لم تحجب التطورات الدولية ذات الصلة بالاتفاق النووي الإيراني ودور إيران في سوريا، التطورات المحلية، وخصوصاً نتائج الاستحقاق الانتخابي وما بعد ظهور النتائج في ضوء تصفيات الخلافات الانتخابية دموياً، كما حصل في الشويفات
 

وتوقفت اوساط ديبلوماسية عبر "النهار" أمام أحداث الاثنين المتنقلة من بيروت الى بلدات بقاعية والتي جاءت في توقيت رمزي متزامن مع أحداث 7 أيار 2008، كما بعد انتهاء المؤتمر الصحافي لرئيس الوزراء سعد الحريري في "بيت الوسط" وقوله "أنا غير قابل للكسر"، وتطرّقه الى استحقاقات مقبلة كرئاسة الحكومة وتشكيلها وما بينهما من شروط سياسية بدأت تطل برأسها، ما دفع الجيش اللبناني والقوى الامنية الى اتخاذ اجراءات مشددة أمس تسببت بزحمة سير خانقة في كل شوارع العاصمة، منعاً لتكرار اعمال الشغب المعروفة المصدر والهوية. 

ولفتت "النهار" إلى أن الاستنكار الذي عبّرت عنه أكثر من جهة سياسية وحزبية، لم يلغ ما يمكن اعتباره رسائل مشفرة الى رئيس الوزراء أولاً، ومن بعده الى رئيس الجمهورية وفريقه السياسي، وثالثاً الى المجتمع الدولي الذي راقب من كثب تلك الحركة وسجل ممثلوه في لبنان جملة ملاحظات في تقاريرهم الديبلوماسية أمس استقوها من مصادر لبنانية مختلفة.

في السياق، أشارت "النهار" إلى أن تفاعل الخلاف بين مناصرين للحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديموقراطي اللبناني في الشويفات أدى الى سقوط قتيل اشتراكي يدعى علاء أبو فرج. واقتضى الأمر توجيه نداءات وحركة اتصالات لمحاصرة تداعيات الحادث وصدور بيان مشترك لرئيسي الحزبين وليد جنبلاط وطلال ارسلان دعوا فيه "جميع المناصرين في الحزبين للوقف الفوري لكل أنواع الإشتباك بينهما وأكدا ضرورة ممارسة أعلى درجات ضبط النفس لقطع الطريق على الطابور الخامس الذي قد يدخل على خط الإشكال ودفعه نحو مزيد من التصعيد".

وقالت مصادر معنية لـ"النهار" ان "الطابور الخامس: المتضرر من الانتخابات ونتائجها يهدف الى إثارة فتنة في غير منطقة بدأت في بيروت وامتدت الى مناطق بقاعية ولاحقاً الى الجبل، وما حصل أمس يشكل امتداداً للأحداث الشاذة التي حصلت في بيروت والتي كانت أشبه بـ"ميني 7 أيار".

 

عون وتطبيق الطائف

ولفتت "النهار" إلى أن رئيس الجمهورية ميشال عون قال في رسالة وجهها الى اللبنانيين إن "كل الكتل على تنوع انتماءاتها وتنوعها السياسي، مدعوة الى الاجتماع تحت قبة الندوة البرلمانية لتحمل مسؤولية العمل معاً من أجل مواجهة التحديات المشتركة واستكمال مسيرة النهوض بالوطن، والبناء على ما أنجز في الفترة الماضية".

وأكد عون أنه سيسعى مع رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة الى أن "يستعيد المجلس العتيد دوره الرقابي والتشريعي، فيكون بذلك مساحة اللقاء الطبيعية لعرض القضايا التي تهم اللبنانيين ومناقشتها، ولا سيما منها تلك التي ستكون محور حوار وطني يعتزم الدعوة اليه، بهدف استكمال تطبيق اتفاق الطائف بكل مندرجاته الواردة في وثيقة الوفاق الوطني، ووضع استراتيجية دفاعية تنظم الدفاع عن الوطن وتحفظ سيادته وسلامة أراضيه".

