشغيله الدولة اللبنانية شيئاً، كون شركات عالمية أبرزها إمارتية، تركية وصينية تتمنى الاستثمار في مطار القليعات.

ويربط زكريا بين تشغيل المطار والهيئة الناظمة للطيران المدني، والتي كان تعيينها بنداً أول على توصيات لجنة الأشعال العامة والنقل في اجتماعها بتاريخ 7/8/2018 ، وكان وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال يوسف فنيانوس قد أعلن أمام اللجنة (الناشطة في الملف منذ العام 2011) في اجتماعٍ في مكتبه في الفياضية بتاريخ 17/3/ 2017 أن الهيئة الناظمة ستبصر النور قريباً، لانه تم الاتفاق بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري على طائفة رئيسها، على أن يكون سُني، مقابل أن يكون رئيس الهيئة الناظمة للنفط شيعي.

وبدوره يؤكد النائب وليد البعريني أن ما حصل في مطار بيروت كان حافزاً للمطالبة بإعادة تشغيل مطار القليعات، "لأن ما حصل جريمة بحق لبنان وعكس أبشع الصور عن لبنان عربيا وعالميا، وجعل من إعادة تشغيل مطار القليعات مشروعاً على مستوى الوطن يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار من القيمين وأصحاب القرار".

لماذا يحتاج إعادة تشغيل "القليعات"؟ يقول البعريني في حديثه لـ"ليبانون ديبايت": "لقرار سياسي غير موجود حتى اليوم" ويكشف أنه سيطرح هذا الموضوع في اجتماع كتلة المستقبل يوم غد، ومن بعدها سيحمله في جولة مطالبة على المعنيين، لما لتشغيل هذا المطار من فوائد على الاقتصاد والحركة التجارية في الشمال بشكل خاص ولبنان بشكل عام "فآن الأوان لرفع الحرمان عن عكار، التي هي جزء لا يتجزأ من أرض الوطن".

وفي السياق أكدت أوساط وزارية لـ"ليبانون ديبايت" أن هناك جدية من المعنيين في التعاطي مع ملف إعادة تشغيل مطار القليعات، مع اقتراب مرحلة اعمار سوريا، وأنه سيكون أولوية على جداول أعمال الحكومة المقبلة، غير المعروف إن كانت ستبصر النور في المدى المنظور أم لا...!!!