منذ فترة توفي شاب بنوبة ربو أودت بحياته، لم يتمكن أحد من إنقاذه. هذه ليست المرة الأولى التي نسمع بها عن وفاة نتيجة الربو، هذه الحادثة تكررت مراراً أو قد ينقذ الشخص في اللحظة الأخيرة كما جرى مع فتاة عمرها 13 سنة وصلت في الوقت المناسب الى المستشفى. نوبة الربو كادت تقتلها وأُنقذت بفضل جهود الأطباء وسرعة التدخل. يعتبر الربو السبب الرئيسي لوفاة الأطفال، إذ إن انسداد مجاري الرئة يُؤدي الى توقف القلب. 

صحيح أن الربو مرض مزمن يمكن التعايش معه وتفادي مضاعفاته، لكن إهماله أو استخدام العلاج بطريقة عشوائية من شأنه ان يؤدي الى الوفاة. فما هي أنواع الربو وكيف يمكن علاجه، ومتى يؤدي الى الوفاة؟

مرض مزمن ولكن 

تشرح الاختصاصية في أمراض الرئة والربو والحساسية جوسلين ساسين فخوري أن "الربو مرض مزمن يُصيب القصبات الهوائية بإلتهابات مزمنة. تختلف اسبابه وأنواعه مما يُفسّر التباين واختلاف العلاجات بين مريض وآخر ومدى تجاوبه مع هذه العلاجات. لذلك نجد مريضاً يعاني من ضيق في التنفس فيما آخر من سعال وآخر من صفير في الصدر، تختلف الأعراض بحسب كل مريض ولكل حالة علاجها الخاص".

وتوضح "علينا ان نعرف أولاً ان الربو ليس حساسية، صحيح ان هناك ربو ناتجاً من الحساسية (Allergic Asthma) ولكن هناك ايضاً ربو غير مرتبط بالحساسية (Non-allergic Asthma). هناك أنواع عدّة من الربو منها: الربو عند الصغار، الربو عند الكبار، الربو عند الأشخاص الذين يعانون السمنة الزائدة، الربو الناتج من الحساسية، الربو عند المرأة الحامل... ووفق كل نوع يتجاوب المريض مع علاج خاص به".

وتشدد فاخوري على ان "الربو في حال لم يُعالج ويُتابع يصبح قاتلاً. لا يمكن لمريض الربو ان يُشفى من الربو لكن يمكن الحدّ من أعراضه ومنع مضاعفاته. لذلك حتى لو اختفت الأعراض لسنوات يبقى الربو خافتاً في الجسم والفحص وحده يكشف ذلك. صحيح انه احياناً لا يشعر المريض بأعراض الربو او يكون اعتاد بعض الأعراض في حياته، ولكن عندما يتعرض لفيروس معين او التهاب رئوي يظهر الربو مجدداً بأعراضه الواضحة والخطيرة احياناً".

وتضيف الاختصاصية في أمراض الرئة والربو والحساسية ان "مشكلة الربو تكمن في أنه في حال لم يُعالج قد يُسبّب مع الوقت بتصلب المجاري الهوائية. وبما أن الربو مرض مزمن ناتج من التهابات في القصبة الهوائية يكون العلاج بإعطاء مضاد للالتهاب (anti –inflamatoire) وهي كناية عن بخاخات تعمل على تخفيف نسبة الالتهابات المزمنة في القصبات الهوائية لمنع الانسداد المزمن لهذه القصبات الشبيه بالانسداد الرئوي لدى المدخنين".

 

أهم أسباب الربو وأعراضه 

برأي فاخوري أن "لا اسباب واضحة، وتنجم الإصابة بالربو عن جملة عناصر تشمل الاستعداد الجيني وتفاعلها مع العوامل البيئية، بينها مسببات الحساسية الموجودة في المساكن (العث والعفن ووبر الحيوانات الاليفة) وعوامل خارجية (حبوب اللقاح) ودخان التبغ وبعض الأدوية والمنتجات الكيميائية المسببة للحساسية وتلوّث الهواء خصوصاً في الجسيمات الدقيقة.

أعراضها:

لا تتشابه الأعراض عند كل المرضى وتختلف وفق نوع الربو ولكنها تشمل:

* ضيق في التنفس

* السعال

* صفير في الصدر

* رشح متكرر ومطول

* الالتهاب الشعبي

 

علاج الربو على اختلافاته 

وتشير الاختصاصية في أمراض الرئة والربو والحساسية إلى أنه "صحيح انه يختلف العلاج بحسب نوع الربو ولكن هناك حجر اساس لكل مرضى الربو وهو الكورتيزون، ولكن نحن لا نتحدث عن الكورتيزون الحبوب او الإبر وإنما أجهزة الاستنشاق أو البخاخات تجنباً للأعراض الجانبية (ومنها تضرر في العظام، السمنة، يؤثر على الجلد...). لذا نبدأ أولاً بعلاج بخاخات الكورتيزون، في حال تجاوب المريض معه لسنا بحاجة الى علاجات أخرى ونتابعه حالته للتأكد من فعالية العلاج وإستمراريته.

أما في حال لم يتجاوب المريض مع الكورتيزون، نستعين بأدوية أخرى وحقن لديها مفعولها على المريض. لذلك من المهم استشارة الطبيب والمتابعة معه حتى بعد شعوره بالتحسن والأهم عدم ايقاف العلاج حتى لا تسوء حالته".

وتضيف انه "علينا ان نعرف أن الفانتولين ليس علاجاً للربو وانما بخاخات الكورتيزون. الفاتولين هو فقط لعلاج نوبة الربو وليس علاجاً مزمناً. نستعين فيها للتخفيف من حدّة النوبة بفضل سرعة مفعولها (3-5 دقائق) حتى يصل المريض الى اقرب مستشفى من دون خطر الاختناق. وتكمن خطورة الفانتولين في استخدامه بطريقة عشوائية من الناس لا سيما عند مرضى القلب لأنها تسبب دقات قلب سريعة. لذلك يجب عدم استخدام الفانتولين من دون ارشادات الطبيب لمعرفة متى يجب استخدامه ومن هم الأشخاص الذين عليهم اخذ الفانتولين، كما يجب عدم الاستعانة بالصيدلي لمعالجة الربو وانما التقييد بإرشادات الطبيب ومراجعته الدائمة له".

كيف يمكن التصرف أثناء نوبة الربو؟

وتشرح فاخوري ان "نوبة الربو تكون ناتجة من ضيق شديد في التنفس وانخفاض نسبة الاوكسجين، ان توقف التنفس يؤدي الى توقف القلب، لذلك من المهم جداً ان ياخذ المريض بختين من الفانتولين والتوجه به الى أقرب مستشفى، وفي حال تعذر وجود الفانتولين الاستعانة بقرصين من الكورتيزون. من الضروري اذاً ابقاء الفانتولين مع المريض تخوفاً من اي نوبة ربو.

لقد وصلنا مع مرضى الربو الملتزمين بالعلاج وبتناول الدواء بانتظام الى ان يصبح كأي انسان طبيعي لا يعاني من الربو حيث تخف نسبة الخطورة والنوبات ونسبة تدهور بعمل الرئة على المدى البعيد. وفي حال لم يعالج المريض بطريقة صحيحة فهو معرّض لمواجهة الانسداد الرئوي. صحيح ان مرض الربو مرض مزمن لكن يمكن السيطرة عليه وتفادي مضاعفاته".