لا يزال لبنان يستضيف حتى اليوم نحو مليون ونصف مليون نازح سوري على أراضيه، الامر الذي يخلق تداعيات على اقتصاده وخدماته العامة وبناه التحتية. إنّ ملف التنمية المستدامة خطوة مهمة للبنان تفترض متابعة حثيثة وميدانية لرسم سياسة قائمة على المنطق التشاركي. التزم لبنان تنفيذ أجندة 2030 التابعة للأمم المتحدة، أي اهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، وهناك مساع جدّية للوزارات عبر إداراتها في لبنان لتنفيذ هذه الأهداف، كل ادارة بحسب مجال عملها، لا سيما بوجود اهداف متداخلة بين بعض الوزارات. سيقدم لبنان غداً الاثنين تقريره الطّوعيّ الاول في مقرّ الامم المتحدة في نيويورك بين 16 و18 تموز. وبصفته نائب رئيس الحكومة اللبنانية، سيتولّى الوزير غسان حاصباني عرض التقرير أمام آلاف الممثلين عن الحكومات وقادة الأعمال والمجتمع المدني في "المنتدى السياسي الرفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة"، كما كُلّف ايضا عرض تقرير "الاسكوا"، عنوان المنتدى لهذا العام هو "التحوّل نحو مجتمعات مستدامة ومرنة"، وستتمّ مراجعة مجموعة محددة من الأهداف هي: 6، 7، 11، 12، 15 و 17. الأصداء الايجابية عن مساع لاستعادة هيبة المؤسسات العامة واعادة تمكين الطاقات البشرية داخلها على أساس روح التعاون وضمن هيكيلية الادارات العامة تبشّر بالخير. ويبدو ان أجندة 2030 يفترض أن تشكّل مقدّمة لتعميم الخدمات الوزارية على كل المواطنين اللبنانيين وبالتساوي، لاسيما ان المساعي جدّية لشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وقد ركّز حاصباني على "منطق التعاون والتكامل بين الموظفين لأنه يسهل الاستدامة، خصوصا بعد استحداث الآلية التي أشرف عليها لمدّ شبكة تواصل بين الوزارات وهيئات من المجتمع المدني والجسم الاكاديمي المعني بتحقيق الأهداف التّنمويّة". وقال : "نتمنّى أن تتشكّل الحكومة قريبا كي لا تتراخى الجهود التي تمّ بذلها من قبل الادارات العامة اللبنانية والتنسيق المهم الذي بدأ بين مختلف الادارات الرسمية في لبنان. ما هو أهم من إنجاز تقرير موحّد أن يتمّ التّحضير لآلية واضحة لسير العمل التشاركي ذات النهج الثقافي- المدني في الممارسة السياسية. لقد تمت صياغة التقرير بتوقيت قياسي، وننوّه بالجهود التي بُذلت من أجل ذلك، مع تأكيد أنّه ليس "مستندا تسويقيًّا" للبنان. الشراكة تبدأ بشراكة سياسية لكنها تنتهي ضمن الشراكة التنفيذية أي ضمن المؤسسات والوزارات. لا يمكن ان يكون الوزير منعزلا عن الموظفين". واضاف :"التنمية المستدامة بحاجة الى استراتيجية ثقة بمفهومها العميق، الا انها تصطدم بعوائق غالبيتها ثقافية".  

وفي ما يتعلق بلبنان "الكل يريد ان يتدخل في كل شيء في سبيل علاقات نفوذ" على حد تعبير البروفسور انطوان مسرّه. "تصدر الكثير من البرامج لكن من دون ثقافة تأخذ في الاعتبار عقلية الناس. ثمة سياسات عامة جيّدة لكنها تصطدم بعوائق محلية. توجد تحديات عديدة داخل الوزارات وخارجها، ومن المهم التحدث عن اهمية البعد التشاركي في النهج السياسي الذي يفترض ان تتسم به السياسة المحلية، فالتنمية المستدامة ترتبط بكامل منظومة المجتمع والاقتصاد. السلامة المستدامة تطاول كل شيء بترابط وتشابك، وتشمل المياه، البنى التحتية ، الصناعة والاقتصاد. نأمل أن يكون لبنان قد أخذ على محمل الجدّ أهداف التنمية المستدامة وان يلتزمها حتى الـ2030 رغم كل التحديات التي يمر بها من نزوح وغيره... الاستدامة تعني الشراكة بين الموظفين وبين الادارات. ان مشروع بناء المؤسسات لا يعتمد على سياسة وزير بل يجب ربطه بسياسة حكومات بعيدة المدى من خلال الادارة المستدامة . إنّ عقد الشراكة الحقيقية ضمن العمل المؤسساتي يعني فك القيود داخل هيكلية الوزارات".

 

(ساندرا عيد)