مرض مزمن غير معدٍ ينتقل بالجينات، فقر الدم الوراثي هذا أو ما يُعرف بمرض "التلاسيميا" يجعل الطفل منذ صغره يخوض غمار نقل الدم مدى الحياة ويتلقى علاجاً دائماً. يعتبر التلاسيميا من أكثر الأمراض المنتشرة في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط، غياب التوعية والزواج دون اجراء الفحوص الطبية ما قبل الزواج من الأسباب الرئيسية لنقل المرض الى الأطفال. فما هو مرض التلاسيميا وانواعه؟ وكيف يمكن علاجه والوقاية منه؟

بالرغم من ان التلاسيميا يُصيب حوالى 770 حالة في لبنان إلا ان غياب التوعية يزيد من الإصابة به. في لبنان لا يوجد سوى مركز واحد لعلاج التلاسيميا يتمثل بمركز الرعاية الدائمة، ولمعرفة تفاصيل أكثر حول المرض كان لنا حديث مع المسؤولة عن قسم التلاسيميا الطبيبة سوزان كوسا شربل.

تستهل شربل حديثها بالتعريف أولاً عن مرض التلاسيميا بالقول "التلاسيميا كلمة من أصل يوناني مركبة من "تلاس" اي بحر "وهيميا" اي دم، والتي تعني فقر دم البحر. يكثر في دول حوض البحر الأبيض المتوسط، وتعتبر التلاسيميا فقر دم وراثياً مزمناً وغير معد، ينتقل بالجينات ويؤدي الى إنخفاض مادة الهيموغلوبين في الدم المسؤولة عن توزيع الأوكسيجين الى كافة اعضاء الجسم".

أنواع التلاسيميا

"صحيح ان مرض التلاسيميا واحد لكنه ينقسم الى ثلاثة انواع تختلف بحسب درجتها" وفق ما أكدته شربل.

* التلاسيميا الصغرى: يحمل الشخص جينة خاطئة وآخرى صحيحة. ان سمة التلاسيميا او التلاسيميا الصغرى ليست مرضاً وانما تكون حاملاً للمرض. هناك حوالى 3% من الشعب اللبناني يعاني من التلاسيميا الصغرى.

* التلاسيميا الوسطى

* التلاسيميا الكبرى: في التلاسيميا الوسطى والكبرى، يحمل المريض جينين خاطئين من الوالدين ولكن تعتبر مضاعفات التلاسيميا الوسطى اقل من الكبرى. في حين تعدّ التلاسيميا الكبرى مرضاً خطيراً جداً وتظهر عوارضه في الشهر الرابع للولادة واهمها: الشحوب والاصفرار في الوجه، تعب، تأخر في النمو وقلّة شهية.

لذلك عند ظهور أي عارض من هذه الأعراض على الطفل يتوجب على الأهل استشارة الطبيب واجراء فحوص دم طارئة (فحص دم يظهر الهيموغلوبين، فحص رحلان الكهربائي وفحص MCV) وفي حال التلاسيميا يكون حجم الكريات الحمراء اصغر من العادي.

تشير المسؤولة عن قسم التلاسيميا في المركز الى ان "التلاسيميا الكبرى تتوارث عندما يكون كلا الوالدين حاملاً لسمة التلاسيميا كون لكل خاصة من خصائص الجسم جينتين تأتي واحدة من الام والثانية من الأب. وتالياً ان إجراء الفحوص الطبية ما قبل الزواج واجب إلزامي لتفادي الإصابة بالمرض، فإا كان الثنائي يحمل التلاسيميا الصغرى فهناك احتمال الإصابة بالتلاسيميا الكبرى بنسبة 25%، والإصابة بالتلاسيميا الصغرى بنسبة 50% في حين تصل نسبة انجاب طفل طبيعي 25%.

 

بين العلاج الدائم والشافي

اما بالنسبة الى العلاج، تؤكد شربل ان علاج التلاسيميا الكبرى يكون لمدى الحياة، وينقسم الى شقين:

* العلاج التقليدي: يكون بنقل الدم بمعدل مرة كل ثلاثة أسابيع مدى الحياة. يتسبّب نقل الدم بمشاكل ومضاعفات أهمها زيادة الحديد في الجسم وتراكمه في القلب والغدد والكبد بالإضافة الى مشاكل في الغدد. ويكون السبب الاول للوفاة ناتجاً من تراكم الحديد في القلب. لذلك تكمن الأهمية بمتابعة المرضى وإعطائهم علاجات لإزالة الحديد في الجسم. يكون العلاج من خلال دواء يؤخذ بالحقن يوميا تحت الجلد لمدة 10 ساعات الى 12 ساعة بواسطة مضخة بالإضافة الى الحبوب التي اصبحت بديلة من المضخة.

* العلاج الجذري: يكون من خلال زرع نخاع العظم "نقي العظام" وهو علاج شافٍ لكنه مكلف جداً وقد بدأنا اجراؤه في لبنان حيث تم التعاون مع مستشفى الجامعة الاميركية (حيث خضع 7 مرضى الى هذه العملية وهم بصحة جيدة اليوم) او السفر الى الخارج لإجرائه ويجب ان يكون المتبرع من افراد العائلة.

المهم اختيار المريض المناسب (يجب ان يكون تحت سن العاشرة) ويتلقى العلاج المناسب ونسبة الحديد منخفضة في جسمه ويكون المتبرع من عائلته (تطابق الأنسجة) لضمان نجاح العملية. وقد خضع لغاية اليوم حوالى 40 مريضاً لزراعة نقي العظم وقد خسرنا 2 - 3 مرضى اما الآخرون فهم اليوم بصحة جيدة.

كيف يمكن الوقاية من التلاسيميا؟

تشدد شربل على ان الخطوة الاولى في الوقاية تكمن في اجراء الفحوص ما قبل الزواج للتأكد من ان الثنائي لا يحمل جينة التلاسيميا، اما الخطوة الثانية فتكون في فحص الجنين في حال الزواج حيث يمكن التاكد من اصابة الجنين بالتلاسيميا. وفي حال اظهرت الفحوص اصابة الثنائي بالتلاسيميا يمكن اللجوء الى طفل الانبوب لإنجاب طفل سليم.

في لبنان تتمثل المشكلة الأساسية بغياب التوعية الكافية ومشكلة في قراءة الفحوص المخبرية ووجود مختبرات غير كفوءة او طبيب غير كفوء في قراءة النتائج.