تأخر التشخيص المبكر وتدني مستويات الوعي العام بداء الانسداد الرئوي المزمن في لبنان، وعدم وجود طرق تشخيص موحدة، يؤدي إلى تفاقم المرض واعراضه. ويعتبر هذا المرض مصدر قلق في البلدان النامية وهو الرابع عالميا كسبب رئيسي للوفاة مع توقعات بأن يصبح الثالث بحلول عام 2030، بحسب دراسة علمية تجريبية "DYNAGITO" نشرت في مجلة لانسيت لطب الأمراض التنفسية، واجرتها "بوهرنجر إنجلهايم"، واستمرت 52 أسبوعاً، وشملت أكثر من 7800 شخص مصاب بالانسداد الرئوي المزمن.

والانسداد الرئوي المزمن مرض رئوي يسبب انسداداً في تدفق الهواء من الرئتين. وتشمل الأعراض الأكثر شيوعاً ضيق التنفس إفراز البلغم والسعال ومن أبرز أسبابه التدخين والتعرض للغازات والمواد الكيماوية أو الغبار لفترات طويلة. وتشير الدراسات والاحصاءات إلى أن الأشخاص المصابين به أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب وسرطان الرئة وأمراض أخرى مختلفة.

وأعراض الانسداد الرئوي المزمن تظهر أحيانا حين يحدث تلف كبير في الرئة، وتتفاقم، خصوصا إذا كان المريض من المدخنين. وتشمل هذه الأعراض ضيق التنفس وضيق الصدر وزيادة إفراز البلغم في الرئتين والتهابات الجهاز التنفسي المتكررة، فضلاً عن انخفاض طاقة المريض.

وأظهرت نتائج دراسة "DYNAGITO" انخفاض معدل تفاقم أعراض المرض بشكل كبير عند المرضى المشخصين والمشاركين بالدراسة. وتدعم هذه النتائج المبادرة العالمية الدولية للانسداد الرئوي المزمن 2018، التي تركز على اهمية الدور الذي تلعبه العلاجات في إدارة هذا المرض المزمن، وتساعد على تحقيق أهداف العلاج الأساسية، اي تقليل الأعراض ومخاطر تفاقمه.

في لبنان نعاني من نقص في المعلومات العامة وغياب طرق التشخيص تؤدي الى وجود نسبة كبيرة غير مشخصة، وهذا الوضع يفاقم الحالات فتصل إلى مراحل متقدمة. نسبة انتشار الانسداد الرئوي المزمن، والتي تم تعديلها حسب العمر ونوع الجنس في لبنان تبلغ 5.3% مع معدلات تشخيص منخفضة بلغت نسبتها 28.8%.

ومعدل انتشار مرض الانسداد الرئوي المزمن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو 4% عند البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 40 سنة في عموم السكان.

الدكتور زين الدين

وتحدث رئيس الجمعية اللبنانية للأمراض الصدريّة الدكتور صلاح زين الدين عن ارتفاع نسبة الانسداد الرئوي المزمن في لبنان، "هناك 80 ٪ من الحالات لم يتم تشخيصها من قبل الطبيب. فالأفراد الأكبر سناً إلى المدخنين، لديهم خطر متزايد من داء الانسداد الرئوي المزمن. لذلك يجب زيادة الوعي وتحسين طرق التشخيص. ويعتبر التشخيص المبكر أمراً مهماً لإدارة تطور المرض للتعايش والسيطرة عليه، ويمكن أن يسهم تقليل الأعراض في تقديم تأثير إيجابي على تطور المرض. وقد يؤدي تطور المرض إلى فقدان 25% من وظائف الرئة، ما يؤدي في الغالب إلى الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن بشكل أسرع".

"تظهر عادةً أعراض المرض نتيجةً للإصابة بالتهاب في الرئتين أو القنوات التنفسية أو استنشاق الهواء الملوث. ويمكن منع تفاقم أعراض الانسداد الرئوي المزمن عن طريق الإقلاع عن التدخين والتلقيح ضد الأنفلونزا والالتهاب الرئوي في الوقت المناسب، إلى زيادة النشاط البدني والالتزام بالأدوية الخاصة وزيارة الأطباء بشكل منتظم والنوم الكافي وشرب كمية كافية من الماء".

الدكتور مشرف

وقال المدير الطبي في "بوهرنجر إنجلهايم" في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا الدكتور محمد مشرف: "نعمل بشكل حثيث لتطوير فهم دقيق لأمراض الجهاز التنفسي المزمنة، التي تتزايد نسبة انتشارها باستمرار وارتفاع معدلات الوفيات الناجمة عنها. ومع تأثيرها الاقتصادي والاجتماعي المرتفع، يمكن أن يؤدي التدخل المبكر إلى تسجيل انخفاض كبير في تكاليف العلاج والوفيات. من المهم أن يتم العمل بشكل وثيق مع مزودي خدمات الرعاية الصحية والهيئات الحكومية لضمان تحقيق نتائج صحية أفضل لسكان المنطقة، التي لا تزال تعاني من انتشار كبير للعوامل المسببة للأمراض القلبية والتنفسية".

وبحسب منظمة الصحة العالمية، واحد من كل ثلاثة أشخاص يتم نقلهم إلى المستشفى، قد يعودون إليها بعد تفاقم أعراض المرض في غضون ثمانية أسابيع. وتشمل عوامل الخطر التي تسهم في تطور مرض الانسداد الرئوي المزمن تدخين التبغ وتلوث الهواء في الأماكن المغلقة والمفتوحة، فضلاً عن التعرض للغبار والمواد الكيميائية في أماكن العمل. ويعد المرض أحد أكثر الحالات الصحية إثارةً للقلق في البلدان النامية، ويحتل المرتبة الرابعة كسبب رئيسي للوفاة حول العالم، ويتوقع أن يصبح ثالث سبب رئيسي بحلول العام 2030.

ودراسة DYNAGITO، هي أول دراسة تقوم بالتحقق، إذا كانت مضادات الكولين طويلة المفعول أو محفزات بيتا 2 طويلة المفعول تسهمان في خفض المعدل السنوي للتفاقم المعتدل والشديد لأعراض المرض بعد تقديم مضادات للمرضى الذين يعانون من الانسداد الرئوي المزمن المعتدل إلى الشديد جداً. تعد هذه التجربة جزءاً من المرحلة الثالثة من برنامج التجارب السريرية واسع النطاق، والذي يشمل أكثر من 16 ألف مريض وصمم للتحقق من فعالية وسلامة التيوتروبيوم والأولوداتيرول في معالجة داء الانسداد الرئوي المزمن.