أدّى التطوّرُ الرقمي الهائل الى ظهورِ نوعٍ جديد من العنف هو عنفُ المعلومات الذي تخطّى الإيجابيات الكثيرة التي تتمتع بها الشبكاتُ الاجتماعية وأصبح من أخطر سلبيّاتها
 

على رغم الفوائد الكثيرة للتكنولوجيا الحديثة وأهميّتها في حياتنا المعاصرة من كل النواحي الحياتية الشخصية والمهنية، ودورها في إعادة اتّصال الكثير من الأشخاص ببعضهم بعضاً، إلّا أنّ سوء استخدامها من قبل البعض، جعل منها وسائلَ تَنتهك الخصوصية والأدبيّات، ما أدّى الى ظهور طرق جديدة من العنف، تختلف عن سابقاتها، تُعرف تحت مسمى «العنف الرقمي».

أسبابُه وسلبياتُه

أصبح العنف الرقمي من الأمور الروتينية التي نواجهها في الآونة الأخيرة، حتى إنه لم يعد يشكّل إزعاجاً كبيراً في غالب الأحيان، لو أنه دخل الى حياتنا الخاصة والى بيوتنا ويشكّل خطراً علينا وعلى علاقاتنا بالآخرين. ومن أبرز سلبيّات العنف الرقمي هو نشر محتوى موجّه ضد الآخرين، في قضايا سياسية أو إجتماعية أو شخصية، بهدف تشويه السمعة أو إلحاق الأذى النفسي والجسدي.

أما أسبابُ انتشار العنف في المحتوى الرقمي، قيعود الى غياب الرقابة في ظلّ غياب القوانين التي تنظّم الفضاء الرقمي، وطربقة التعامل بين الإنسان والآلة. فإمكانية إنشاء حسابات وهمية بأسماء مستعارة من أجل التطفل ومضايقة الآخرين، شجّعت الكثيرين للتوجه نحو ممارسة العنف الرقمي وأعطتهم القدرة على الوصول الى أيّ مكان في العالم من دون أن يستطيع أحدٌ التعرّف الى هويتهم الحقيقية، وبالتالي لن تطالهم أيُّ عقوبات. وهذه الأسباب أنتجت حالةً جديدة من السلوك البشري لم تكن موجودة في العقد الماضي، تستهدف كل شرائح المجتمع المتّصلة بشبكة الإنترنت.

أبرز أشكاله

يأتي العنف الرقمي بأشكال عدة، أبرزها إنتشار مقاطع وألعاب العنف والقتل وإطلاق النار المتوافرة على الأجهزة الذكية، والمعلومات المنفلّتة التي من شأنها تأجيج النزاعات وخلخلة التماسك والروابط الاجتماعية، وتنتج عنها ردّات فعل نفسية سيّئة في الواقع الحقيقي.

ومن مظاهر العنف الرقمي أيضاً إنتشار البرمجيات والتطبيقات الضارة التي تنتشر بأشكال وطرق متعددة جميعها تهدف الى التجسّس على الآخرين عبر اختراق البريد الإلكتروني، أو السطو على الحسابات، أو التطفّل والتجسّس على الدردشات أو اختراق جهازه الذكي للإطّلاع على محتوياته والملفّات المحفوظة عليه. وكل ذلك يخدم غرضاً واحداً، هو إلحاق الضرر والحرج لصاحبها وابتزازه مادياً مقابل عدم إفشاء خصوصياته ومناقشتها على شبكات التواصل الإجتماعي، أو نشر الشائعات والأكاذيب حوله.

وسائل الوقاية
إنّ أفضل وسيلة للوقاية من العنف الرقمي هي التعامل الإيجابي مع التكنولوجيا بكافة جوانبها عموماً، ومع مواقع التواصل الإجتماعي وبرامج الدردشة خصوصاً. وتبقى برامجُ التوعية من أهمّ السلوكيات التي تحدّ من انتشار العنف الرقمي، بحيث أصبح من المهم أيضاً تخصيصُ أوقاتٍ لبرامج خاصة في المناهج المدرسية، تشرح للطلاب كيفيّة استخدام الإنترنت بشكل صحيح، وطرق الوقاية والسلامة من مخاطره.

(شادي عواد)