ماذا لو أصبحت أمنيتك ممكنة في ظل تطور الطب وعلاجاته في مختلف الأصعدة؟
 

لا تخلو الحياة من المطبات والصعوبات التي تقف حاجزاً امام تحقيق بعض أحلامنا، أحياناً يُفاجئنا المرض ويسلب منا هذا الحلم ويحوله مستحيلاً. لكن ماذا لو أصبحت أمنيتك ممكنة في ظل تطور الطب وعلاجاته في مختلف الأصعدة؟ لا يَخفى على أحد ان مرض السرطان ينتشر أكثر فأكثر، أصبح هذا "الخبيث" يعيش بيننا، الإصابة به في سن مبكرة قد يضعك امام خيارات صعبة. 

مصاب بالسرطان والعلاج طويل وحلم الأبوة يبقى معلقاً حتى إشعار آخر، كان همه الوحيد القضاء عليه والشفاء، لم يُفكر بالمستقبل وما قد يدفعه نتيجة العلاج الشعاعي والكيميائي. كلنا نعرف مضاعفات وآثار هذه العلاجات على جسد المريض، لكن لا مفر منها فهي الوحيدة القادرة على إنتشال هذا الورم. أبحاث كثيرة ودراسات أجريت لإيجاد حلول لهؤلاء المرضى، يكفيهم ما تحملوه من آلام وانتكاسات وتعب للتغلب على السرطان، لن يقبل الطب ان يُحرموا من الأمومة والأبوة أيضاً.

تجميد الحيوانات المنوية تقنية تسمح بالاحتفاظ بحلم الأبوة الى حين الانتهاء من مشوار السرطان وعلاجه. لن يقف المرض بعد اليوم في وجه الحلم، لذلك على كل رجل مصاب بالسرطان او يعمل في الخارج او تعاني زوجته من مشاكل وهي في مرحلة العلاج ان يفكر في اللجوء الى هذه التقنية.

تجميد السائل قبل العلاج

وفق مديرة مختبر أطفال الأنابيب في مركز عازوري لأطفال الأنابيب، ومستشارة العقم في مستشفى جبل لبنان الدكتورة جيسيكا عازوري ان "تجميد السائل المنوي عند الرجل يجب ان يسبق مرحلة العلاج الشعاعي والكيميائي للسرطان، صحيح أن التطور الطبي جعل من السرطان مرضاً يمكن الشفاء منه ومواصلة الحياة من بعده لكن علاجاته من شأنها ان تؤثر في نوعية السائل المنوي بشكل كبير وتُسبب انعدامه وقتله".

لذلك، وانطلاقاً من هذه المشكلة، كان لا بدّ من العمل لإيجاد حل طبي يمنع حرمان الرجل من حلم الأبوة، وعليه باتت تقنية تجميد السائل المنوي الحلم المعلق الى حين الإنتهاء من العلاج. برأي عازوري ان "تجمد الحيوانات المنوية مرتين او ثلاثاً لضمان نجاح الحمل في المستقبل، لا سيما ان عملية طفل الأنبوب قد لا تنجح من المرة الأولى. نحتاج الى عشرات من الحيوانات المنوية في عملية طفل الأنبوب في حين ان السائل المنوي يحتوي على الملايين، لذلك لا خوف من هذه التقنية لأنه بالرغم من وفاة بعض هذه الحيوانات المنوية إلا ان عددها الكبير يضمن تلقيح البويضات وبالتالي إنتاج الأجنة وتحقيق حلم الأبوة".

الفحوص المطلوبة ما قبل التجميد

اذاً، ليس امام الرجل سوى التوجه الى احد المختبرات المتخصصة في هذا المجال لتجميد السائل المنوي. هناك سيخضع لبعض الفحوص الضرورية للتأكد من عدم إصابته بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV) او فيروس التهاب الكبد ( Hepatite) او امراض جنسية منقولة، هذه الشروط ضرورية لضمان عدم انتقال العدوى الى عينات أخرى مسحوبة.

من الأشخاص الذين بإمكانهم اللجوء الى تقنية تجميد السائل المنوي؟ تشير عازوري الى ان "في حال طفل الأنانيب نجمد الحيوانات المنوية، بالإضافة الى المصابين بالسرطان ( قبل بدء العلاج) والرجل الذي يعمل في الخارج او المراة التي تعالج"، مشددة على نقطة رئيسية "على الرجل المسافر التوقيع على قرار يسمح لزوجته بإستخدام السائل المنوي ضمن فترة زمنية محددة".

ماذا لو؟

بالنهاية، أكدت مديرة مختبر أطفال الأنابيب في مركز عازوري لأطفال الأنابيب ان نجاح عملية طفل الأنانيب يتعلق بعمر المرأة وليس بنوعية السائل المنوي، ان تدني الحيوانات المنوية يقلل فرص الحمل الطبيعي لكن في معظم الأحيان تتحول عملية أطفال الأنابيب مع الحقن المجهري التي تساعد على تخطي 95% تقريباً من مشكلة العقم عند الرجل.

اذاً، نجح الطب في فتح باب الأمل امام مريض السرطان دون ان يحرمه من الأبوة. صحيح ان هذه التقنية لديها شروطها وحالاتها الخاصة، لكن يبقى السؤال الأهم هل يمكن للمرأة استخدام السائل المنوي لزوجها بعد وفاته؟ وفق الجمعية الأميركية لأطفال الأنابيب الشرط الأساسي لتحقيق ذلك يكمن بتوقيع الرجل على اوراق رسمية يعلن فيها السماح لزوجته باستخدام حيواناته المنوية. في حين تمنع بعض الدول استخدام بذرة الرجل فيما البعض الآخر يسمح بذلك خلال فترة زمنية قصيرة جداً.