يتضخّم يوماً بعد يوم ملف الخسائر البشرية الناتج من تحويل بعض الشباب الطرقات في لبنان الى حلبات سباق للسيارات، الأمر الذي ينتهي عادة بخسائر في الأرواح والممتلكات، وفي أفضل الحالات الى إزعاج لكثيرين حينما يصل الأمر إلى التسابق وسط الحركة المرورية على الطرق السريعة.
 

يعدّ التسابق بالسيارة على الطرقات العامة سلوكاً خطراً للغاية، يؤدّي في غالب الأحيان الى عواقب لا تُحمد عقباها على السائق وركاب السيارة ومرتادي الطريق الآخرين. وعلى رغم الرادارات والقوانين التي تحاسب هكذا تصرّفات، والأخبار المأساوية التي نسمع عنها كل يوم، عن حادث هنا وآخر هناك وثالث هنالك يؤدّي الى إزهاق أرواح على الطرقات، إلّا أنّ كل ذلك لا يردع المتورّطين في هذه التصرفات كي يتوقّفوا عن القيام بها، وكأنهم يصرّون على الموت أو الإنتحار على الطريق. والجدير ذكره أنّ السيارة، حتى لو كانت رياضية، تصل الى سرعات عالية، يمكنها أن تسلم من الحوادث إذا قادها سائقها بانضباط. وفي المقابل يمكن لسائق متهوّر يقود سيارة عادية أن يتسبّب بحوادث مفجعة.

 

طرق غير صالحة


يدمن العديد من السائقين القيادة بسرعات متزايدة على الطرقات لأسباب عدّة وفي الأماكن غير المخصّصة لذلك، على رغم معرفتهم بخطورة هذا التصرف. وهنا لا يخفى على أحد رداءة نوعيّة الطرقات اللبنانية، التي تتغيّر بين منطقة وأخرى وشارع وآخر. فإذا كان تماسك سيارتك جيداً على طريق ما، فإنه يمكن أن يصبح مزرياً وزلقاً على طريق آخر باستخدام نفس الإطارات وفي نفس درجات الحرارة الجوية. وإذا أضفنا الى ذلك طريقة قيادة السائقين الذين يغيّرون اتّجاههم بعشوائية أو يتوقفون وسط الطريق بشكل مفاجئ والذين يقودون عكس السير والذين لا يكترثون لقانون السير أو للإشارات الضوئية، تصبح الطرقات اللبنانية مكاناً شديد الخطورة للقيادة المتهوّرة.

 

القانون والتوعية


تحاول القوانين المرورية والجهات المعنيّة ملاحقة المخالفين لقواعد السير، لكن هذا لا يكفي إن لم تتكاتف معها عوامل أخرى. فإلى جانب قائمة العقوبات التي يتضمّنها قانون المرور، هنالك أهمية كبرى للدور الأسري في متابعة سلوكيات أبنائهم وتوعيّتهم من مخاطر القيادة المتهورة. وفي السياق عينه، هناك أيضاً حضور هام للمدارس، لأنها تؤدي دوراً أساسياً في تنشئة الفرد وتكوين شخصيته وسلوكه. فتعويد الطفل على احترام قانون السير، يساعده في مراحله اللاحقة في فهمه والإقتناع به والتعامل معه باهتمام وجدّية. كذلك على وسائل الإعلام القيام بدور مهم للحدّ من هذه الظاهرة، وذلك عبر نشر وبثّ برامج وحلقات توعية متخصّصة، تهدف الى نشر التوعية عند كافة أبناء المجتمع بالتعاون مع الجمعيات والجهات المختصة.