اقترح عضو مجلس الشيوخ الأسترالي عن ولاية كوينزلاند، فريزر أنينغ، العودة إلى تطبيق سياسة أستراليا بيضاء، معتبراً أن اقتراحه يشكّل حلاً نهائياً لما يرى أنه مشاكل تتسبب بها الهجرة إلى بلاده.
 

وسبّب حديث أنينغ، الذي كان عضواً في "حزب أمة واحدة" الشعبوي قبل أن ينتقل إلى "حزب كاتر الأسترالي"، صدمة للكثيرين داخل مجلس الشيوخ الأسترالي وخارجه، خاصةً أنه استخدم تعبير "الحل النهائي"، وهو مصطلح شهير يُستخدم للإشارة إلى محاولة النازيين القضاء على اليهود في أوروبا.


وسياسة "أستراليا بيضاء" هي سياسة طُبّقت بدءاً من عام 1901، وكانت تهدف إلى الترحيب حصراً بالأوروبيين المسيحيين البيض فقط على الأراضي الأسترالية، قبل أن يتم إنهاؤها بشكل كامل في نهاية ستينيات القرن الماضي.

و"الحل النهائي" لمشكلة الهجرة الذي اقترحه أنينغ يتأسس على إجراء "استفتاء شعبي" يعبّر فيه الأستراليون عن رأيهم في ما إذا كانوا يريدون لأستراليا أن تستقبل مسلمين أو أشخاصاً لا يتحدثون الإنكليزية من دول العالم الثالث على أراضيها أم لا.

وقال أنينغ المعروف بمواقفه المعادية للتنوع والهجرة في أستراليا في أول خطاب له أمام مجلس الشيوخ في 14 أغسطس: "من حقنا كأمة أن نصمم على أن يعكس الذين يُسمح لهم بالقدوم إلى هنا التكوين الأوروبي المسيحي التاريخي للمجتمع الأسترالي".

وبلغة اعتبرها كثيرون عنصرية، قال أنينغ إن التنوع الإثني والثقافي في بلاده "ارتفع إلى مستويات خطيرة جداً في بعض الضواحي".

وبلهجة مباشرة، دعا إلى خفض عدد المهاجرين ومنع قبول المسلمين، مبرراً دعوته بأنهم "أظهروا باستمرار أنهم الأقل قدرة على الاندماج في المجتمع".

وقال عضو مجلس الشيوخ الأسترالي: "صحيح أن المسلمين ليسوا جميعهم إرهابيين، لكن كل الإرهابيين اليوم مسلمون، فلماذا يمكن لأحد أن يجلب مزيداً منهم إلى هنا؟".

وأضاف أن المسلمين في أستراليا حققوا رقماً عالياً من حيث معدلات الجريمة والاعتماد على الرعاية الاجتماعية، كما أن انخراطهم في عمليات "إرهابية" يتجاوز بكثير أية مجموعات مهاجرة أخرى، على حد قوله.

وزعم أنينغ أن "غالبية المسلمين في أستراليا لا يعملون ويعتمدون على المساعدات"، مضيفاً: "لدينا عصابات إسلامية إفريقية سوداء ترهب ملبورن، لدينا مسلمون متعاطفون مع تنظيم داعش، ويحاولون النضال من أجله".

ويمثل عدد المسلمين أقل من ثلاثة في المئة من سكان أستراليا، بحسب إحصاء حكومي رسمي.

 

خطاب مؤسف

 

ورفض أعضاء في مجلس الشيوخ الأسترالي كلام أنينغ ووصفوه بالعنصري. وأعلن رئيس الوزراء الأسترالي مالكولم ترنبول رفضه لهذا الخطاب، معتبراً أن "أستراليا هي أنجح المجتمعات متعددة الثقافات في العالم، وبُنيت على أساس الاحترام المتبادل".

 

وقال ترنبول: "إننا نرفض وندين العنصرية بأي شكل من الأشكال، وقد قمنا بإدانة تصريحات النائب أنينغ ورفضناها".

