المعضلة الأساسية التي ستواجه الحكومة الجديدة، هي سبل ايجاد حل لعودة النازحين السوريين. انها مشكلة حقيقية في ظل وجود عدد هائل من النازحين في لبنان، وفي الوقت نفسه لا يمكن لأي مسؤول لبناني أن يتخذ موقفاً من الامم المتحدة ودورها في هذا المجال، ويمكن أن يكون النقاش معها مفيداً، وفقاً لمصادر ديبلوماسية.

وتفيد هذه المصادر، أن الدولة لن تقف في وجه من يريد العودة، وهي تقوم بجهود دولية لشرح موقفها، ولا تربط هذه العودة بالحل في سوريا الذي قد يستغرق سنوات. كما تشرح أنه بات أمام أعداد كبيرة من النازحين العودة، لكنها لن تعيد بالقوة من لا يشعر أنه في مأمن من خلال عودته، لأن لبنان مع العودة الآمنة وضمانة السلامة. وبالتالي تعتبر أن هناك قسماً كبيراً يمكنه العودة ويجب أن يعود، وهنا محور الحوار اللبناني مع الدول لتتفهم موقفه وعدم معارضته. ولبنان يدرك أنه حتى لو كان غير موقِّع على اتفاقية ١٩٥١ الدولية حول اللجوء، فانه في المفهوم الدولي للجوء، لا يمكن اعادة اللاجئ الى مكان خطر على حياته. المهم كيف ستحسم المسألة داخلياً؟ أما دولياً، فلن يكون هناك تخلٍ عن ملف النازحين، ومصلحة الدول في أن لا ينهار لبنان، وأن لا تحصل فيه مشكلات تحت وطأة أي مسألة، لاسيما قضية النازحين، وهذا يشكل رهاناً كبيراً لدى لبنان.

وبالتزامن مع ضغط مسألة النازحين، هناك مسألة أخرى ضاغطة وهي توجهات الأطراف اللبنانية المعروفة لحصول كلام بين الحكومتين اللبنانية والسورية. ولأسباب كثيرة تحالف ايران - النظام يريد حسم الوضع في سوريا داخلياً، اذ اقتربت الانتخابات الرئاسية، ومن يعود الى هناك لن تكون لديه القدرة الا على انتخاب رئيس النظام مجدداً، فيكون النظام أمام الدول قد أعاد النازحين، فيطالبهم بتمويل اعادة الاعمار. وفي الواقع يكون قد وفر انتخابه على أساس ٩٩ في المئة، وأسكن العائدين في مناطق يريدها النظام.

وموضوع العودة، رابح شعبوياً في لبنان، ومن يقول باعادتهم بغض النظر عن كل شيء واظهار نفسه أنه يحمي البلد داخلياً ستزداد شعبيته. لذا هناك منافع داخلية واقليمية لاعادة هؤلاء، مع الاشارة الى أن «حزب الله» المسلح، يدعم هذه المكاسب، وإن كان هؤلاء يعلمون أن الرئيس المكلف لا يريد أن يتسبب الأمر بمشكلات بين لبنان والمجتمع الدولي. لكن المصادر، تلاحظ أن ما يحصل في لبنان على هذا الصعيد، لم يلقَ معارضة داخلية شديدة وإن كان العديد من الاطراف لا يستسيغون التوجه الحاصل. ولا يقف في وجه هذا المنحى الا الأمم المتحدة.

واذا واجهت الأمم المتحدة ضغوطاً قوية في لبنان، فقد تتراجع، الا اذا تدخلت الولايات المتحدة والأوروبيون وغيرهم ليساعدوا الأمم المتحدة في تحقيق توجهاتها، وفقاً للمصادر. لكن اذا تركت الأمم المتحدة وحدها فهناك خطورة في تراجعها.

وتشبّه المصادر، الاجراءات حول الاقامات التي فُرضت على موظفي المفوضية العليا للاجئين التابعة للاأم المتحدة، بالاجراءات التي يتخذها النظام السوري في مجال الفيزا والاقامات لموظفي الأمم المتحدة في سوريا أو للموفدين الأمميين اليها، بحيث يضطرون لمسايرته للحصول على ذلك.

على أن الضغط في موضوع النازحين واعادتهم بالفرض يمثل في الوقت نفسه طريقة الضغط لفتح حوار مع النظام. اذاً موضوع النازحين، بالنسبة الى فريق ٨ آذار رابح على كل الصعد.

وتراقب الدول عبر بعثاتها الديبلوماسية في لبنان مصير مرسوم الجنسية. وان لم يتغير، فثمة اتهاماً للبنان بأنه يمرر ما يهم النظام، ما عدا كل الأفرقاء الذين انبثقوا من «ثورة الارز»، فيهمهم المجتمع الدولي. ويهمهم دعمه للبنان السيادة والحرية والاستقرار، ولدى كل معضلة يضعونه في صورة الدعم المطلوب. وهم يعتمدون على أن هذا المجتمع يهمه أن لا ينهار لبنان من جهة، وأن لا يتم الدفع بالنازحين السوريين على أراضيه الى الهرب الى الدول الأوروبية من جهة أخرى.

وبالتالي، تُلاحظ المصادر، أن ليس في لبنان من يعارض بقوة ما يحصل وأن هذه المعارضة «القوية» المفترضة، يجب أن تكون مدعومة من الخارج، بل تقتصر الأمور على الدعوة من أفرقاء داخليين لدعم رفض التوجه الجديد.

فهل سيعمل لبنان لوضع خطة لعودة النازحين تراعي الداخل والخارج والدستور على حد سواء؟.