أفادت مصادر جنوبية عليمة بأوضاع النازحين السوريين لـ«الجمهورية» أنّ دفعات جديدة من هؤلاء النازحين الى الجنوب تحديداً، ستغادر باتّجاه بلادها وبشكل طوعي وإرادي وأنّ هناك عمليات تسجيل لأسماء هؤلاء لاتّخاذ الإجراءات القانونية والمواكبة الأمنية لهم خلال عودتهم الى ديارهم في سوريا، على غرار الدفعة التي غادرت بلدة شبعا الاسبوع الماضي الى بلدتها بيت جن السورية ومزرعة بيت جن ايضاً وقوامها 500 شخص من النساء والأطفال وكبار السن
 

ونفت المصادر أن تكون المجموعات السورية التي تتحضّر للعودة ستُجبَر على ذلك، بل إنه بملء ارادتها بعد عودة الاستقرار الى بلداتها في سوريا وانتهاء العام الدراسي لأبنائها على الاراضي الجنوبية وعلى ابعد تقدير اواخر شهر أيار، مؤكّدةً أنّ «العدد قد يصل الى 1500 شخص آخرين يرغبون بالعودة الطوعية الى سوريا وعلى 3 دفعات، وأنّ الامر يجري بالتنسيق مع الحكومة السورية التي سترسل عادة حافلات لنقلهم من منطقتي العرقوب ومرجعيون حيث يصل عددهم هناك الى نحو 30 الف نازح موزعين على بلدات وقرى هاتين المنطقتين، وأنّ مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين أُحيطت علماً بذلك وهي من خلال جمعياتها المعنية تتأكّد ما إذا كانت العودة إرادية أو عكس ذلك، وأنّ الراغبين بالعودة أكّدوا أنّ عودتهم كغيرهم ممَّن سبقوهم ستكون اختيارية وطوعيّة بعدما عاد الاستقرار الى بلداتهم في الغوطة الغربية لدمشق».

ولهذه الغاية وصل إلى بروكسل الوفد الوزاري اللبناني، للمشاركة في المؤتمر الوزاري المخصّص للبحث في شؤون النازحين على الصعد كافة والمقرّر غداً، وضمّ الوفد وزراء التربية والتعليم العالي مروان حماده، الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي والدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، المدير العام لوزارة التربية فادي يرق، ومن المقرّر أن يشارك الوفد في الجلسات الوزارية التي تُعقد اليوم للبحث في الشؤون السياسية والاقتصادية الخاصة بالنازحين وفي أوضاع دول الجوار التي تستضيف النازحين، وسوف يسعى لبنان إلى زيادة المساهمات الدولية نظراً لتضخّم الاحتياجات وزيادة الضغط على المنشآت التربوية والصحية والاجتماعية، وذلك بمشاركةِ عددٍ من هيئات المجتمع المدني والجمعيات غير الحكومية ووزراء من الأردن وتركيا إلى جانب لبنان.

وذكرت المصادر المواكبة للوفد لـ«الجمهورية» أنّ نحو 6 ملايين سوري نزحوا خلال السنوات السبع للحرب السورية الى مختلف دول العالم، ومنهم نزوح مليون ونصف المليون سوري الى الداخل اللبناني حيث استقبلتهم كافة المناطق اللبنانية استقبالاً إنسانياً وقامت بالواجب تجاههم، وأنّ الدولة اللبنانية والجمعيات الدولية والإنسانية قدّمت لهم كل احتياجاتهم في بدء نزوحهم إلّا أنّ معظم الجمعيات ونتيجة الشحّ في التمويل الدولي توقف مساعدتهم.

وبقيت الدولة اللبنانية من خلال مختلف الإدارات والوزارات ترعى شؤونهم الإنسانية وهم بحاجة الى كل شي من المتطلّبات الحياتية من طبابة ومياه وكهرباء وتعليم وسكن، لذلك شكّلوا عنصرَ ضغط قوي على الاقتصاد اللبناني ونافسوا اليد العاملة اللبنانية، خصوصاً وأنّ لبنان لم ينل ممّا أقرّته لهم المؤتمرات والدول المانحة سوى 50 بالمئة من القيمة المطلوبة.

وأشارت الى أنه مع عودة الاستقرار الأمني الى معظم المناطق السورية فإنّ لبنان يبحث مع مفوّضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تفاصيل عملية عودة النازحين وتقديم مستلزماتهم، بانتظار العودة الكلية لهم عند وقف الحرب في سوريا خصوصاً وأنّ إعادة إعمارها يحتاج الى أيدٍ عاملة خبيرة في البناء وهم يملكون هذه المقدرة، مؤكدةً أنّ مؤتمر بروكسل الذي سيحضره الوفد الوزاري اللبناني سوف يقدّم مساعدات للنازحين السوريين الى لبنان طالما أنّ عدمَ الاستقرار النهائي في سوريا لم يتأمّن حتى الآن، الأمر الذي يضطرهم للبقاء في لبنان ولكنّ هذا الأمر ما زال وعداً ليس أكثر ومرهوناً بالتنفيذ الذي يحتاج الى آليات عملانية «لينطبق حسابُ الحقل على حساب البيدر» كما يقول المثل الشعبي اللبناني.

وأوضح مصدر بلدي جنوبي لـ«الجمهورية» أنه «بعد أن أصبح عدد النازحين السوريين يفوق التوقعات والإمكانيات وتحوّل الى هاجسٍ وعبء على لبنان وخصوصاً على البلديات»، معتبراً أنّ «ما قامت به البلديات حتى الآن يشكّل سابقة إنسانية نادرة ومميّزة في تأمين العيش الكريم لعدد كبير من النازحين ما فاق قدرتها، وهي تحتاج لدعم وتمويل آخر لتلبية متطلّبات النازحين الحياتية».

ولفت الى أنّ السماح لهم بإنشاء مؤسسات ومحال تجارية من دون تراخيص قانونية، كان خطأً غيرَ مبرَّر، مؤكّداً عدمَ ملاحقة السيارات والآليات المخالفة للقانون التي يملكها النازحون وخصوصاً الدراجات النارية وعدم مراقبة العاملين في المؤسسات الخاصة مثل المطاعم والمقاهي»، داعياً الى «التشدّد بمنع عمالة الأطفال السوريين».

وطالب بـ«إجراء دورات توعية تشجّع النازح على العودة الى دياره وتأمين المساعدات التي تشجّعه على العودة الى بلاده خصوصاً تلك التي عاد الاستقرارُ والهدوءُ اليها، داعياً الى التنسيق الكامل مع البلديات قبل توزيع المساعدات حالياً حيث يستفيد النازح من أكثر من مؤسسة محلية ودولية، رغم أنّ برنامج الأغذية العالمي أوقف مساعداته من خلال البطاقة الممغنطة لنحو 30 الف سوري في لبنان مطلع العام الحالي.