.. وكأنّ قلبها اليافع كان يُقلِقُها من أمرٍ ما. شاورت والدتها، اطّلعت على أوراق "الأب" الثبوتيّة ولمّا تأكدت من هويته وافقت على العرض. حانت ساعة العمل، حضر "والد التلميذة" بسيارته الرباعية الدفع ليقلّها الى منزله، وبدل أن تبدأ أوّل حِصّة تعليمية  لـ "ابنته المزعومة"، بدأت معاناتها مع شهوته التي سالت لساعات طوال في منطقة نائية وسط توسّل الطالبة له أن يتركها بسلام.

هذه الحادثة المأسوية، كشفت فصولها وقائع حكم صادر عن محكمة جنايات جبل لبنان برئاسة القاضي عبد الرحيم حمّود أورد فيه أنّ "ليال" (اسم مستعار) هي طالبة جامعية، حضرت الى فصيلة الجديدة وأفادت أنّه ظهر يوم ربيعي، حضر "أمين.ع" الى غرفة "الفواييه" (بيت الطلبة) التي تتخذ منها مسكناً في محلّة الفنار، وأوهمها أنّه يبحث عن مُدرّسة لابنته لتدرّسها في المنزل في منطقة جبيل.

شاورت الطالبة والدتها وطلبت من "الوالد المزعوم" ابراز بيان قيده الإفرادي. لم يتردّد الأخير في إثبات هويته ولمّا تأكّدت أن اسمه "امين.ع" والرسم الشمسي الموضوع على بيان القيد مطابقاً لوجهه، طلبت رقم هاتفه فأعطاها إيّاه. فكّرت الفتاة بالموضوع وأخذت موافقة أمّها ثمّ اتّصلت بـ "الوالد" وأبلغته موافقتها على العرض.

بعد ظهراليوم نفسه، حضر "امين" الى الفنار وأقلّها الى منطقة جبيل داخل سيّارته نوع "نيسان باثفيندر" لون أسود، وبوصولهما الى المنطقة أبلغها بأنّه يريد أن يسلّم آلة جلخ كهربائيّة لأحد العمّال السوريين قبل التوجّه الى منزله. انحرف بسيّارته الى منطقة نائية كثيفة الأشجار، ركن السيارة جانباً، وأمسكها بعنف من يدها وأخذ منها هاتفها الخلوي ونزع بطّاريته، وطلب ممارسة الجنس معها واعداً إيّاها بأنّه لن يُفقدها عذريتها.

رفضت الفتاة الإستجابة لطلبه وراحت تصرخ وتستغيث، فصار يصرخ بوجهها ويقبّلها عنوة ثمّ طلب منها نزع ثيابها فراحت تقاومه قبل أن يبدأ بارتكاب أفعال منافية للحشمة معها. عندما أعيتها حيلة المقاومة، بدأت "ليال"، تتوسل اليه وتستحلفه بأقدس المقدسات لديه، وظلّت تخاطبه بهدوء لأكثر من ثلاث ساعات، طالبة منه أن يعتبرها بمثابة إبنته واعدة إيّاه بألّا تُخبر أحداً بما حصل إذا ما أعادها الى "الفواييه" وهدّدته بأن تقتل نفسها إذا لم يفعل.

استشاط السائق غضباً وأخبر "ليال"، بأنّه هو من سيقتل نفسه وسحب سكين "موس" وهدّد بجرح معصمه، ثمّ رماها خارج السيّارة وكان طوال الوقت يُحاول اغتصابها ويتحرّش بها مهدّداً بضربها وإيذائها. نجحت الصبية في اقناع المتحرّش بالتوجّه الى شاطئ البحر واعدة إيّاه بتلبية طلبه وكانت تأمل الفرار منه، لكنّه أجابها بأنّ محرّك السيّارة لا يعمل، وشهر سكيناً أخرى بوجهها وهدّدها بقتلها وقتل نفسه موجّهاً اليها الشتائم والإهانات. كررت توسلاتها مجدّدا بتركها وإعادتها الى منزل أهلها، وقالت له أنّها سامحته ولن تُخبر أحداً بالموضوع .

عقارب الساعة قاربت على الحادية عشرة ليلاً، وافق "أمين" على اطلاق سراح الفتاة، فترجّلا من السيّارة "المعطّلة" وذهبا سيراً على الأقدام حتى وصلا الى منزل يُقيم فيه رجل مصري مع زوجته، وأخبراهما أنّ "أمين" وجدها تائهة. طلبت "ليال" من صاحب الدار أن يقلّها الى دير مار شربل القريب من المكان، هناك نزلت عند حاجز للجيش حيث أخبرت عناصره بما حصل فصودف مرور دورية من الأمن العام عمدت الى نقلها الى غرفتها في الفنار.

في التحقيق، أكّدت الطالبة أن الشاب لم يُمارس معها الجنس كونها مانعته، وأنّ شقيق "أمين" اتصل بها في اليوم التالي بعدما عرف بالموضوع وطلب منها تقديم شكوى بحق شقيقه.

وقد بيّنت الإستقصاءات والتحريات المجراة أنّه توجد أسبقيات بحق المتهم "أمين.ع" بجرائم مخدّرات ولواط وسرقة ونشل وتحرّش ومحاولة تحرّش جنسي ومحاولة اغتصاب، وأنّ الأخير غير متواجد في منزله ويعمل كحدّاد  افرنجي وسبق أن نفّذ أعمال حدادة في منزل قريب من "الفواييه" حيث تقيم الطالبة المدعية.

وقبل أن يتم توقيف الجاني بتهمة التحرش، أوقف بدعوى أخرى  وأصبح نزيل سجن روميه، فانتقلت دورية من مكتب حماية الآداب الى السجن وتمّ التحقيق معه في القضية فاستغرب إدعاء الطالبة بوجهه، مؤكّداً أنّه لم يلتقِ بها داخل "الفواييه" في الفنار ولم يبرز اخراج قيده لا لها ولا لمالكته، مشيراً الى أنّه يملك أربع سيارات من بينها واحدة "باثفايندر" مضيفاً أنّ أوصافه تتشابه مع أوصاف قريب له يعتقد أنّه هو من لفّق له هذه التهمة انتقاماً منه لأنّه بدّل ديانته.

محكمة الجنايات في جبل لبنان برئاسة القاضي عبد الرحيم حمّود أنزلت عقوبة الأشغال الشاقة المؤقّتة مدّة أربع سنوات بالمتهم على أن تحسب له مدة توقيفه الاحتياطي.