بين البوشرية وسدّ البوشرية و»الجديدة» ارتسمت أمس مشهديّةٌ واحدة، خرقتها بلبلةُ المُجنّسين في «الجديدة» التي خرق رئيس بلديتها أنطوان جبارة بنحو فاضح الصمت الانتخابي وقانون الانتخاب بتصريح داخل مركز الاقتراع، مُعلناً عن اسم المُرشح الذي سيعطيه صوته التفضيلي، ومُشيداً بـ»العهد» وبالقانون وبطريقة الانتخاب «الشفّافة»... وبعدها مباشرةً دخل الى قلم الاقتراع متخطّياً عشرات الناخبين المنتظرين «بالدور»... وفي الوقت الذي كان يقترع، كانت مجموعة من النسوة «المجنّسات» يُثرن بلبلةً وفوضى عارمة في قلم اقتراعٍ مقابل، ما أثار امتعاضَ رئيس القلم وقوى الأمن وغالبية مندوبي اللوائح والمرشحين وغضبهم.
 

انتهى اليوم الماراتوني في مناطق الجديدة والبوشرية وسد البوشرية (دائرة المتن الشمالي) بلا إشكالات بين ماكينات الاحزاب ومناصري المرشحين واللوائح الخمسة، وسط إجراءات أمنية مكثفة اتّخذتها القوى الأمنية في مراكز الاقتراع ومحيطها.


من مركز سدّ البوشرية إلى مركزَي البوشرية والجديدة، يُجمع رؤساء الأقلام على «قلة دراية» المقترعين بالقانون الانتخابي الجديد وبطريقة الانتخاب، ما ساهم في تدنّي نسبة الإقبال على الاقتراع، إضافةً إلى تأخّر الناخبين بإتمام عملية الإدلاء بأصواتهم.


كذلك تحدّث بعض رؤساء الاقلام عن «قلّة دراية» وهم مندوبو غالبية اللوائح والمرشحين بقانون الانتخاب، وقال احدهم: «لو بدّي... فيّي مرّق إشيا خلال الفرز وما بينتبهوا».


وفي بعض الأقلام، حصلت بلبلةٌ سُرعان ما عولجت، حيث تواصل رؤساء الأقلام مع وزارة الداخلية للاستيضاح حول وجود مغلّفات غير مختومة وتبيّن أنها مغلفات احتياطية للاستخدام في حال نفاد أعداد المغلفات المختومة، وختمها بعد اقتراع الناخبين.


كذلك تمّ تناقل معلومات عن دفع رشاوى في مركز مندوبي احد الأحزاب، امام مدرسة سد البوشرية للصبيان، اضافة الى حدوث إشكال لأسباب مالية ورشاوي داخل المركز نفسه. إلّا أنّ نتيجة العملية الانتخابية الأوّلية أظهرت أنّ هذه المخالفات لم تشفع بأصحابها، بل أتت النتائج دراماتيكية بالنسبة الى توقعاتهم الواهمة.


من السابعة صباحاً إلى السابعة مساءً، المشهد العام أمام مراكز الاقتراع لم يتبدّل، ماكينات اللوائح ومندوبوها مُتمركزون، وعلى عكس المعارك الانتخابية السابقة، غاب التوتر والتشنّج بين مناصري المتنافسين الذين عملوا بعضهم الى جانب بعض «جغرافياً» طوال النهار. وانسحبت حال الهدوء هذه على أقلام الاقتراع، حيث لم تحدث أيّ إشكالات أو اعتراضات تُذكر، باستثناء قلم اقتراع الإناث (المُجنّسات) الذي ضمّ سُنّة (النسبة الأعلى) وشيعة وأرمناً ارثوذكس في مركز ثانوية الجديدة للبنات، الذي تحوّل «مكبَّ نفايات» بعد النهار الانتخابي الطويل.


وقد شهد هذا القلم نسبة اقتراع متواصلة بلا انقطاع، في ظلّ فوضى وبلبلة أحدثتها خارج قلم الاقتراع وفي داخله، ما أثار غضبَ وامتعاضَ كلّ من رئيس القلم وقوى الأمن والمندوبين، الذين عبّروا عن اعتراضهم من أعداد الناخبات «الأُمّيات»، (أو اللاتي إدّعينَ ذلك)، ورفضهنّ الاقتراع بلا مساعدة ناخبة أخرى، على رغم إصرار رئيس القلم على شرح طريقة الانتخاب وتبسيطها لهنّ.


وعبّر رئيس القلم كما قوى الأمن كل عن امتعاضه وتعبه من جراء ما سبّبنه من ضجة وفوضى ومشكلات وبلبلة.


إلى ذلك، انسحب مشهد غير انساني مهين على كلّ مراكز الاقتراع، يُثبت مدى حصر اهتمام «الدولة» بما يُساهم في تعزيز سلطات البعض لا بإقرار وتطبيق قانون انتخابي مُتطوّر. فمشهد «حَمل» ذوي الاحتياجات الخاصة والمُسنّين من أبنائهم أو أقاربهم والصعود بهم «أدراجاً» عدة لتمكينهم من ممارسة حقهم في الاقتراع، يدلّ على «لاإنسانية» الدولة وفشلها الإداري... ليبقى عناصر الجيش والقوى الأمنية والدفاع المدني... الصورة المُشرّفة، والجهة التي تحترم المواطن وتحميه... علّ وعسى تتوافر ظروف الانتخاب الملائمة لجميع المواطنين بلا أيّ تمييز في استحقاق 2022.