وفي تقدير مصادر سياسية لـ"اللواء" ان الرسالة التي وجهها الرئيس عون إلى اللبنانيين، مهنئاً بالإنجاز الذي تحقق في الانتخابات النيابية التي جرت الاحد الماضي، كانت بمثابة خطاب قسم جديد، واجندة جديدة للسنوات المتبقية من عهده، والتي يعتبرها السنوات الحقيقية لعهده، بعد انتخاب مجلس نيابي جديد، وحكومة جديدة ستكون "حكومة العهد الاولى"، علماً ان الرسالة لم تأت على ذكر التسوية السياسية التي جاءت به رئيساً للجمهورية، من دون ان يوضح ما إذا كانت ما زالت مستمرة، أو ان مفاعيلها انتهت مع انتخاب المجلس النيابي الجديد.

واللافت لـ"اللواء" في الرسالة، تأكيدها اعتزامه الدعوة إلى حوار وطني، بهدف استكمال تطبيق اتفاق الطائف بكل مندرجاته الواردة في وثيقة الوفاق الوطني من دون انتقائية أو استنسابية، وتطويرها وفقاً للحاجة من خلال توافق وطني، ووضع استراتيجية دفاعية تنظم الدفاع عن الوطن وتحفظ سيادته وسلامة أراضيه، الا ان الرئيس عون لم يُحدّد طبيعة هذا الحوار، وعما إذا كان من خلال طاولة أو من ضمن تشكيل الحكومة الجديدة أو عبر المجلس وان كان أعلن انه سيسعى مع رئيس المجلس ورئيس الحكومة كي يستعيد المجلس العتيد دوره الرقابي والتشريعي، ويكون بذلك مساحة اللقاء الطبيعية لعرض القضايا التي تهم اللبنانيين ومناقشتها، ومنها تلك التي ستكون محور الحوار الوطني.

في المقابل، أوضحت مصادر مطلعة لـ"اللواء" ان ما من أجندة موضوعة في مسألة الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية، وان الخطوة الأولى يجب ان تبدأ من انطلاقة المجلس النيابي وقيام الحكومة الجديدة على أن تحدد بعد ذلك الآلية والأولويات.

ولفتت مصادر "اللواء" إلى أن الاستراتيجية هي من ضمن مواضيع الحوار والتي تشمل اتفاق الطائف  واستكمال تنفيذه مؤكدة أنه لم يتم وضع أجندة محددة. وقالت إن القرار والرغبة موجودان لكن التوقيت لقيام الحوار يبحث بعد انطلاقة عمل المجلس النيابي وتوزيع القوى وتشكيل الحكومة الجديدة وإنجاز البيان الوزاري لها.

ونقلت مصادر وزارية لـ"اللواء" عن الرئيس عون ارتياحه لتمثيل الجميع بعدالة  في القانون النسبي. مؤكدة أن من يريد الطعن بهذا القانون فليجهز الطعون من أجل التقدم بها إلى المجلس الدستوري. ولفتت المصادر إلى أن القانون الجديد أنهى كل ما يمكن تسميته بالمحادل والبوسطات ولم يستبعد أحداً، غير أن من لم يتمكن من نيل الحاصل كان بسبب عدم نيله الحاصل فقط.

وأشارت مصادر "اللواء" إلى أن الرئيس عون سبق أن أعرب عن تمنيه بقيام حكومة توافقية تراعي تمثيل أحجام الكتل وشموليتها وتضم جميع المكونات.  وذكّرت بما أعلنه لمحطة الـ بي. بي. سي العربية من أن من يريد الإنكفاء وعدم المشاركة في الحكومة فإنها قد تتشكل بمن حضر.

