المرأة مؤهّلة، مجتهدة، صبورة، ذات عزيمة عالية. لعلّ هذه الصفات يجهلها كثيرون من أصحاب الشركات، الذين ما زالوا يرفضون تعيينَها في مراكز الإدارة ظنّاً أنّها قد تُسلّم أمام أوّل حاجز يعترض طريقها.
 

صحيح أننا في القرن الـ21، الّا أنّه ما زال يوجد مَن يهمّش المرأة في المناصب العليا رغم وجود نماذج مشرّفة من السيدات اللواتي وصلن الى المواقع العليا وحقّقن فيها النجاح المنشود.

ولعلّ «أحدث» هذه العراقيل في الشكل طبعاً، هي الأسباب التي أعطيت لعدم تعيين النساء في مجالس إدارة الشركات، وفقاً لتقرير عن التوازن بين الجنسين والتي تمحورت حول أنّ «المنصب لا يناسب النساء، إنهن لا يرغبن في التعامل مع ما يترافق مع المنصب من مشكلات وإزعاج، ويعانين حين يصادفن قضايا معقّدة».

تقرير صادم

على الاثر، وصفت لجنة المراجعة هامبتون- ألكسندر المدعومة من الحكومة البريطانية هذا التقرير بأنه صادم، في حين وصف أحد الوزراء الأعذار التي سيقت لعدم تعيين النساء في مجالس الإدارة بأنها هزيلة. وتسعى الحكومة لأن تشكّل النساء ثلث مجالس الإدارة على الأقل في أكبر 350 شركة في المملكة المتحدة بحلول عام 2020.

رغم أنّ التقرير يرصد تحسّناً في هذا المجال، إلّا أنّ بعض الشركات تبدو وكأنها تدعم الفكرة شكلياً فقط وليس فعلياً. واستعرض التقرير أبرز 10 أعذار ساقتها الشركات لعدم تعيين النساء في مجالس إدارتها وهي:

• لا أعتقد أنّ المرأة تتكيف بصورة سلسلة في بيئة مجلس الإدارة
• لا يوجد الكثير من النساء اللواتي يتمتعن بالمؤهّلات المناسبة والخبرة العميقة لتولّي منصب في مجلس الإدارة فالقضايا التي تطرح معقدة للغاية
• معظم النساء لا يردن المتاعب أو الضغط الذي يترافق مع المنصب

• إنّ أصحاب رأس المال المساهمين في الشركات ليسوا مهتمّين بتكوين مجلس الإدارة، فلماذا نهتم نحن؟
• لا يريد زملائي الآخرون في مجلس الإدارة تعيين امرأة في مجلسنا
• جميع النساء الكفوءات اختطفن بالفعل من قبل شركات أخرى لشغل مناصب لديها

• لدينا امرأة واحدة في مجلسنا، لذلك نعتقد بأننا أنجزنا مهمتنا، وجاء الآن دور شركة أخرى لتفعل الشيء نفسه
• لا توجد أيّ وظائف شاغرة في الوقت الحالي ولو توفر لدينا شاغر لفكّرنا في تعيين امرأة

• علينا تطبيق هذه المسألة ابتداءً من القاعدة، ليس هناك ما يكفي من النساء الإداريات في هذا القطاع
• لا يمكنني تعيين امرأة فقط لأني أريد ذلك

وقد سيقت هذه الأعذار من قبل رؤساء تنفيذيين ورؤساء مجالس إدارة لأكبر 350 شركة في المملكة المتحدة استُطلعت آراؤهم من قبل فريق المراجعة.

وقالت أماندا ماكينزي، الرئيسة التنفيذية لمجموعة «بيزنيس كوميونيتي» إنّ «المرء حين يقرأ قائمة الأعذار تلك يظنّ أنه في عام 1918 وليس 2018»، مضيفةً «إنها أشبه بسيناريو لعمل ساخر، بالتأكيد ينبغي علينا الآن معالجة هذه المسألة لمرة واحدة وبشكل نهائي».

إعاقة التقدّم

في المقابل، انخفض عدد مجالس الإدارة التي تتألف بشكل كامل من الذكور من 152 في 2011 إلى 10 في عام 2017. لكنّ فيليب هامبتون، الشخصية البارزة في مجال المال والأعمال والذي يتولّى مسألة المراجعة، أكدّ أنّ الشركات ما زالت بعيدة من تحقيق الهدف المأمول بحلول عام 2020، مشيراً الى أنه «اعتدنا سماع هذه الأعذار بشكل متكرّر قبل بضع سنوات، ومن الجيد أنها أقل بكثير الآن، لكنّ المدراء الذين يدعمون القضية فقط بالكلام ولا يفعلون سوى القليل جداً لتعيين النساء في الوظائف العليا، أو يعيقون تقدّمهن بشكل غير مباشر، ليسوا في الحقيقة أفضل بكثير ممّن يسوقون الأعذار».

بدوره أوضح وزير التجارة أندرو غريفيث أنّ «مثل هذه الأعذار المروّعة أثبتت أنّ الشركات أمامها الكثير من العمل الجاد. ورأى أنه «من المذهل كيف تعتقد بعض الشركات أنّ هذه الأعذار المزرية والفوقية هي أسباب مقبولة لحرمان النساء من المناصب العليا. وما أنجح شركاتنا هو التنوّع الموجود فيها».

ومن المقرّر أن تنشر المراجعة أحدث أرقامها عن عدد النساء في مجالس الإدارة في أكبر 350 شركة في المملكة المتحدة في 27 حزيران الجاري.