واعترضت جميع الأحزاب السياسية الرئيسية في أستراليا أيضاً على ما جاء في الخطاب، وقال وزير الحكومة ميتش فييلد إن كلام أنينغ كان مؤسفاً للغاية. أما وزير البيئة والطاقة جوش فرايدنبرغ، وهو يهودي فقد بعض أقاربه في المحرقة النازية، فوصفه بأنه "مسيء ومثير للانقسام وغير مقبول".

وعلى الرغم من الانتقادات التي طالته، لم يتراجع أنينغ عن خطابه أو يعتذر عنه، زاعماً أنه لم يكن يعلم أن هناك علاقة بين مصطلح "الحل النهائي" وبين ألمانيا النازية.

 

ولقي أنينغ دعماً من رئيس حزبه، بوب كاتر الذي قال: "أنا أدعم كل ما قاله ألف في المئة. لقد كان خطابه رائعاً للغاية"، وتابع: "إنه يمثل كل شيء يجب أن تفعله بلاده. لقد كان ذهباً خالصاً"، واصفاً الحديث عن "الحل النهائي" بأنه "خطأ تقني" ناجم عن عدم معرفته باستخدام النازية له سابقاً.

أما بولين هانسون، زعيمه حزب "أمة واحدة" الذي دخل أنينغ إلى المجلس كعضو فيه قبل أن يستقيل وينضم إلى حزب آخر، فقد نددت بالخطاب ووصفته بأنه يأتي "مباشرة من دليل (وزير الدعاية النازي جوزيف) غوبلز من ألمانيا النازية"، مضيفة: "لطالما قلت إنه ليس من الضروري أن تكون أبيض لتكون أسترالياً".

سجالات الهجرة


وفي 13 يوليو الماضي، قال وزير الداخلية الأسترالي بيتر دوتون إن عدد المهاجرين إلى أستراليا تراجع إلى أدنى مستوياته خلال العقد الماضي، بفضل ما قال إنه إجراءات التدقيق في طلبات الهجرة.

وأضاف أن سلطات بلاده تفحص الطلبات بتدقيق أشد لضمان استقبال أفضل مهاجرين، مشيراً إلى أن الإجراءات المتبعة تهدف إلى ضمان أن يتمتع المتقدمون بمؤهلات تعليمية حقيقية وصلات مشروعة بأشخاص حصلوا على موافقات للإقامة في أستراليا.

وفي السنوات الأخيرة، باتت الهجرة قضية كبرى في أستراليا، ويقول سياسيون إنها تؤثر على الوظائف، وتتسبب في اكتظاظ المدن الكبرى.

وأظهرت أحدث البيانات الحكومية أن عدد سكان أستراليا وصل إلى 25 مليون نسمة في السابع من أغسطس، قبل نحو عقد من الموعد المتوقع لذلك، في ظل قدوم مئات الآلاف من المهاجرين سنوياً.

وكشفت البيانات أنه في كل دقيقة يصل شخص جديد للعيش في أستراليا، ما عزز الطلب على كل شيء من المنازل إلى السيارات والمدارس والمستشفيات.

ووفقاً لتقديرات المكتب الأسترالي للإحصاءات، من المتوقع أن يصل عدد السكان في البلاد إلى 26 مليون نسمة خلال ثلاثة أعوام، بناءاً على المعطيات الحالية.

وأثارت الزيادة السريعة في أعداد المهاجرين نقاشاً بشأن الأثر الاقتصادي والاجتماعي للهجرة في ظل عدم ملائمة البنية التحتية لكل هذه الأعداد.

لكن من ناحية أخرى، أظهر أحدث إحصاء رسمي لعدد السكان أن النجاح الاقتصادي لأستراليا كان قائماً على الهجرة، وكشف نفس الإحصاء أن إنكلترا والصين ونيوزيلندا والهند هي أهم البلدان التي يأتي منها المهاجرون.