وأعلنت مصادر"اللواء" أن عون يحترم الآلية المتبعة لتشكيل الحكومة وهو لا ولن يتدخل في عملية مناطة بمهمة الرئيس المكلف بتأليف الحكومة الجديدة، ورأت أن الحديث عن وقت محدد لتأليف الحكومة ليس في مكانه معربة عن اعتقادها أن وضع العقد والشروط والشروط المضادة وقيام شهوات وزارية لا تسهل تأليف الحكومة، إلا انها أوضحت في المقابل أن الوضع الداخلي والاستحقاقات المرتقبة على لبنان لا تسمح أيضا بتأخير ولادة الحكومة.

 

بري: النتائج لم تحدث انقلاباً

بالتوازي، اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري في حديث لـ"وكالة فرانس برس"، أن "ليس هناك انقلاب في ضوء نتائج الانتخابات النيابية، كل ما هنالك، كما في كل انتخابات، أحزاب تتقدم وأحزاب تتأخر. لكن جميع الأحزاب اللبنانية بقيت على الساحة لأن في لبنان لا يمكن تجاهل أحد، ولبنان بلد التوافق ليس فقط من حيث الأديان وإنما أيضاً في الأمور السياسية.

وأكد بري أن "مجرد أن ينعقد المجلس النيابي، من أول الأعمال التي يجب أن نبدأ بها هو تطوير هذا القانون الانتخابي كي يرضي كل الأطراف في المجتمع اللبناني".

 

جلسة لمجلس الوزراء الخميس

وأشارت "اللواء" إلى أن مجلس الوزراء يعقد جلسة قبل ظهر الخميس في قصر بعبدا برئاسة الرئيس عون، وعلى جدول أعمالها قضية الكهرباء في ضوء التقرير الذي انجزه وزير الطاقة سيزار أبي خليل، وفق مقررات الجلسة قبل الأخيرة، والتي أقرّت فيها تقرير أبي خليل، على ان يعود إلى مجلس الوزراء حول كل نقطة من نقاطه الـ13.

وعلمت "اللواء" ان الوزير ميشال فرعون سيقاطع الجلسة تبعاً لما أعلنه أمس الأوّل، احتجاجاً على نتائج الانتخابات.

 

بدء مشاورات تشكيل الحكومة

وأفادت "اللواء" ان الاتصالات لتأليف الحكومة الجديدة بدأت فعلاً بين بعبدا وبيت الوسط وعين التينة.

وقالت مصادر مطلعة لـ"اللواء"، انها لا تتوقع وجود عراقيل كثيرة، ولا سيما في ما يتعلق بالحقائب السيادية، حيث سيتم تجديد القديم على قدمه، بمعنى ان تبقى حقيبة المالية من حصة الطائفة الشيعية، ولكن مع تغيير الأشخاص، بمعنى ان يتم استبدال الوزير علي حسن خليل في المالية على ان يكون محله النائب ياسين جابر، مثلما هو مقترح.

في المقابل، لفتت "اللواء" إلى أن أوساط كتلة برّي رفضت الغوص منذ الآن في مسألة توزيع الحقائب في الحكومة الجديدة، في ضوء ما اثير من مواقف، سواء من الرئيس برّي أو ردّ الرئيس سعد الحريري عليه بالنسبة لوزارة المال، مؤكدة انه "عندما يأتي الصبي نصلي على النبي".

ورأت أوساط "اللواء" انه من المبكر الحديث عن الحكومة قبل انتخاب رئيس المجلس وتسمية الرئيس المكلف واجراء الاستشارات النيابية الملزمة، مشيرة إلى ان هذا الأمر يحتاج إلى نقاش وفق المقاييس السياسية والدستورية والأعراف، لافتة إلى ان ما أفرزته الانتخابات النيابية من نتائج ستفرض نفسها حتما على عملية تأليف الحكومة. وأوضحت انه مثلما تشكيل الحكومة ينطلق من معطيات داخلية، كذلك هناك معطيات إقليمية، ونظرا للأوضاع المحيطة بنا فإن لبنان يحتاج لتحصين نفسه بحكومة جامعة وقوية.