"الله يستر"... كلمة بديهية رافقت يوميات العدد الأكبر من اللبنانيين في اليومين الماضيين، فلا تزال أصداء البيان التحذيري الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية، ناصحةً عبره رعاياها بعدم السفر الى لبنان على اعتبار أن "الجماعات الارهابية تواصل التخطيط لشن هجمات تستهدف المواقع السياحية ومراكز النقل ومراكز التسوق في لبنان"، تتردد في الشارع اللبناني، وتثير مخاوف الكثيرين، بالرغم من مرور يومين على نشر البيان.

مقارنة بسيطة بين لبنان ودول العالم وأميركا تحديداً، تبين أن لبنان أفضل حالاً من كل هؤلاء أمنياً، بما فيم الولايات المتحدة الاميركية، التي لا تخلو من الأحداث الأمنية بين فترةٍ وأخرى، وكان أخرها مقتل 4 أشخاص، في حادث إطلاق نار استهدف مبنىً مصرفياً في ولاية أوهايو شرقي أمريكا.

يؤكد مرجع أمني لـ"ليبانون ديبايت" أن هذا التحذير يأتي ضمن ما يسمى التقرير النصفي، الذي تصدره الدائرة القنصلية في وزارة الخارجية الاميركية كل 6 اشهر، ويُعتبر مقياساً أمنياً للمسافرين الأميركيين إلى دول العالم. 

ويشير المرجع إلى أن هذا التقرير يعتمد مستويات أمنية أربعة يصل أخطرها إلى منع السفر، ويصنف لبنان في المستوى الثالث وهو تجنب السفر لا المنع، إلا أن اللافت في هذا التقرير أنه يتم نشره بالصيغة نفسها منذ سنوات عدة مع بعض التعديلات اللغوية. ويشكك المرجع ببراءة البيان، كون وزارة الخارجية الأميركية تنشره بشكل بات مشكوك بأمره، من فترة لأخرى من دون الأخذ بعين الاعتبار الاستقرار الذي ينعم به الداخل اللبناني، عبر جهود الأجهزة الأمنية التي تعتمد العمل الامني الاستباقي الذي هبطت معه مستويات المخاطر الأمنية بشكل ملحوظ منذ إتمام عملية فجر الجرود. مستغرباً صدور البيان بهذه الطريقة المستنسخة التي ترفع منسوب القلق لدى اللبنانيين ولدى السافرين الى لبنان على حدٍ سواء، من دون التنسيق مع الجهات الأمنية المحلية والتي اتصالها قائم مع الأجهزة الأمنية الامريكية. وطالب المرجع بتوضيح اميركي رسمي حول عدم إدخال اي تعديل على التقرير سيما ان كثير من الامور الامنية تبدلت عن السابق وباتت تناقض كليا ما ورد في التحذير.

ويلفت إلى أن الأجهزة المعنية تستمر بخوض معركتها ضد الإرهاب، وسُجل في الفترة الماضية تفكيك بعض الشبكات اللوجستية المرتبطة بحقبات قديمة وبقيت خارج التداول الاعلامي. 

ولوحظ عقب التحذير اجتماع الرئيس المكلف سعد الحريري مع وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال يعقوب الصراف ورؤساء الأجهز الأمنية، قائد الجيش جوزيف عون يرافقه مدير المخابرات انطوان منصور، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء عماد عثملن، ومدير عام أمن الدولة انطوان صليبا، في مبادرة لاستكشاف ما ان كان لدى هؤلاء معلومات عن أي مخاطر، والإحاطة لتحصين الوضع العام وقطع الطريق على محاولات اختلاق أجواء من الرعب بين اللبنانيين.

وبدوره وزير الداخلية والبلديات السابق مروان شربل يطمئن اللبنانيين خاصةً وكل المتوجهين إلى لبنان من دول العالم على الوضع الأمني في لبنان، ويؤكد في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" أن الأمن في لبنان أفضل من الأمن في اميركا "كنت اتمنى على الأميركان أن يناشدوا مواطنيهم في اميركا أن ينتبهوا في المدارس، ودور العبادة، والأماكن المزدحمة... بسبب الاحداث الامنية شبه اليومية التي تحصل في اميركا، وعدم التهويل على لبنان لأسباب سياسية لا أكثر".

ويلفت شربل إلى أنه على أميركا إن كانت حريصة على استقرار لبنان فعلاً، ألا تصدر بيانات من هذا النوع من دون الاستناد إلى معلومات دقيقة وصحيحة، وإن كان لديها هذه المعلومات فعلياً فعليها إبلاغ الأجهزة الأمنية اللبنانية بها، إذ أن التنسيق بين أجهزة البلدين قائم، لا التهويل على اللبنانيين والمسافرين إلى لبنان لممارسة ضغوط سياسية على لبنان لا أكثر.

ويتفهم شربل التخوف الذي عاشه اللبنانيون إبان هذا التقرير، كونهم لا يثقون بالسياسيين في لبنان وفي الدولة اللبنانية، "لكن على اللبنانيين ألا يقتنعوا إلا بالتقارير التي تصدر عن الجهات الامنية اللبنانية، التي جعلت لبنان أفضل من أي مكان آخر في العالم أمنياً، وأثبتت قدرتها على استخدام الأجهزة الالكترونية الحديثة في رصد تحركات الارهابيين وضربهم عبر العمل الاستباقي الأمني بالشكل الأفضل على الإطلاق".