تحت عنوان "قاسم سليماني.. حارس إيران"، نشرت صحيفة "لو موند" الفرنسيّة تحقيقًا مطوّلاً عن قائد "فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني"، الذي قالت الصحيفة إنّه فرض النفوذ الإيراني من العراق الى لبنان، مرورًا بسوريا.  

ولفتت الصحيفة الى أنّه غالبًا ما يبدو مدنيًا في جميع ساحات القتال، وأظهرته الصور في حلب يتفقّد الدمار، ويهلّل للنصر.

وقالت مصادر أميركية إنّه زار موسكو منذ 3 أعوام لكشف الأوراق السورية أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو من نسّق في تموز 2015 التدخّل الروسي في سوريا، كما أنّه أقحم قواته في سوريا منذ العام 2012.

وأشارت الصحيفة الى أنّ سليماني، الذي وصفته بأنّه "الرجل الأقوى في الشرق الأوسط" يعيش مع الحرب منذ 37 عامًا. ففي العام 1980، دافع عن الثورة الإيرانية التي هدّدها الغزو العراقي لإيران، ثمّ عادَ الى العراق بعد العام 2000، وباتَ منذ العام 2014 يموّل ويُشرف على مجموعات عراقية تقاتل ضد "تنظيم "داعش".

وقد عمل سليماني على تعزيز  "محور المقاومة"، الذي يصل طهران بالبحر المتوسّط، من خلال العراق، وصولاً الى سوريا ولبنان. وساهمَ سليماني في تراجع دول كتركيا، وبسطَ نفوذ بلاده في المنطقة.   

ونقلت الصحيفة عن مسؤول إيراني أنّه منذ الثورة، لا يتمتّع سليماني بحياة طبيعيّة، فمن مثله يخاف الموت في سريره، لا بساحة قتال.

وأوضحت أنّ سليماني وُلدَ في منزل رجل فقير، في منطقة جبال كرمان، في جنوب إيران، وعندما بلغ من العمر 13 عامًا، أصبح عامل بناء، قبل أن تستقطبه الثورة الإيرانية، وبعمر الـ22 دخل الى حرس الثورة، الذي تأسّس آنذاك، قبل أن يتقدّم في صفوفه ويستلم منصبًا قياديًا. فبعد مدّة من انتسابه، أُرسل في مهمة إلى سيستان وبلوشستان في إيران، لمكافحة بعض المجموعات، إضافةً الى ضبط مهرّبي المخدرات على الحدود الأفغانيّة. وفي العام 1998، استلم قيادة "فيلق القدس". 

وكشفت الصحيفة أنّه بعد أحداث 11 أيلول 2001، كانت تتحضّر الولايات المتحدة لغزو أفغانستان، فخشيت إيران من أن تُصبح القوات الأميركية على حدودها، ويومها اتخذ سليماني موقفًا خطيرًا. فقد قال الرئيس الأسبق للجنة الشؤون الخارجية بمجلس الأمن القومي الإيراني حسين موسافيان "أمام المجلس، أتى سليماني للدفاع عن فكرة التعاون مع الولايات المتحدة من أجل الإطاحة بـطالبان وتعيين حميد كرزاي في السلطة رئيسًا لأفغانستان".

وبحسب الصحيفة، "ففي فندق في جنيف، التقى ديبوماسيون إيرانيون بتوجيه من سليماني، سرًا بالسفير السابق للولايات المتحدة في بغداد ريان كروكر، وكشف الأخير في حديثٍ لمجلّة "نيويوركر" أنّ الإيرانيين قدّموا له معلومات إستخباراتيّة حول طالبان أكثر ممّا كان يحلم، من خرائط الى مواقع، وصولاً الى مخططات هجوميّة".

وتابعت الصحيفة: "في 29 كانون الثاني 2002، إنهار هذا التعاون، وفي خطاب للرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش، فقد وضع إيران الى جانب العراق وكوريا الشماليّة في "محور الشّر". وفيما كانت الولايات المتحدة تحضّر لاجتياح العراق، لعب سليماني دورًا أيضًا".

ولفتت الصحيفة الى أنّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف غضب خلال زيارة قام بها في العام 2005 الى إيران، بسبب جدول المواعيد الممتلئ، إذ أعلن حينها أنّه لا يريد مقابلة سوى شخصين "المرشد الأعلى علي خامنئي وسليماني".

وأوضحت أنّ سليماني طوّر في بغداد شبكة من المقاتلين، تُشبه تأسيس "حزب الله" في الثمانينيات، في البقاع بمساعدة الحرس الثوري الإيراني. وهنا قال أمين عام عصائب أهل الحق في العراق قيس الخزعلي "أتى عماد مغنية الى بغداد، لقد كان بطلاً بالنسبة لنا، وخاض الحرب مع إسرائيل"، مضيفًا: "لقد درّبَنا حزب الله، علّمنا على صناعة ألغام متطوّرة لاستهداف المدرّعات الأميركية".

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين استخباراتيين أميركيين أنّ سليماني نصحَ الرئيس السوري بشار الأسد، بفتح حدوده لـ"الجهاديين" القادمين من العالم لقتال القوات الأميركيّة في العراق. ومن بين هذه "المجموعات الجهاديّة" وُلدَ فرع "القاعدة" في العراق، والذي أدّى فيما بعد الى بروز "داعش".

ووفقًا لتقديرات مراكز الأبحاث الروسية، فإنّ سليماني يدير ما بين 20 ألف الى 25 ألف مقاتلاً في سوريا، بينهم حوالى 3 آلاف إيراني، أمّا حصة الأسد فلـ"حزب الله" تليه وحدات أفغانية وباكستانية، إضافةً الى القوات العراقية.