الغربة مع الحق وطن والوطن مع الباطل غربة ، والحياة في جنوب لبنان باتت كالقابض بيده على الجمر
 

فقيه شيعي بارز من جنوب لبنان كان يسخر مني ويستهزئ بي كلما التقينا وذلك بقوله لي : أنتم مغامرون ومجازفون وترمون أنفسكم في التهلكة بمقاومتكم للإحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان وهل العين تقاوم مخرزاً  !! وذلك حينما كنت عضوا ناشطا في مشروع المقاومة الإسلامية بحزب الله من سنة 1987 إلى سنة 1998 ، لكن حينما تورط حزب الله في الحرب السورية متحالفا مع بشار أسد الديكتاتور ضد الشعب السوري المظلوم المقهور أصبح هذا الفقيه الشيعي البارز في جنوب لبنان من المناصرين للحزب والمباركين له حربه الباغية في سوريا ومعه عشرات من فقهاء ومتفقهين ومتدينين في جنوب لبنان  الذين كان موقفهم من المقاومة موقفا حرموا فيه القتال ضد الإحتلال الإسرائيلي لجنوبنا في لبنان !!! بعدما تورط الحزب في الحرب السورية  سمعتهم يقولون إن جهاد الحزب في سوريا هو امتداد لجهاد  الأئمة من أهل بيت رسول الله ص ضد  السنة الأمويين في سوريا الذين حاربوا أئمتنا الأطهار وذبحوا شيعتهم وارتكبوا بهم الفظائع  تاريخيا وما زالت قلوبهم مليئة بالحب للأمويين الظالمين الفسقة الفجرة الطغاة الملعونين !!! ويجوز الإستعانة بالكافر الروسي بوتين قيصر روسيا ولو كان صديقا لإسرائيل وحليفا لها ومتعهداً حماية أمنها !! وذلك لكي ندفع شرورهم عنا استباقيا لأنها متوقعة منهم يقينا فيما لو سقط نظام الديكتاتور بشار أسد ووقعت مقاليد الدولة السورية بأيديهم !!!

 

إقرأ أيضا : الشيعة ينتفضون ... من العراق وإيران إلى لبنان

 

 

حينها أيقنت يقينا لا حد له ولا وصف بأن البقاء في جنوب لبنان في هذه البيئة التي وُلِدْتُ بها وفي هذا المجتمع الذي عشت فيه طفولتي وشبابي عقوداً  أمر مستحيل لأنه لم تعد ثقافة هذا المجتمع ثقافتي ولا دينه ديني ولا مذهبه مذهبي ، وعلمت بأن مغادرته والهجرة إلى بلاد أوروبا  أمر ثقيل على الروح والنفس والأعصاب وأثقل من حمل الجبال الرواسي لكنه أمر هو عين الصواب والحكمة والحق  وكما قال الإمام علي (ع) : 

 {  الحَقُّ ثَقِيلٌ وَهُوَ مَعَ ثِقَلِهِ مَرِيءٌ ، والبَاطِلُ خَفِيفٌ وَهُوَ مَعَ خِفَّتِهِ وَبِيءٌ }

 { وكن للمظلوم عونا مهما كان دينه ومذهبه وللظالم خصما أو خاذلا مهما كان دينه ومذهبه } وهذا ما يؤكده الله سبحانه :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا  اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ  وَاتَّقُوا اللَّهَ  إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

 آية (8) المائدة .

{ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } آية (152) الأنعام .

الغربة مع الحق وطن والوطن مع الباطل غربة .

والحياة في جنوب لبنان باتت كالقابض بيده على الجمر .