بدا واضحاً ان رئيس الجمهورية ميشال عون ماض في مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية الى مرحلة من التصلب قد تستدعي حكماً قيام جبهة معارضة واسعة “ضد العهد”. فالرئيس الذي قدم نفسه “بي الكل” صرح امس بعد اقتراعه في مسقطه في حارة حريك: “منحت صوتي للعهد”. وتوقف اكثر من مراقب عند التصريح الذي ربط الانتخابات بالعهد بعدما اثار انصاره الموضوع في الايام الاخيرة التي سبقت الاستحقاق عندما روّجوا لمعادلة أن الانتخاب لمصلحة “التيار الوطني لحر” انما هو دعم للعهد وللرئيس القوي، وان عدم الانتظام في صفوف المؤيدين يعني اضعافاً للعهد وللرئيس المسيحي القوي على ما صرّح مرشح بقاعي في جلسة تحريض انتخابي اذ قال: “علينا ان نصير نواباً لنقف مع الرئيس والا تم الاستفراد به وضاعت حقوقكم، واستمر استقواء الغير عليكم”.

وكان الرئيس عون ادلى بحديث السبت الى محطة “بي بي سي”، قال فيه “إن من يريد الدخول إلى الحكومة المقبلة، عليه أن يلتزم القوانين، التي ترعاها وطريقة العمل داخلها. ومن يريد البقاء خارجها وفي صفوف المعارضة، فهو حرّ بذلك. إذا ما حصلت عرقلة داخل الحكومة، يمكن أن تستقيل ويعاد تشكيل حكومة أخرى، لكن الأمر لن يستغرق كما في بعض الدول سنتين أو أكثر لتشكيل حكومة جديدة”.

وقد اثار كلامه اهتماماً بالغاً اذ دعا فيه المعارضين الى عدم الدخول الى الحكومة والبقاء خارجها اذا لم يتمكنوا من العمل وتسيير الاعمال في الداخل ضمن القوانين المرعية الاجراء، وهي غالباً قوانين ملتبسة اذ ان مجلس الوزراء لم يتحوّل مؤسسة قائمة في ذاتها كما نص الطائف، وبالتالي لا نظام خاصاً به باستثناء التصويت الذي ينص على الثلثين في حال عدم التوافق وهو النظام الساري غالباً. وفسّر كلامه بأنه دعوة الى اعتماد نظام جديد بعيداً من الحكومات التوافقية التي انطلقت منذ ما بعد الطائف، وصارت صورة عن مجلس النواب، بحيث يصعب اتخاذ القرار فيها. لكن التغيير ليس سهلاً في لبنان، واقصاء الاخرين، ولو كانوا معترضين على مشاريع وما يقرب من الصفقات، امر معقد، خصوصاً ان وزراء “التيار الوطني الحر” كانوا دائماً من ابرز حركات الاعتراض داخل مجلس الوزراء ولم يستقيلوا يوماً. واما الهدف الذي يتخوّف منه البعض فهو اقصاء “القوات اللبنانية” والكتائب و”تيار المردة” للاستئثار بالحصة المسيحية.


ماذا قال عن الحكومة الحالية والمقبلة؟
أشار الرئيس ميشال عون في حديثه الى “بي بي سي” إلى أنه بعد الانتخابات، وفي ما خص الحكومة الحالية “فإننا سنواصل العمل وفق الأسلوب الذي اعتمدناه، والذي يقوم على الإجماع في اتخاذ القرارات، وهذه وسيلة قد تعاني من بعض البطء، إلا أنها تعفينا من الخلافات”.

وعن الحكومة المقبلة، وما إذا كانت ستشكل بسرعة، وكيف ستعالج المسائل بداخلها، أوضح أنه “سيتم تطبيق الدستور وما ينص عليه، وسنحاول دوماً التوصل إلى الإجماع، وهو الأمر المستحب. وفي غياب الإجماع هناك التصويت”، مشدداً على أن ما يهمه “هو دائماً الحفاظ على الوحدة الوطنية في أي عمل حكومي مقبل، وإذا تعذر ذلك، فسنلجأ إلى الأكثرية”، مذكرا: “لقد كنا خارج الحكومة وفي المعارضة منذ 2005، وهناك حرية المعارضة”.

وعن نظرته إلى المرحلة المقبلة، قال: “إن من يريد الدخول إلى الحكومة، عليه أن يلتزم القوانين، التي ترعاها وطريقة العمل داخلها. ومن يريد البقاء خارجها وفي صفوف المعارضة، فهو حر بذلك. إذا ما حصلت عرقلة داخل الحكومة، يمكن أن تستقيل ويعاد تشكيل حكومة أخرى، لكن الأمر لن يستغرق كما في بعض الدول سنتين أو أكثر لتشكيل حكومة جديدة”.